القانون المدني السوري يوضح حالة الشخص (الجنسية والقرابة)
تتمتع شخصية الإنسان بخصائص وميزات معينة تتيح تحديد معالم هذه الشخصية وتمييزها من غيرها . ومن بين هذه الخصائص أو الميزات حالة الشخص .
ويقصد بحالة الشخص مجموع الصفات التي يتصف بها الشخص , فتحدد مركزه القانوني و تؤثر فيما يكون له من حقوق وما عليه من واجبات .
وهذه الصفات هي كون الشخص منتمياً :
إلى دولة معينة , وهذه هي الحالة السياسية أو الجنسية .
والى أسرة معينة , وهذه هي الحالة العائلية أو القرابة .
أولاً : الحالة السياسية أو الجنسية:
يقصد بالحالة السياسية للشخص مركزه من حيث انتسابه أو انتمائه إلى دولة معينة , وهذا ما يطلق عليه الجنسية .
وتعرف الجنسية بأنها رابطة قانونية وسياسية بين فرد ودولة معينة يصبح الفرد بموجبها أحد السكان المكونين لها .
وللجنسية أهمية بالغة من حيث تحديد حقوق الشخص و واجباته ونشاطه القانوني , إذ أن هناك حقوقاً و واجبات تقتصر على الوطنيين , فليـس للأجانب مثلاً حق التمتع بالحقوق السياسية , كحق الانتخاب وحق الترشيح وحق تولي الوظائف العامة .
كما يعفى الأجانب من واجب أداء الخدمة العسكرية , إذ يقتصر هذا الواجب على الوطنيين وحدهم .
والجنسية إما أن تكون جنسية أصلية أو جنسية مكتسبة ( طارئة) :
#والجنسية الأصلية هي التي تثبت للفرد بمجرد ميلاده , إما استناداً إلى حق الدم أو حق الإقليم .
ومعنى ثبوت الجنسية على أساس حق الدم , منح الولد جنسية أبيه .
ومعنى ثبوتها على أساس حق الإقليم , منح جنسية الدولة لكل من يولد على إقليمها.
#أما الجنسية المكتسبة أو الطارئة فهي التي تثبت للفرد بعد ميلاده ولسبب آخر غير الميلاد كالتجنس أو الزواج .
ونصت المادة 35 من القانون المدني السوري على أن:
” الجنسية السورية ينظمها قانون خاص”.
وقد صدرت في بلادنا تشريعات متعددة لتنظيم أحكام الجنسية , وكان آخرها المرسوم التشريعي رقم 276 لعام 1969 المتضمن قانون جنسية الجمهورية العربية السورية والذي مازال مفعوله سارياً إلى يومنا هذا .
ويأخذ المشرع السوري كقاعدة عامة بحق الدم كأساس لتقرير الجنسية العربية السورية , بحيث يعتبر عربياً سورياً حكماً كل من ولد في القطر أو في خارجه من والد عربي سوري .
ولكنه يأخذ في حالات استثنائية بحق الإقليم وذلك بالنسبة لفئات معينة من الأشخاص , فيقرر منح الجنسيةالعربية السورية لمن ولد في القطر من والدين مجهولين , أو مجهولي الجنسية , أو لا جنسية لهما , أو لمن ولد في القطر ولم يحق له عند ولادته أن يكتسب بصلة البنوة جنسية أجنبية .
أما اكتسـاب الجنسية العربية السورية بسبب لاحق للميلاد فيكون عن طريق التجنس أو الزواج , فقد أجاز المشرع السوري منح الجنسيةالعربية السورية للأجانب أو أبناء البلاد العربية إذا توافرت فيهم شروط معينة .
كما منح الجنسية السورية للمرأة الأجنبية أو العربية التي تتزوج من مواطن سوري ضمن شروط معينة .
ـ ملاحظة : فرق قانون الجنسية السوري من حيث شروط التجنس بين الأجانب وبين أبناء البلاد العربية , فأعفى أبناء البلاد العربية من بعض شروط التجنس المطبقة على الأجانب وذلك بهدف تسهيل دخولهم في الجنسية السورية .
وأعفى المشرع السوري المرأة العربية من بعض الشروط المطبقة على الزوجات الأجنبيات .
ثانياً: الحالة العائلية أو القرابة:
يقصد بالحالة العائلية أو القرابة الصلة التي تربط الشخص بأسرة معينة .
وأسرة الشخص , كما تقول الفقرة الأولى من المادة 36 من القانون المدني السوري , تتكون من ذوي قرباه .
ـ ملاحظة : يميز المرسوم التشريعي رقم 26 لعام 2007 الخاص بالأحوال المدنية في مادته الأولى بين مفهوم الأسرة ومفهوم العائلة : فيعرف الأسرة بأنها المجموعة المؤلفة من الأب والأم والأولاد , بينما يعرف العائلة بأنها : مجموعة الأسر التي تنتسب إلى أصل واحد .
ولذلك يطلق المرسوم التشريعي على البطاقة التي يستحصل عليها المواطن بعد زواجه اسم البطاقة الأسرية , وليس البطاقة العائلية.
والقرابة نوعان : قرابة نسب وقرابة مصاهرة .
1- قرابة النسب :
قرابة النسب هي القرابة الناشئة عن الدم , فهي تقوم بين أفراد مرتبطين بصلة الدم أو يجمعهم أصل مشترك .
وقد نصت الفقرة الثانية من القانون المدني السوري على أنه : ” يعتبر من ذوي القربى كل من يجمعهم أصل مشترك “.
وقرابة النسب إما أن تكون قرابة مباشرة , أو غير مباشرة وهي التي يسميها القانون المدني بقرابة الحواشي.
أ- القرابة المباشرة:
القرابة المباشرة هي – بحسب الفقرة الأولى من المادة 37 من القانون المدني السوري -الصلة مابين الأصول والفروع , أي الصلة بين أفراد ينحدر بعضهم من البعض الآخر .
والأصل هو من انحدر منه الشخص , فهو الأب وأبو الأب وإن علا , وأم الأب وإن علت , والأم وأبو الأم وإن علا , وأم الأم وإن علت .
أما الفرع فهو من انحدر من غيره , فهو الابن والبنت وأولادهما مهما نزلوا .
فالقرابة المباشرة هي قرابة عمودية , لأننا إذا وصلنا بين الأقارب فيها بخط كان هذا الخط عمودياً .
فقرابة الشخص بجده مثلاً هي قرابة مباشرة لأنه ينحدر منه ويجمعهما عمود نسب واحد , وهو العمود الذي يصل بين أبيه ثم جده , وكذلك قرابة الشخص بابن حفيده هي أيضاً قرابة مباشرة لأن ابن حفيده ينحدر منه على خط نسب عمودي يصل بين الشخص وابنه ثم حفيده ثم ابن حفيده .
ـ حساب درجة القرابة المباشرة :
للقرابة المباشرة درجات . وقد بينت المادة 38 من القانون المدني السوري كيفية حساب درجة القرابة المباشرة , حيث نصت على أنه :
” يراعى في حساب درجة القرابة المباشرة , اعتبار كل فرع درجة عند الصعود للأصل بخروج هذا الأصل “.
وبناء على ذلك , يصعد من الفرع إلى الأصل ويعطى كل فرع درجة عند الصعود دون أن يعطى الأصل أي درجة .
فقرابة الابن من أبيه أو أمه هي من الدرجة الأولى , لأننا إذا صعدنا من الفرع وهو الابن إلى الأصل وهو الأب أو الأم فإننا نعطي الفرع درجة ولا نعطي الأصل أية درجة , فيكون لدينا درجة واحدة فقط وهي درجة قرابة الابن بأبيه وأمه .
وقرابة ابن الابن بالجدأو الجدة هي من الدرجة الثانية لأننا إذا صعدنا من الفرع إلى الأصل وجدنا أولاً ابن الابن وهو فرع فيحسب درجة , ثم الابن وهو فرع فيحسب درجة أيضاً , ثم الجد والجدة وهو الأصل فلا يحسب , وبذلك يكون لدينا درجتان فقط .
ب ـ قرابة الحواشي:
عرفت الفقرة الثانية من المادة 37 من القانون المدني السوري قرابة الحواشي بأنها : “الرابطة ما بين أشخاص يجمعهم أصل مشترك , دون أن يكون أحدهم فرعاً للآخر ” .
وقد سميت هذه القرابة بالقرابة غير المباشرة أو قرابة الحواشي , لأن الأقارب فيها لا ينحدرون بعضهم عن بعض على خط نسب عمودي , وإنما هم يوزعون على عمودين مستقلين يلتقيان عند الأصل المشترك .
فقرابة الأخ بأخيه هي قرابة حواشي لأن أحدهما لا ينحدر من الآخر وإنما يجمعهما أصل مشترك هو الأب .
وكذلك القرابة بين الشخص وعمه أو عمته أو أبناء عمه أو عمته , أو الشخص وخاله أو خالته أوأبناء أخواله أو خالاته , هي قرابة حواشي , لأنه ليس أحدهم فرعاً أو أصلاً للآخر وإنما يجمعهم أصل مشترك.
أما عن كيفية حساب درجة قرابة الحواشي فقد بينتها المادة 38 من القانون المدني السوري بقولها :
“وعند حساب درجة الحواشي تعد الدرجات صعوداً من الفرع إلى الأصل المشترك , ثم نزولاً منه للفرع الآخر , وكل فرع فيما عدا الأصل المشترك يعتبر درجة ” .
وعلى ذلك تكون قرابة الأخ بأخيه هي قرابة حواشي من الدرجة الثانية , لأننا إذا صعدنا من الأخ الأول إلى الأب تكون لدينا درجة واحدة هي الدرجة التي لهذا الأخ الأول , ثم إذا نزلنا من الأب إلى الأخ الثاني تكون لدينا درجة ثانية هي الدرجة التي نعطيها للأخ الثاني , أما الأب وهو الأصل المشترك , فلا يعطى أية درجة .
وهكذا يعتبر العم من قريباً من الدرجة الثالثة , كما يعتبر ابن العم قريباً من الدرجة الرابعة .
وتترب على قرابة النسب , سواء أكانت مباشرة أو قرابة حواشي , آثار قانونية هامة , فهي التي تحدد حقوق الشخص والتزاماته العائلية .
وعلى ذلكيترتب على قرابة النسب حقوق غير مالية كحق الأب في الولاية على أولاده , وحقوق مالية كالحق في النفقة والحق في الإرث .
كما تبدو أهمية قرابة النسب في موضوع الزواج عند تحديد المحرمات من النساء اللواتي لا يجوز للرجل أن يتزوجمنهن .
2 ـ قرابة المصاهرة :
قرابة المصاهرة تنشأ بسبب الزواج , وهي تقوم بين أحد الزوجين وأقارب الزوج الآخر .
وقد نصت المادة 39 من القانون المدني السوري في هذا الصدد على أن : ” أقارب أحد الزوجين يعتبرون في نفس القرابة والدرجة بالنسبة إلى الزوج الآخر ” .
ويتبين من هذا النص أن قرابة المصاهرة ترتبط بين أحد الزوجين وأقارب الزوج الآخر , فلا تمتد هذه القرابة لتربط بين أقارب أحد الزوجين وأقارب الزوج الآخر , فأبو الزوج و أمه قريبان بالمصاهرة للزوج الآخر , ولكن أخو الزوج ليس قريباً بالمصاهرة لأخي الزوجة.
وفي حساب درجة هذه القرابة تكون العبرة بدرجة قرابة النسب بين أحد الزوجين وأقاربه , فيعتبر الزوج الآخر في نفس درجة القرابة لهؤلاء الأقارب .
فإذا كانت قرابة الزوج بأبيه هي قرابة مباشرة من الدرجة الأولى , فإن قرابة الزوجة بوالد زوجها هي قرابة مصاهرة من الدرجة الأولى أيضاً , وإذا كانت قرابة الزوجة لابن عمها قرابة حواشي من الدرجة الرابعة , فان قرابة الزوج بابن عمها هي قرابة مصاهرة من الدرجة الرابعة أيضاً .
وخلافاً لقرابة النسب , لا يترتب على قرابة المصاهرة الحق في الإرث أو الحق في النفقة , ولكن يترتب عليها تقييد الحق في الزواج , إذ يحرم على كل من الزوجين أن يتزوج ببعض أقارب الزوج الآخر , فيحرم على الرجل أم أو بنت زوجته ويحرم على المرأة أبو أو ابن زوجها .
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً