الجريمة المنظمة
القاضي عماد عبد الله
الجريمة بحد ذاتها أمر مرفوض من الناحية الاجتماعية والقانونية وقد وضع المشرع العقوبات المناسبة لها وذلك للحد منها وردع من تسول نفسه ارتكاب تلك الجرائم وعندما تكون الجريمة سلوكا فرديا تكون اقل خطورة منها عندما تكون سلوكا جماعيا القصد منها التجارة غير المشروعة بتلك الجرائم لان هذا الامر سيشكل تهديدا مباشرا للمجتمع المحلي والدولي بأسره حيث ان خطر تلك الجريمة سيأخذ طابع التنظيم والتكرار فهذا المستوى العالي من التنظيم يمكن هذه المنظمات من الاستمرار والنجاح في أساليبها الإجرامية حيث يمتاز سلوكها الإجرامي بالتخطيط الدقيق المسبق والاحتراف عبر ارتكابها لسلسلة طويلة من الجرائم.
ويتخذ النشاط الإجرامي للجريمة المنظمة شكلا هرميا يقوم على أساس المستويات الوظيفية المتدرجة يتولى القائد السلطة والهيمنة على اتخاذ القرارات ويكون على افراد المجموعة اطاعته ويمتاز النشاط الإجرامي للمنظمة بالاستمرار حيث تأخذ المنظمة الاجرامية من ذلك النشاط الاجرامي مصدراً للحصول على الاموال الطائلة عن طريق العصابات الاجرامية المنظمة التي تستعمل العنف والارهاب لتحقيق اهدافها لذلك باتت تلك الجرائم محل رفض واستياء المجتمع الدولي ومن تلك الجرائم على سبيل المثال جرائم الاتجار بالرقيق والمتاجرة بالأشخاص لغرض الدعارة والاتجار بالمخدرات وجرائم الإرهاب وجرائم غسل الأموال.
وللجريمة المنظمة آثار خطيرة من الناحية الاقتصادية حيث تقوم تلك العصابات في كثير من الاحيان بالسيطرة على قطاع معين من القطاعات الاقتصادية في الدولة لتحقيق مكاسب مالية غير مشروعة او لغسل اموالها غير المشروعة من خلال ذلك القطاع الاقتصادي مما يؤثر على اقتصاد الدولة والتأثير على الدخل القومي لها كما لها تأثير من الناحية السياسية عبر التأثير على العملية الديمقراطية وتشويهها أما من الناحية الاجتماعية تؤدي الجريمة الى افساد المجتمع وضياع القيم الأخلاقية فيه بالإضافة الى اضعاف الاجهزة الامنية في مواجهة تلك الجريمة وتمتاز الجريمة المنظمة بجملة من الخصائص منها ان يكون عدد أفرادها اكثر من ثلاث أشخاص وتستخدم العنف فيها والهدف منها الحصول على الربح المادي .
كما تتسم بأنها جريمة عابرة للحدود الوطنية أي خارج الدولة لتتم ممارستها في أي اقليم او بلد آخر ومن الاسباب الرئيسية لظهور هذه الجريمة ضعف الأنظمة القانونية المطبقة في البلد ما يجعل الأشخاص يلجأون الى أخذ حقوقهم بالعنف وبالطرق غير القانونية وانهيار منظومة القيم الاخلاقية في المجتمع واتساع الهوة بين الطبقات في المجتمع والفساد المستشري في المجتمع وكذلك الحروب والتحولات العالمية.
وقد عانت دول العالم كافة من تلك الجرائم ما حدا بها الى عقد الكثير من الاجتماعات والمؤتمرات التي تمخض عنها في عام 2004 اتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية وقد انضم العراق الى اتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية والبرتوكولين الملحقين بها بموجب القانون رقم 20 لسنة 2007 وقد انضم العراق الى الاتفاقية بتاريخ 2/5/2007.
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً