القضاء التجاري .. وجه جديد
د. أسامة بن سعيد القحطاني
صدر قرار مهم من المجلس الأعلى للقضاء ببدء المحكمة العليا مباشرة أعمال “النقض” فيما يتعلق بالقضايا التجارية تحديدا “ما يهمني هنا”، وقد نص القرار على تشكيل دائرة من ثلاثة قضاة تختص بالنظر في الاعتراض على الأحكام والقرارات الصادرة من الدوائر التجارية بمحكمة الاستئناف. كما صدر قرار آخر مهم أيضا وهو ببدء مباشرة الدوائر التجارية في محاكم الاستئناف اختصاصها بنظر الاعتراض على الأحكام التجارية الصادرة من محاكم الدرجة الأولى.
هذان القراران كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة، حيث إن فحواهما مزيد من تعزيز ضمانات التقاضي والعدالة، فالمتقاضي تكون لديه فرصتان لأجل إيصال صوته للقضاء ويتمكن من خلال هاتين الفرصتين من مقابلة القاضي وشرح ما لديه من دعاوى وبينات أو دفوع، ما يضمن حدا أعلى للعدالة وحفظ الحقوق.
والخلاصة اليوم أنه أصبح المترافع لديه الحق في الترافع أمام المحكمة الابتدائية ثم بعد صدور الحكم لديه الحق بالترافع أمام محاكم الاستئناف أيضا، بدلا من الوضع السابق الذي كان يكتفى فيه بتقديم اللوائح فقط للاستئناف بدون حضور أمام المحكمة، ثم يبقى بعد ذلك للمترافع حق الاعتراض على الحكم بعد الاستئناف أمام المحكمة العليا التي تسمى في عدد من الدول بمحكمة النقض، وهذا بلا شك مزيد من الضمانات القضائية للمترافعين وتمكينهم من فرصة جديدة للحصول على حقوقهم.
هذا القرار الذي جاء تنفيذا للتوجيهات الملكية الكريمة وكذلك لنظام القضاء ونظام المرافعات الشرعية بلا شك سيكون إيجابيا في رفع كفاءة القضاء بإذن الله، ونبارك لإدارة القضاء هذا الإنجاز وندعو لهم بكل توفيق وسداد، حيث إن مهمة بدء مباشرة الأعمال الجديدة هذه صعبة جدا خصوصا في بداياتها كونها تحتاج إلى كوادر جديدة ودورة عمل جديدة مضافة إلى الأعباء السابقة. وكان توقيت هذا القرار أيضا يتزامن نسبيا مع قرار آخر وهو بدء المحاكم العمالية لتمارس مهماتها تحت هيكلة القضاء العام، الأمر الذي يعتبر حملا ثقيلا ودعواتنا للمسؤولين بكل التوفيق والإعانة.
هناك بعض النقاط التي أراها مهمة في هذا السياق أتمنى العناية بها وهي كالتالي:
أولا: الدائرة التجارية في المحكمة العليا من المفترض أن تكون مشكلة من قضاة مارسوا القضاء التجاري، ومن المعلوم أن القضاء التجاري للتو انتقل إلى مظلة القضاء العام، وأعتقد ضرورة أن تتم معالجة هذه النقطة.
ثانيا: لم يتحدث قرار بدء ممارسة الاستئناف لاختصاصاته عن النظام الواجب التطبيق في قواعد المرافعات، علما أن نظام المرافعات تحدث عن بعض النقاط الخاصة بمحكمة الاستئناف إلا أنه سكت عن البقية، وأعتقد يجب إيضاح هذه النقطة.
ثالثا: مع كثرة اختصاصات القضاء العام، فأرى أن الحفاظ على هيكلة خاصة ومستقلة بالقضاء التجاري أمر في غاية الأهمية لأجل تكريس الخبرات بدلا من تداخلها، حيث يجب حماية القضاء التجاري ومبادئه من خلال منع أي انتقال متبادل من القضاة مع الاختصاصات الأخرى، وقد سبق أن كتبت عن هذه النقطة لأهميتها.
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً