جريمة الامتناع عن تنفيذ الإحكام القضائية
لا يقتصر استقلال القضاء على حرية القاضي في إصدار القرار القضائي دون تأثير من أي جهة و إنما يمتد إلى وجوب احترام الإحكام القضائية و يمثل الحكم القضائي الجانب العملي لاستقلال القضاء و يتحتم على بقية السلطات بضرورة الاستجابة لإحكام القضاء و تنفيذها و احترامها لان الحكم القضائي مقدس و هو عنوان للحقيقة القضائية و إلا أصبحت الإحكام القضائية تخلو من الفائدة العملية المبتغاة منها و تهتز ثقة الإفراد بها و يضطرون للبحث عن وسائل أخرى لاستحصال حقوقهم و تشيع الفوضى و عدم الاستقرار و يحل مفهوم الدولة البوليسية بدلا من الدولة القانونية
و يمنح القانون الحكم القضائي المكتسب الدرجة القطعية حجية الشيء المقضي بة ضمانا لاستقرار إحكام القضاء و تحقيق هيبته و منع إصدار الإحكام المتضاربة لو ترك النزاع دون نهاية لذا يعتبر الحكم القضائي واجب النفاذ و يحرم على السلطة التنفيذية إن تجعل من المنازعة التي حسمها الحكم القضائي محلا للمنازعة بعد إن قال القضاء كلمة الفصل فيها و لهذا وجد مبدأ حتمية تنفيذ الإحكام القضائية و قد حرصت الشريعة الإسلامية على احترام الإحكام القضائية ووجوب تنفيذها على من صدرت بحقه و إن كان خليفة أو واليا دون إن تأخذهم سطوة أو تحيز إلا أنة قد يتم الامتناع عن تنفيذ الإحكام القضائية كليا أو جزئيا أو عرقلة تنفيذها أو تأخير تنفيذ الحكم القضائي و إن عرقلة تنفيذ الإحكام القضائية يؤشر وجود مخالفة للقانون و يشكل انتهاكا لاستقلال السلطة القضائية و يمثل إهدارا لحجية الشيء المقضي بة وقد كفل القانون للمتضرر من عدم تنفيذ الحكم و يمنع التعسف في الامتناع عن تنفيذ الحكم القضائي و تثار المسؤولية الجنائية بحق الممتنع عن تنفيذ إحكام القضاء و كذ لك المسؤولية المدنية و تنص القوانين العقابية على تجريم أي فعل من شانه عرقلة تنفي الإحكام القضائية و تقرير العقوبة له وقد وردت جريمة عرقلة تنفيذ الإحكام القضائية في الفصل الثالث من الباب الخاص بالجرائم المخلة بواجبات الوظيفة من قانون العقوبات رقم 111 لسنة 1969 المعدل إذ نصت المادة(329/1) على أنة( يعاقب بالحبس و بالغرامة أو بإحدى هاتين العقوبتين كل موظف أو مكلف بخدمة عامة استغل سلطة وظيفته في وقف أو تعطيل الأوامر الصادرة من الحكومة أو إحكام القوانين و الأنظمة أو أي حكم أو أمر صادر من إحدى المحاكم أو أية سلطة عامة مختصة……) إما الفقرة الثانية من المادة ذاتها فقد جاء فيها بان( يعاقب بالعقوبة ذاتها كل موظف أو مكلف بخدمة عامة امتنع عن تنفيذ حكم أو أمر صادر من إحدى المحاكم أو من أية سلطة عامة بعد مضي ثمانية أيام على إنذاره رسميا بالتنفيذ متى كان تنفيذ الحكم أو الأمر داخلا في اختصاصه)
بالإضافة إلى المسؤولية المدنية والمسؤولية التاديبة للموظف الذي يمتنع عن تنفيذ الإحكام القضائية إن الحكم الصادر من القضاء يعتبر عنوانا للحقيقة القانونية فلا مجال لمناقشته أو تعديله أو تبديله أو الامتناع عن تنفيذه من بقية السلطات الأخرى و إن المشرع العراقي اعتبر جريمة عرقلة تنفيذ الإحكام القضائية من الجنح و نجد إن ذلك لا يتلاءم مع جسامة الفعل المرتكب ضد الحكم القضائي الصادر من السلطة القضائية وهي سلطة تتسم بالحياد والنزاهة والهيبة مما ينبغي إن تحفظ هيبتها بتقرير عقوبة الجناية لن يمتنع عن تنفيذ الإحكام القضائية و يعرقل تنفيذها انسجاما مع جسامة الجريمة و إن الحق المتنازع علية سواء بين الإفراد أو بين احدهم و السلطة التنفيذية أو أية جهة أخرى يكون منتهيا بصدور الحكم القضائي و لهذا ينبغي إن تنصاع الإطراف المتنازعة لمضمونة دون إن تناقشه أو تنازع في صحته إلا وفقا لما ينص علية القانون من جواز الطعن بطرق الطعن القانونية .
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً