اليقين لا يزول بالشك
أولا: معنى اليقين: الإدراك الجازم الذي لا تردد فيه، هذا اليقين.. الشك: هو مطلق التردد إذا تردد الإنسان في شيء يصدق عليه أنه شك، ما معنى: اليقين لا يزول بالشك؟ يعني أن الإنسان إذا تحقق من وجود الشىء ثم طرأ عليه شك: هل هو موجود أم لا؟ فالأصل أنه موجود، هذا معنى القاعدة: “اليقين لا يزول بالشك”يعني: أن الإنسان إذا تحقق من وجود الشىء ثم حصل له شك في زواله يعني: عدم وجوده، فهل ينظر إلى الشك ويقول: زال، أم يبني على اليقين؟ يطبق هذه القاعدة: اليقين لا يزول بالشك، يعني: اليقين ما يُزال إلا بيقين. مثلا.. طيب هذا معناها.
الدليل على هذه القاعدة من أين أخذت؟ عليها أدلة كثيرة لكن نكتفي بأبرز الأدلة وهو ما ورد في الصحيحين: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- شُكي إليه الرجل يخيل إليه أنه يجد الشىء في الصلاة
لأنه خرج منه ريح مثلا: حصل في مصارينه قرقرة، فظن أن وضوءه انتقض، فالرسول -صلى الله عليه وسلم- ألغى موضوع الشك وقال: لا ينفتل -وفي لفظ لا ينصرف- حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا
والصوت انتقاض يقيني للطهارة، والريح انتقاض يقيني للطهارة، لكن مجرد أن الإنسان يخيل إليه الشىء فهذا لا يبنى عليه شيء، مجرد أنه يخيل إليه الشىء لا يبنى عليه الشىء هذا معنى القاعدة.
يقول: ادخلوا فيها من العبادات والمعاملات والحقوق شيئا كثيرا، فمن حصل له الشك في شيء منها رجع إلى الأصل المتيقن.
هذه القاعدة. . نقل القرافي في كتابه “الفروق” أنها قاعدة مجمع عليها “أن اليقين لا يزول بالشك” لكن قد يحصل الخلاف في تنزيل بعض الجزئيات على القاعدة، وقالوا: الشيخ يذكر قواعد مفرعة عن القاعدة أيضا. وقالوا: الأصل الطهارة في كل شيء هذه قاعدة المياه والثياب والأرض والأواني، الأصل فيها الطهارة حتى تتيقن زوال الطهارة بمنجس تأتي الأرض تصلي عليها؛ لأن الأصل الطهارة تدخل لك بيت مثلا تقول: والله أنا ما أدري هذا الفراش طاهر أم لا. لا. . الأصل الطهارة.
تأتي للإناء تقول: والله أنا ما أقدر أتوضأ من الإناء، يمكن يكون نجسا، نقول لك: لا. . الأصل الطهارة.
إذن الأصل في الأواني والفرش والثياب والأراضي الطهارة حتى يرد ما ينقل عن الأصل، والأصل الإباحة إلا ما دل الدليل على نجاسته أو تحرميه.
الأطعمة، مثلا الأصل فيها الإباحة والحِل إلا إذا وجد دليل يدل على أن هذا الطعام محرم، أو أن هذا الطعام نجس، والأصل براءة الذمم من الواجبات ومن حقوق الخلق حتى يقوم الدليل على خلاف ذلك.
الأصل براءة الذمة، وليس الأصل شغل الذمة؛ ولهذا الذي يدعى شغل الذمة لا بد أن يأتي بدليل، لو يأتي إنسان يقول: أنا أطلب الرّجّال هذا ألف ريال، إذن يدعي شغل الذمة.
يدعي شغل الذمة الآن، هذا على خلاف الأصل، طلبت منه البينة؛ لأنه يدعي ما يخالف الأصل، طيب اللي يقول: إنه يطلب ألف ريال، لو قال: أبدا ما عندي له شيء، عندك بينة؟ قال: لا، أيش قال له الآن المُدعى عليه؟ يقال: تحلف، افرض حلف وقال: والله ما عندي له شيء، خلاص برئت الذمة الآن.
طيب. أيهما أقوى البينة أم اليمين؟ أنا ما طلعت عن الموضوع، انتبهوا يعني في نفس الموضوع، لكن ما جاء المقصود. أيهما أقوى، البينة أقوى ولا اليمين ؟. عجيب كيف؟! البينة أقوى، الحلف بالله تعالى. صحيح البينة أقوى، لماذا؟ لأن البينة كلام من ليس بخصم، البينة ما هي كلام المدعي ولا المدعى عليه، كلام آخر، لماذا كانت اليمين أضعف؟ لأنها كلام أحد الخصمين.
طيب. لماذا…؟ إذن اتضح لنا الآن أن البينة أقوى، لماذا طُلب من المدعي الحجة الأقوى، واكتُفي من المدعى عليه بالحجة الأضعف. . نعم صحيح؛ لأن المدعي يدعي شغل الذمة وهذا على خلاف الأصل.
إذن لا بد أن يجيب بدليل قوى، والمدعى عليه عندما يقول: أنا ما عندي له دراهم ماشٍ على الأصل، فاكتفي منه بالحجة الأضعف، إذن صار الأصل في هذا أن الأصل براءة الذمم حتى يقوم الدليل الشاغل للذمة.
طيب. . قاعدة بعدها مرتبة عليها: شُغلت الذمة الآن، قال: الأصل بقاء ما اشتغلت به الذمم من حقوق الله وحقوق عباده. …
أن الأصل براءة الذمم، حتى يقوم الدليل الشاغل للذمة. طيب. قاعدة بعدها مرتبة عليها، شغلت الذمة الآن.
قال: والأصل بقاء ما اشتغلت به الذمم، من حقوق الله، وحقوق عباده؛ حتى يتيقن البراءة والأداء. نعم، الذمة إذا شغلت، لا يزول ذلك إلا بيقين، نرجع للقاعدة، لابد من اليقين.
مثل إنسان مثلا حصل عنده شك أنه: صلى الظهر، ولا ما صلى، حصل عنده شك الآن أنه صلى الظهر، ولا ما صلى، إذن الآن الذمة الآن مشغولة بصلاة الظهر، قبل الأداء، هو تيقن الآن البراءة، ولا ما تيقن؟
إذن لابد من اليقين. إنسان مثلا يطلب من شخص مثلا دراهم، وعنده إثبات على أنه عنده له دراهم، لكن ما عنده إثبات على أنه أعطاه الدراهم، أيش يصير هاالأصل؟ يصير هاالأصل أنه لا زالت الدراهم باقية في الذمة؛ لأنه إذا ثبت شغل الذمة، فالأصل بقاء شغل الذمم، حتى يثبت، يعني: يثبت الأداء، وتثبت البراءة، هذه القاعدة.
طيب، الفروع كثيرة، لكن هذه القاعدة يا إخوان من أنفع الوسائل في علاج الوساوس -أعاذنا الله منها-، الوساوس في الطهارة، والصلاة، بُلي بها فئام من الناس.
والوسواس داء عضال، ومرض خطير، لكن هذه القاعدة بحول الله تعالى من أنفع الوسائل، أن الإنسان دائما يبني على اليقين؛ لأن أصلا الموسوس وساوسه مبنية على شكوك وأوهام.
فينبغي له ألا يلتفت إلى هذه الشكوك، ولا إلى هذه الأوهام، بل يبنى على اليقين، ولا نستطيع أن نفصل أكثر من هذا.
اترك تعليقاً