القانون الجنائي المغربي .. محرمات لخنق الحريات
الدين الإسلامي، المؤسسة الملكية والوحدة الترابية هي ثلاث خطوط حمراء يتضمنها القانون الجنائي المغربي الجديد، تتناول DW عربية تأثير هذا القانون على حرية التعبير بالمغرب.
صاحبت مصادقة البرلمان المغربي على القانون الجنائي الجديد، موجة من السخط والانتقادات، خصوصا فيما يتعلق بالفصل 267 من هذا القانون، والذي ينص على “السجن من ستة أشهر إلى سنتين وبغرامة من 20.000 درهم إلى 200.000 درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين إلى كل من أساء إلى الدين الإسلامي أو النظام الملكي، أو حرض على الوحدة الترابية”.
شكل هذا الفصل بالذات نقطة جدل ساخنة بين مختلف الناشطين الجمعويين والحقوقين المغاربة، بين من يعتبر الفصل تضييقا على حريات التعبير بشكل عام وحرية الصحافة بشكل خاص، وبين من يعتبر هذه المحاذير أمرا مسلما به ومقبولا في مغرب ما بعد دستور2011.
“تحايل مفضوح على ذكاء الناس”
بالنسبة للصحفي المغربي علي أنوزلا، مدير موقع لكم الإلكتروني المستقل، فالفصل 267 يعد من اكبر التراجعات التشريعية التي شهدها المغرب على مستوى الحريات ويضيف بهذا الصدد لـDwعربية قائلا ” إن الفصل يفرغ الدستور، وخاصة ديباجته من كل محتواها “البلاغي” حول الحريات والحقوق هذا من جهة ، ومن جهة أخرى هو التفاف على قانون الصحافة لأنه نقل عقوبات كان الصحافيون يطالبون بإلغائها من قانون الصحافة إلى القانون الجنائي حتى يصبح الصحافيون متابعين بسبب “جرائم” تحت طائلة القانون الجنائي. “
ويسلط علي أنوزلا الضوء على الصورة التي يظهر بها المغرب دوليا على مستوى حرية الرأي والتعبير ويضيف بالقول: “هذا القانون هو تحايل مفضوح على ذكاء الناس، وخاصة الرأي العام الخارجي، فالمغرب الرسمي يصنف نفسه على انه من بين الدول التي يخلو قانون الصحافة فيها من العقوبات الحبسية، غير أن الواقع هو استمرار هذه العقوبات وتشديدها في صيغتها الجديدة في القانون الجنائي. وأخيرا، فإن هذا القانون سيبقى وصمة عار على جبين هذه الحكومة وشخصيا أعتبر ما حصل هو “جريمة” لأن معاناة الصحفيين ستستمر أمام القانون”.
“لا مشكل مع الملكية”
“المشكلة ليست من وجهة نظري في المساس بالملكية لأن معظم المغاربة لا مشكلة لهم مع الملكية كنظام حكم”، هكذا يعبر عبد الكريم القمش الكاتب المغربي العلماني عن رأيه حول الفصل 267 من القانون الجنائي، و يستطرد في حوار مع Dwعربية بالقول: “لا مشكلة لدي مع الملكية، المشكلة تظهر فقط فيما يتعلق بشق ‘المساس بالدين الإسلامي’ فإن أنا قلت أن الرسول قد قطع رقابا قد أتابع بتهمة ازدراء الأديان رغم كوني هنا لا أنفك أعبر وأعيد سرد وقائع تاريخية ترد في كتب التراث”.
يعتبر عبد الكريم القمش بأن خطورة القانون الجنائي تكمن في كونه يدخل ضمن إطار قانون ” كل ما من شأنه” أي القوانين التي تقبل تأويلات عدة ومطاطة، ويختم كلامه بالقول: ” أنا كحداثي أثبت على موقفي.. وأعتبر الإسلام التراثي وازعا رئيسا للتخلف، أما الملكية فلا مشكل لي معها إطلاقا… والوحدة الترابية فأنا من أشد المتطرفين في الدفاع عنها..”
احترام الثوابت
من جهته أكد احمد العرج البرلماني المغربي عن حزب الحركة الشعبية على أن مقتضيات الفصل 267 ليست بالشيء الجديد، بل يعد من الثوابت التي يجب احترامها، ويضيف في هذا الصدد قائلا: “إن احترام المؤسسة الملكية والدين الإسلامي والوحدة الترابية للمملكة المغربية من التواثب التي نص عليها الدستور 2011، الدستور الذي صوت عليه السواد الأعظم من المغاربة بالإيجاب، وما القانون الجنائي إلا تفعيل وتنزيل لمقتضيات الدستور”.
ويضيف احمد العرج بالقول إن: ”الدستور نص على أن المملكة المغربية تستند على ثوابت جامعة، تتمثل في الدين الإسلامي السمح، والوحدة الوطنية متعددة الروافد، والملكية الدستورية، والاختيار الديمقراطي…وهو أمر يلتف عليه جميع المغاربة”.
دور مواقع التواصل الإجتماعي
ترى سارة بادي الناشطة المغربية في حركة 20 فبرير بأن التعديل الذي مس القانون الجنائي يدل على التفاف النظام المغربي على الدور الذي أصبحت تلعبه مواقع التواصل الاجتماعي وتضيف قائلة: “النظام المغربي الذي قدم تنازلات إبان انتفاضة 20 فبراير المجيدة المتلخصة عموما في توسيع مجال الحريات العامة في بعض فصول دستور2011، يلجأ الآن عبر القانون الجنائي للتضييق على هذه ‘الحريات’ كما تبين ذلك تعديلات الفصل 267”.
وفي معرض حديث سارة عن تأثير الفصل على حرية التعبير تضيف: “هكذا قوانين لن تزج بالأغلبية التي تعبر بشكل يومي مباشرة أو عن طريق إيحاءات منتقدة الملكية، الدين الإسلامي أو الوحدة الترابية في السجن، لكنها ستظل سلاحا على رقاب كل المعارضين في مختلف حقول النضال، ونحن مستعدين للاستمرار في نضالنا و انتقاد كل ما يمارسه النظام المغربي في حق الشعب المغربي، من قبيل القمع، خصخصة الصحة و التعليم، التفقير، الفساد…سواء في الميدان أو عن طريق فضاء التواصل الاجتماعي”.
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً