الاختصاص العام الدولي للمحاكم العراقية / للقاضي كاظم عبد جاسم الزيدي
المقصود بالاختصاص العام الدولي مدى ولاية المحاكم العراقية بنظر الدعوى التي ترفع على أجنبي في العراق سواء أقيمت علية من عراقي أو أجنبي وهذه الدعاوى اما مدنية أو متعلقة بالأحوال الشخصية وللمحاكم في الدول المختلفة ولاية على الأجنبي المقيم فيها اما الأجنبي الذي لا يقيم في ارض الدولة فالأصل ان لا يتبع محاكمها وتنظم التشريعات في الدول مدى ولاية محاكمها على الأجانب الذين لا يقيمون في أراضيها، تيسيرا لمواطنيها وحتى لا يحرموا من مقاضاة من تعامل معهم. والقاعدة انه عند التنازع في الاختصاص يتعين الرجوع إلى القانون الوطني الذي يحدد مدى سلطان المحاكم الوطنية بالنسبة للمنازعات التي تنشا عن تنفيذ علاقة قانونية أجنبية تكملها قواعد الفقه الدولي إلا إذا وجدت معاهدة معدلة لها ومقررة وجوب اتباع أخرى
ولقواعد تنازع الاختصاص أهمية عملية إذ أنها تسبق قواعد تنازع القوانين في التطبيق كما ان ثبوت الاختصاص لمحاكم دولة معينة يجعل الحكم بقواعد الإسناد الخاصة بها ويجعل تكيف العلاقة المتنازع عليها من اختصاص تشريعها ويحتم مراعاة النظام العام فيها والشكليات التي توجبه قوانينها والأجانب لهم حق الادعاء على العراقيين أمام المحاكم العراقية والعكس أيضا يجوز ويجوز للأجانب في بعض الحالات فيما بينهم التقاضي أمام المحاكم العراقية
ان قانون المرافعات المدنية العراقي رقم83 لسنة1969 لم يتضمن نصوصا تتعلق بتنظيم الاختصاص القضائي للمحاكم العراقية على عكس قانون المرافعات المدنية والتجارية المصري فقد نظم هذا الاختصاص في المواد28-35 تحت عنوان الاختصاص الدولي للمحاكم ويظهر من ذلك ان قانون المرافعات الدنية العراقي اكتفى بماورد في المادتين14و15 من القانون المدني العراقي رقم 40 لسنة 1951 المعدل وعلى بعض النصوص في قانون الأحوال الشخصية رقم188 لسنة 1959 المعدل ووفقا للاختصاص الدولي للمحاكم وفق القانون المدني العراقي يشمل هذا الاختصاص الحالات التالية:
1. المدعى علية عراقيا: تنص المادة 14 من القانون المدني العراقي على ما يلي (يقاضى العراقي أمام محاكم العراقة عما ترتب في ذمته من حقوق حتى ما نشا عنها في الخارج) ان هذا النص يتماشى والقاعدة المقررة في الاختصاص المكاني في ان دعوى الدين أو المنقول تقام في محكمة إقامة المدعى علية وكذلك الأصل ان ذمة المدين غير مشغولة فالأصل براءة الذمة ولا فرق في ان يكون المدعى اجنبيا ام عراقيا وسواء نشا سبب الدعوى في العراق ام خارجة وسواء كان سبب الدعوى دين ام منقول بشرط ان يكون المنقول موجودا في العراق ان هذا الحق يعتبر تطبيقا للمبادئ العامة بخصوص سيادة الدولة على مواطنيها لان السيادة تباشر على الإقليم والأشخاص الموجودين في إقليم الدولة ان هذه القاعدة مبنية على قاعدة المدعي يسعى إلى المدعي علية ويجب ان يخاصمه في دولته حتى يتمكن من تنفيذ الأحكام القضائية باعتبار ان الأصل براءة الذمة وحتى لا تتضرر مصالح المدين ان المدعى علية إذا كان يحمل الجنسية العراقية وقت رفع الدعوى يمكن مقاضاته أمام المحاكم العراقية سواء كان المدعى عراقيا ام اجنبيا شخصا طبيعيا ام معنويا وسواء كانت الدعوى شخصية ام عينية إذا كانت الأموال موجودة في العراق فقط وسواء كانت المعاملة حدثت في العراق ام في الخارج. ان هذا الحق يثبت بنص وارد في القانون الوطني في حالة وجود نزاع بخصوص هذا الاختصاص فان التنازع يزول بالرجوع إلى حكم النص الوطني بالرغم من وجود أي نص آخر في بقية قوانين دول العالم وان المحكمة العراقية تتمتع بهذا الحق مطلقا بالرغم من أي اعتبار آخر ولا يجوز الاتفاق على خلاف ذلك لان ذلك من النظام العام ولا يجوز نظر الدعوى العقارية إذا كان المدعى علية عراقيا بخصوص العقارات الموجودة خارج العراق وذلك بموجب المادة الرابعة والعشرون من القانون المدني العراقي
2. المدعى علية اجنبيا موجودا في العراق ويقاضى الأجنبي أمام المحاكم العراقية إذا وجد في العراق وإذا كانت المقاضاة في حق متعلق بعقار موجود في العراق أو بمنقول موجود فيه وقت رفع الدعوى وإذا كان موضوع التقاضي عقدا تم إبرامه في العراق أو كان واجب التنفيذ فيه أو كان التقاضي عن حادثة وقعت في العراق وهذا ما نصت علية المادة15 من القانون المدني العراقي حيث ان الأجنبي لا يمكن ان تقام ضده دعوى إذا لم يكن موجودا في العراق ويشمل هذا الاختصاص كل الدعاوى عدا الدعاوى العقارية ان مجرد الوجود المادي ولو كان عارضا، يفسح المجال في إقامة الدعوى علية حتى لو ترك العراق بعد ذلك وفي قرار محكمة التمييز جاء فيه بان الشركات التي يكون مركزها الرئيسي في الخارج ولها أعمال في العراق يعتبر مركز إدارتها بالنسبة للقانون الداخلي الذي فيه إدارة ا عمالها في العراق وكذلك فانه في قضايا الإفلاس فان القانون العراقي اخذ بإقليمية دعوى الإفلاس في حالة عدم وجود معاهدة دولية نافذة في العراق ولهذه المحكمة اختصاصا شاملا للنظر في الدعاوى الناشئة عن التفليسة وفي قانون الأحوال الشخصية العراقي
فقد اوجب القانون بان يخضع العراقي للقانون العراقي مطلقا وبغض النظر عن أي اعتبار آخر استنادا إلى حكم المادتين14و19 والقاعدة العامة ان تقام دعوى الأحوال الشخصية في محكمة إقامة المدعى علية وان لو يكن له موطن أو مسكن معلوم فتقام الدعوى في المحكمة التي في دائرتها موطن المدعي او سكنه ويختلف الأمر حسب طبيعة الدعوى فالبنسبة إلى دعاوى الزواج ترفع أمام محكمة موطن المدعى علية أو محكمة محل العقد وبالنسبة لدعاوى التفريق فترفع أمام محكمة موطن المدعى علية أو محل العقد او محكمة محل حدوث الخلاف ودعاوى النفقة للأصول والفروع والزوجات تقام في محل إقامة المدعي أو المدعى علية ان من مظهر سيادة الدولة هو اختصاصها القضائي الخاص بها وان محاكمها الوطنية هي المسؤولية بفض المنازعات التي تقع على إقليمها حتى لو كانت مشوبة بعنصر أجنبي لعدم وجود محكمة دولية تختص بفض المنازعات الداخلية إلا في حالة وجود معاهدة دولية نافذة .
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً