الاحتراق النفسي للموظفين
القاضي إياد محسن ضمد
يتعرض الكثير من الموظفين وأصحاب المهن لظروف عمل وضغوطات قاسية تصنع في داخلهم حالة من الإنهاك والإرهاق النفسي تؤدي في اغلب الأحيان الى انخفاض الدافعية في العمل واللجوء الى الأداء النمطي وفقدان الابتكار ليصل بهم الحال إلى ما يسمى بظاهرة الاحتراق النفسي وهو مرض أكثر ما يصيب الموظف الحريص والطموح والملتزم والذي يتعرض لضغوطات عمل تحول دون تحقيق الأهداف التي يسعى الى تحقيقها لاسيما اذا كانت هذه الأهداف صعبة التحقق في ظل ظروف وضغوطات العمل وانعدام وسائل وأدوات النجاح.
الطبيب والمعالج النفسي رودنبرجر يقول إن الأشخاص يقعون ضحايا للحرائق تماما مثل المباني وتحت وطأة توترات الحياة والعمل المعقدة تستهلك مواردهم الداخلية بفعل نيران العمل تاركة فراغا داخليا هائلا حتى وان بدا الغلاف الخارجي الجسدي سليما.
في الواقع نشهد الكثير من الموظفين المصابين بمتلازمة الاحتراق النفسي بسبب ضغوطات واعباء الوظيفة فقد يحترق الموظف داخليا بسبب تحميله مسؤوليات لا تتلاءم مع مؤهلاته واختصاصه ومن الطبيعي ان يكون غير قادر على تنفيذها ومن ثم اخلاله بواجباته ومحاسبته وظيفيا او جزائيا.
كذلك قد يتعلق الاحتراق النفسي بصراع القيم لدى الموظف حين يكلف بمهام وواجبات لا تتوافق مع البناء القيمي الرصين في داخله ما يجعله يعيش حالة من الصراع الذاتي بين ما يفرض عليه من عمل وما يحمله من قيم وقد يكون سبب هذا الاحتراق هو انعدام التعامل الايجابي مع الموظف الذي يبذل جهودا كبيرة ويشتغل لساعات طويلة دون أن يقابل ذلك دعما ماديا او معنويا من قبل رؤسائه في العمل كل هذه الأسباب تدفع الموظف للشعور بعدم الجدوى وعدم الحصول على التقدير واحترام الذات ومن ثم الانعزال وعدم الانخراط في العمل وعدم الاكتراث لكل ما يدور حوله من امور وظيفية وقد يكون الاحتراق النفسي مصحوبا بأمراض عضوية وجسدية كأمراض القلب وضغط الدم والسكري.
هذه الظاهرة التي تؤدي في كثير من الأحيان الى خسارة الوظيفة العامة للكثير من إنتاجيتها لم تجد الاهتمام التشريعي لمعالجتها وتحجيمها ومنع اصابة المزيد من الموظفين العموميين بها وربما نجد مجموعة من النصوص القانونية المتناثرة تهدف الى انصاف الموظف وحفظ حقوقه ومنع تعسف الادارة ضده والحد من ضغوطات العمل ومن هذه النصوص تلك التي تسمح بمكافأة الموظف المنتج او التي تلزم الإدارة بتعيين المتقدم للوظيفة بحسب مؤهلاته او التي تلزمها بمنحه إجازة اعتيادية تسمح له بالتنفيس والترويح عن نفسه ومغادرة ضغوطات العمل لفترة او منحه اجازة مرضية تسمح له بفترة ملائمة للعلاج ويقف في مقدمة وسائل الحد من الضغط الوظيفي ومن ثم الحد من ظاهرة الاحتراق النفسي هو تشكيل المحاكم الإدارية ومجالس الانضباط التي تنظر الطعون المقدمة من الموظفين تجاه قرارات الادارة والتي تسهم في كثير من الاحيان الى وقف تعسف الإدارة من خلال ما يصدر من قرارات لصالح الموظف سواء تعلقت بالترقية او الإعادة الى الوظيفة او إلغاء العقوبة.
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً