_ أولاً : القرائن القانونية في مجال الاثبات :
تلعب القرائن القانونية دوراً هاماً في مجال الاثبات خاصة بالنسبة للأوضاع التي يصعب اثباتها بدليل مادي حاسم ، يفترض القانون تحقق أمر معين متى تحققت أوضاع آخرى لأن ذلك هو الوضع الغالب والمألوف في العمل . مثال ذلك قرينة الزوجية على ثبوت نسب المولود من زوج الوالدة ، فاثبات نسب الطفل الى الأب أمر عسير من الناحية العلمية ، الا أنه طبقاً للغالب أن الزوجة تقتصر على معاشرة زوجها جنسياً ومن ثم فهي لا تلد الا منه وعلى هذا فان المولود أثناء قيام الزواج يعتبر انه ابن الزوج دون حاجة الى اثبات. ومثال ذلك أيضاً أن الوفاء بقسط من الأجرة يعتبر قرينة على الوفاء بالأقساط السابقة ، فالمستأجر الذي يثبت أنه قد وفى بقسط متأخر من الأجرة ” شهر مايو مثلاً ” تقوم لصالحه قرينة الوفاء بالأقساط السابقة ” الشهور من يناير حتى ابريل ” وذلك لأن الغالب في العمل أنه لايتم الوفاء بالأقساط اللاحقة الا بعد سداد الأقساط السابقة .
والقرائن السابقة بسيطة يمكن اثبات عكسها ، بمعنى أنها تعفي من تقررت لصالحه من اثبات الواقعة التي تقررها . الا أنه لما كانت القرائن مبنية على الراجح والغالب في العمل وليس اليقين المؤكد ، فانه يجب فتح الباب لامكان اثبات عكسها أى اقامة الدليل على وجود أوضاع مخالفة للقاعدة العامة . فمثلاً يستطيع الأب أن يقيم الدليل على أن الابن المولود من زوجته ليس ابنه بشرط أن يكون الدليل مؤكداً . ونفس الحكم بالنسبة للمؤجر حيث يستطيع تقديم الدليل على أن الوفاء قد تم بالأقساط اللاحقة دون السابقة . الا أن هناك بعض القرائن القاطعة التي لا يجوز اثبات عكس ما تقضي به . ومثال ذلك اعتبار الضرر الناجم عن تهدم البناء أو بسبب الآلات الميكانيكية قرينة على خطأ وتقصير حارس المبنى أو الآلة في القيام بحراستها ، فالحارس يكون مسؤلاً عن الضرر على أساس الخطأ المفترض في الحراسة وقرينة الخطـأ في الحراسة تعتبر قاطعة لا يجوز للحارس أن يدفع مسئوليته باثبات عدم وقوع خطأ منه في الحراسة ، لأن القانون يفترض خطأه بطريقة لا تقبل العكس .
_ ثانياً : القرائن القانونية في مجال القواعد الموضوعية :
تلعب القرائن القانونية دوراً هاماً في مجال القواعد الموضوعية حيث تكون الدافع الى خلق القاعدة أو لتقرير حكمها ، وينتهي دورها بعد ذلك ويبقى الحكم قائماً على استقلال ولو اختفت مبرراته أو تخلفت دوافع نشأته في بعض الحالات . ومثال ذلك القاعدة الموضوعية التي تقرر كمال الأهلية عند بلوغ سن معينة فهذه القاعدة قامت على قرينة مؤداها أن بلوغ هذه السن هو دليل النضج والكمال لدى الأفراد . وبمجرد وضع القاعدة ينتهي دور القرينة ويطبق حكمها على الجميع حتى ولو كانت هناك بعض الحالات الشاذة كوجود بعض الأشخاص الذين يكتمل نضجهم قبل السن المحددة أو يتأخر هذا النضج لديهم . ومثال ذلك أيضاً القاعدة التي تقرر حجية الأمر المقضي فهذه القاعدة موضوعية قامت على قرينة مؤداها أن الحكم يعتبر عنوان الحقيقة فيما قضى به ، الا أن هذه القرينة تختفي وتظل القاعدة قائمة ومطبقة على كل الأحكام حتى لو شذ بعضها وكان مخالفاً للحقيقة .
اترك تعليقاً