الفعل الفاضح الخادش للحياء العام
إن النظام الأساسي للحكم هو الذي يحدد مضمون النظام العام، ومنه تستمد القواعد القانونية مشروعيتها كما ورد في المادة الـ41 من النظام الأساسي للحكم بوجوب مراعاة قيم المجتمع السعودي واحترام تقاليده ومشاعره لاعتبار أن لكل مجتمع قيما دينية وأخلاقية وعادات وتقاليد شائعة تشكل سلوكه وفكرة الحياء داخل المجتمع الذي يعتبر جزءا من النظام العام.
وقد وجه أمير منطقة مكة المكرمة، مستشار خادم الحرمين الشريفين، الأمير خالد الفيصل بصيانة النظام العام بمنع المخالفات المنافية للقيم الإسلامية والمتعارضة مع العادات والتقاليد السعودية على ضوء ما نشر لمقطع فيديو عبر وسائل التواصل الاجتماعي لزفة عروسين يسيران على الأقدام بالشارع العام وسط السيارات لوحدهما، ثم انتشر مقطع آخر لوافد يقوم بالرقص على الواجهة البحرية في كورنيش جدة ويقدم هدية لامرأة أمام عامة الناس، وبالتأكيد أن مثل هذه التصرفات تعتبر مغايرة لقواعد السلوك التي تسيطر على جميع العلاقات داخل المجتمع من تقاليد وأعراف وضوابط أخلاقية، وأن الفعل الفاضح يعد أمرا مخلا بالحياء العام المخالف لقواعد السلوك التي يتفق المجتمع على عدم مخالفتها، فحينما يتصرف الفرد داخل المجتمع بفعل يخدش حياء العين أو الأذن فإن ذلك يعتبر فعلا مخلا بالحياء داخل المجتمع كالرقص بالشارع العام أو اللباس غير المحتشم سواء من الرجل أو المرأة، أو ممارسة بعض الطقوس الخارجة عن عرف البلد والتي يستقبحها عامة الناس أو بمباشرة الرجل تقبيل زوجته أو ضمها ونحوه أمام أعين العامة.
وبالتأكيد أن الدولة متجهة إلى ضبط السلوك العام من خلال مشروع نظام حماية الذوق العام الذي ينقسم إلى أربعة أقسام: قسم يعالج المخالفات التي تقع في الطرق والمرافق العامة، وقسم يعالج المخالفات التي تقع في المساجد، والقسم الثالث معالجة المخالفات التي تمس الذوق العام، والقسم الرابع معالجة ما يقع في فضاء الإعلام والوسائط الالكترونية، وتصل بعض العقوبات إلى ما لا يزيد على 3 آلاف ريال ولا تقل عن 300 ريال، وبعقوبة سجن لا تزيد على شهرين أو يعاقب بكلا العقوبتين، وقد قصد مشروع النظام الذي ناقشه مجلس الشورى من تجريم بعض الأفعال المخلة بالنظام العام حماية الشعور العام وصيانة إحساس المجتمع من أن تخدشه بعض المناظر التي تخرج عن القيم الدينية أو عرف البلد.
وأعتقد أن تطبيق النظام سيحدث شدا وجذبا بين رجل السلطة الذي يطبق النظام وبين المخالف في الشارع العام ما لم يكن هنالك توعية كاملة تقوم بها كافة مؤسسات المجتمع والدولة بضرورة احترام الذوق العام والحياء والآداب العامة داخل المجتمع، لأننا يجب أن نفرق بين حسن النية وبين السلوك المتعمد في الخروج عن الذوق والحياء العام، وفي مشروع النظام الذي طرح هنالك فروض لو وقعت من الأفراد في الشارع العام من الممكن أنها تكيف وتصبح واضحة المعالم لرجل السلطة لكي يطبق عليها النظام الذي خالفته، ولكن هنالك فروض يصعب تطبيق النظام عليها وتحتاج إلى إعادة النظر في صياغتها والحل يكون في إصدار قواعد قانونية تعالج السلوك المتعمد والمقصود به الخروج عن الذوق والحياء العام، مع مصاحبة ذلك بتوعية تضبط سلوك الأفراد داخل المجتمع.
عبدالله قاسم العنزي
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً