مقالة قانونية هامة بعنوان القضاء سلطة مستقلة يمتنع التعليق على احكامه
القضاء فى مصر سلطة مستقلة ، ومن ثم فإن التدخل فى عملها أو التعليق على أحكامها يضر بهذه السلطة وينال من هيبتها
ترام أحكامها ، إن التعليق على الأحكام القضائية سواء بالمدح أو القدح يعتبر جريمة يعاقب عليها القانون، خاصة أن الاحكام التى صدرت فى الفترة الأخيرة من محكمة جنايات المنيا أو غيرها صدرت فى قضايا جنائية مازالت متداولة أمام جهات القضاء ولم يفصل فيها بعد بأحكام نهائية، وقد تناولتها وسائل الإعلام بوجهات نظر مختلفة تحمل تشكيكا وتشويها فى أحكام القضاء لدى الرأى العام خاصة من غير المثقفين، مما ينال من حصانة وقدسية القضاء واستقلالية السلطة القضائية، دون أن يدرى هؤلاء «المتحذلقون» أن ذلك يوقعهم تحت طائلة القانون لأن رأيهم هذا قد يؤثر على المحكمة التى سوف تنظرالدعوى فى مرحلة لاحقة أو قد يؤثر على الشهود بالسلب أو الايجاب، وفى ذلك إهانة للقضاء والقضاة، فضلا عن أن التعليق على الاحكام قد يشمل سبا وقذفا وإهانة للقضاة خاصة عندما يذكر أو لاتتناسب العقوبة مع ما قضت به المحكمة مع ما نسب للمتهم من جرم ، وأن المحكمة قضت فى الدعوى على عجل بعد جلستين بينما ضمت الدعوى عدة مئات من الصفحات بما يشى بأن المحكمة لم تمحص أوراق الدعوى وتفحصها الفحص الكافى.
دراسة القضية ..
إن هؤلا نسوا أن أوراق الدعوى ترسل الى القضاة قبل ميعاد الجلسة بشهرين على الاقل لفحصها وتمحيصها وإعمال الرأى فيها ، ودراسة أدلة الاتهام وأقوال الشهود وما حوته من أدلة وقرائن ، ويتشدق هؤلاء بأن من حقهم التعليق على الأحكام وإبداء الرأى فيها إذ أن هناك غطاء دستوريا لذلك وهو ما جاء بالمادة – 65 من دستور 2014 والتى تضمنت أن حرية الفكر والرأى مكفولة ولكل إنسان حق التعبير عن رأيه بالقول أو الكتابة أو التصوير وغير ذلك من وسائل التعبير والنشر ولا شك أن شرط إعمال النص المذكور ألا يصطدم بقواعد ونصوص قانونية وأخلاقية أخرى ، فأن من قال بذلك تساند لحق يراد به باطل ، ولا شك فى أن التعليق على الأحكام القضائية له ضوابط وشروط ، وقد تضمنت المادة-454- من قانون الإجراءات الجنائية ، وأن تصويب الأحكام لايكون إلا عن طريق الطعن فيها بالطرق القانونية المقررة قانونا ، ويعتبر الحكم عنوان الحقيقة بل هو الحقيقة ذاتها وهو حجة على الكافة، وقصد الشارع أن يجعل طرق الطعن المذكورة فى القانون على سبيل الحصر حدا يجب أن يقف عنده ضمانا لحسن سير العدالة ، واستقرار المراكز القانونية النهائية التى انتهت اليها كلمة القضاء ، وتنقضى الدعوى الجنائية بعد صدور حكم قضائى نهائى بات، أما إذا كان طريق الطعن فى الحكم مازال مفتوحا فلا يمكن القول إن الحكم قد فصل فى موضوع الخصومة فصلا نهائيا لاحتمال إلغائه أو تعديله من المحكمة المطعون أمامها، ومعنى ذلك أنه أذا كان الحكم مازال قابلا للطعن فيجوز نظر موضوع الخصومة مرة أخرى أمام المحاكم الجنائية، أما إذا كان غير قابل للطعن أو استنفد طرق الطعن المقررة قانونا فيكون الحكم نهائيا وباتا وتنقضى به الدعوى الجنائية، ويحظر على أى شخص التعرض للحكم بالتعليق عليه سواء منطوقا أو أسبابا قبل هذه المرحلة لأن فى ذلك تأثير على القضاء سواء فى مرحلة الطعن أو التاثير على الشهود الذين يتطلب سماع أقوالهم ، ويشير نائب رئيس محكمة النقض إلى أن عدم التعرض للحكم للحكم يؤدى الى توافر الثبات والإستقرار القانونى فى المجتمع ، فضلا عن أن أستقرار الأحكام النهائية يساعد القانون على تحقيق وظيفته، المانعة من إرتكاب الجرائم ، ومن ثم لايجوز التعليق عليها الا من خلال الطرق القانونية سواء فى الاستئناف أو النقض والا وقع من يفعل ذلك تحت طائلة القانون، لمحاكمته طبقا للمواد 184- و186- و187 من قانون العقوبات ، وقد نصت المادة الاخيرة على أن يعاقب بالحبس أو الغرامة أو أحداها كل من نشر باحدى طرق النشر المتقدم ذكرها امورا من شأنها التاثير على القضاة الذين يناط بهم الفصل فى الدعوى المطروحة أمام أى جهة من جهات القضاء فى البلاد أو فى رجال القضاء أو النيابة أو غيرهم من الموظفين المكلفين بالتحقيق أو التأثير فى الشهود الذين قد يطلبون لاداء الشهادة فى تلك الدعوى أو فى ذلك التحقيق أو أمورا من شأنها منع شخص من الإفضاء بمعلومات الأولى الأمر أو التاثير فى الرأى العام لمصلحة طرف فى الدعوى أو ضده ، لذا يمتنع على الجميع التعليق على الاحكام القضائية سواء بالداخل أو الخارج والحرص على أقامة دولة المؤسسات وأولها استقلال السلطة القضائية وهى خط الدفاع الاخير لحماية حقوق الانسان التى يتشدق بها أول من يشوهون أحكام القضاء .
اترك تعليقاً