مقال هام عن القواعد القانونية للإثبات لدى المحكمة الدستورية
مركز الرأي للدراسات
اعداد: المحامي د. محمد ملحم
تشرين اول 2012
على ضوء صدور الارادة الملكية السامية بتعين رئيس واعضاء المحكمة الدستورية لسنة 2012، وفقاً للقانون الصادر في 7/6/2012، وحيث بوشر بتنفيذ أحكام هذا القانون ابتداءاً من 7/10/2012، فإن المحكمة الدستورية لعام 2012 صارت حقيقة ماثلة، ووفق أحكام القانون فإن الطعن بأي نظام أو قانون يخالف الدستور أصبح من اختصاص المحكمة بعد إحالة الطعون إليها حسب القانون.
وحيث أن قانون المحكمة الدستورية – وكما أوردنا عليه من ملاحظات في الدراسه التي تم نشرها في جريدة الرأي «الدراسات» يوم الاربعاء 4 /7/ 2012- في بداية الطريق وأمامها مشوار طويل حتى تكتسب أحكام القانون صفة الاستقرار، وجدنا من المناسب أن نبين بعض الأمور الهامة التي تحكم عمل المحكمة الدستورية الأردنية وفق دراسة مقارنة مع عدد من المحاكم والمجالس الدستورية ذات العراقة في التطبيقات القانونية وعليه فإننا نقسم هذه الدراسة إلى قسمين:
• قواعد الإثبات في المحاكم النظامية والإدارية.
• قواعد الإثبات في المحكمة الدستورية.
أولا : إن قواعد الإثبات في المحكام النظامية وردت على سبيل الحصر في القوانين التاليه:
أ- القانون المدني الأردني.
ب- قانون أصول المحاكمات المدنية.
ج- مجلة الأحكام العدلية.
د- قانون البيّنات.
أ – القانون المدني:
فوفق أحكام المادة (72) من القانون المدني والتي جاء فيها أدلة اثبات الحق هي البيّنات التالية:
1- الكتابة
2- الشهادة
3- القرائن
4- المعاينة
5- الإقرار والخبرة
6- اليمين
ب- قانون أصول المحاكمات المدنية:
– المادة 32/ 4: دعوى سماع الشاهد الذي يخشى فوات فرصة الاستشهاد على موضوع لم يعرض على القضاء ويحتمل عرضه عليه.
– المادة (83) الخبرة: للمحكمة في أي دور من أدوار المحاكمة أن تقرر الكشف والخبرة من قبل خبراء أو أكثر.
– المادة (127/2) الإقرار القضائي: إذا أقر المدعى عليه بقسم من الإدعاء يحق للمدعي أن يحصل فوراً على حكم قطعي بذلك القسم.
– المادة (141/1) إيقاع الحجز التحفظي: إذا ورد في البيّنة مستند معين المقدار ومحق الاداء (الشيك مثلاً) فإن قاضي الأمور المستعجلة يوقع الحجز أو منع السفر.
– المادة (59): المستندات الخطية التي تقدم في الدعوى الأصلية.
جـ – مجلة الأحكام العدلية:
وردت البيّنات في الكتاب الخامس عشر في المواد:
1684-1735 الشهادة
1736-1741 الحجج الخطية والقرينة القاطعة
1742-1753 التحليف
1752-1783 ترجيح البيّنة والتحالف.
جـ – قانون البيّنات:
المادة (2) تقسم البيّنات إلى:
1- الكتابة
2- الشهادة
3- القرائن
4- المعاينة
5- الاقرار والخبرة
6- اليمين
المادة (5) الأدلة الكتابية وهي:
1- الاسناد الرسمي
2- الاسناد العادي
3- الأوراق غير الموقعة
وحدد القانون في المواد 6 و7و 8 و9 الاسناد الرسمي.
وحددت المواد 10 و11 و12 و13 و14 الاسناد العادي.
وحددت المواد 15 و16 و17 و18 و19 الأوراق غير الموقعة.
كذلك المادة (71 ) من قانون البيّنات التي حددت الخبرة وفق قانون أصول المحكامات المدنية.
– قانون محكمة العدل العليا:
ورد في المادة (9) الطعون التي تختص بها المحكمة.
حددت المادة (14) البيّنة والتي جاء فيها:
أ- يرفق استدعاء الدعوى بالبيّنات الخطية التي يستند إليها المستدعي في إثبات دعواه وقائمة بأسماء الشهود الذين يعتمد على شهاداتهم في ذلك الإثبات، كما يرفق الاستدعاء بالقرار المطعون فيه إذا كان قد تم تبليغه للمستدعي ويجوز إرفاق الاستدعاء بنسخ أو صور عن تلك البيّنات الخطية على أن تكون مصدقة من محامي المستدعي بأنها مطابقة لأصولها.
ب- تستثنى من أحكام الفقرة أ- من هذه المادة الوثائق والمستندات والسجلات والملفات التي يتم الاحتفاظ بها من قبل الجهات الإدارية الرسمية العامة أو الجهات الأخرى لأعمالها واستعمالها الخاص أو التي لا يجوز تبليغها لذوي الشأن أوتسليمها للغير، ويكتفى بالإشارة إليها بوضوح وبصورة محددة في استدعاء الدعوى.
بعد أن بيّنا البيّنة المطلوبة لإثبات الدعوى في القضاء العادي والتي لا تخرج في مضمونها عن المستندات، الشهود، الخبرة، الإقرار، القرائن .
وهذا الأمر ينطبق على باقي القضايا التي تقدم للمحاكم سواءً كانت جزائية أو جنائية أو جمركية أو ضريبة دخل ومبيعات. جميع هذه البيّنات يشترط وجودها للإثبات وفق قواعد قانونية محدده من حيث طرق الإثبات وحالات الإثبات بالشهود أو الإقرار أو القرائن، وهذا الأمر مرده القوانين الناظمة للخصومة في القضاء العادي .
ثانيا: قواعد الإثبات أمام المحكمة الدستورية ((القضاء الدستوري))
إن قواعد الإثبات أمام القضاء الدستوري مختلف اختلافاً بيناً عنه في القضاء العادي لأن المشكلة الأساسيه التي تثيرها الرقابة الدستورية هي التحقق من مطابقة التشريعات مع أحكام الدستور وذلك بهدف اهدار النصوص القانونية المخالفه له لأن وجود الدستور في الدولة يحتم وجود أمرين :
الأول: الدولة القانونية التي حددت سلطاتها من حيث تكوينها واختصاصاتها وعلاقاتها بعضها ببعض وكذلك من حيث علاقة هذه السلطات بالأفراد وحقوق الأفراد وواجباتهم .
الثاني: الرقابه الدستورية إذ ثمة رقابة لا بد من وجودها لضمان احترام قواعد الدستور.
وهنا لا نريد الخوض في أساس الرقابة الدستورية بشكل مفصل لكن سنشير فقط إلى القضية الشهيرة في بريطانيا عام 1610 التي عرفت باسم قضية د. برونهام (Br Bonnam). وكذلك ما عرف بقضية ماربيري ضد ماديسون سنة 1083) Marbury v .( Madison
أما في فرنسا وفي ظل الجمهورية الخامسة ووفق دستور عام (1958) أوجد الدستور ما يسمى «المجلس الدستوري» والذي يتكون من (9 ) أعضاء، يقوم رئيس الجمهورية بتعيين (3) منهم ورئيس الجمعية الوطنية، و(3) أعضاء ورئيس مجلس الشيوخ، و(3) آخرين، تستمر عضويتهم (9) سنوات غير قابلة للتجديد، على أن يتجدد ثلث الأعضاء كل ثلاثة سنوات وقد اعتبر الدستور الفرنسي رؤساء الجمهوريات السابقين أعضاءً في المجلس مدى الحياة.
وبالعودة إلى ما ذكرناه في أمر قواعد الإثبات وباستعراض غالبية قوانين المحاكم الدستورية في العالم وكذلك المجالس الدستورية، نجد أنها لم تحدد نظام معين للإثبات، إلا أنه من خلال التطبيقات العملية للمحكام الدستورية في العالم فإن قواعد الإثبات تتمثل في الحالات التاليه:
1) الطعن المقدم يجب أن يشمل على عرائض للدعوى تبين اسم الطاعن واسم الجهة المطعون فيها وماهيَه الطعن والقانون المخالف للدستور و/ أو المادة من القانون المخالف للدستور، وأوجه المخالفة الموضوعية والشكلية وأساسها من حيث وجود نص دستوري خولف مضمونه والأسانيد والسوابق بذلك.
2) عدم الأخذ بالدفوع الشكلية على الدعوى الدستورية من حيث:
– التقادم
– القضية المقضية
– الاختصاص
لكن هناك أمر يثير الجدل أحياناً وهي مسألة القضية المقضية سبق الفصل في الدعوى الدستورية وهنا تبرز حالتين:
أ- الحالة الأولى: حالة قبول الطعن وإلغاء القانون أو النص الذي يخالف الدستور وهنا لا تظهر أية مشكلة.
ب- الحالة الثانيه: حالة رد الطعن بمعنى أنه لا يوجد عوار دستوري.
وهذا الأمر يثير إشكالاً دستورياً يقع في حال أنه إذا قدمت قضية أخرى بنفس السبب. وهنا يكون الأمر خاضع لرقابة المحكمة الدستورية دون أن يرتب أي حق للخصوم للتصدي بطلب رد الدعوى الدستورية لسبق الحكم فيها لأن رقابة المحكمة الدستورية رقابة مستمرة ولا تقف عند رد الدعوى شكلاً لأن القوانين والأنظمة في العديد من المحاكم الدستورية لم تمنح المحكمة الدستورية والخصوم أي حق لطلب رد الدعوى الدستورية شكلاً وهو ما أكدته المحكمة الدستورية المصريه بأحكامها المتواتره منها الدعوى رقم 39 لسنة 2 دستورية والعديد من الأحكام هذا من ناحية. أما من حيث السبب الأصيل وهو أن الرقابة الدستورية مستمرة فقد يكون قانون أو مادة في قانون صالح في زمن ومكان وقد لا يكون كذلك، لأن القوانين الوضعية ليس لها صفة الديمومة والاستمرارية ونصوصها معرضة للطعن في ظرف وزمان ومكان معينين وهكذا.
وبالرجوع إلى قانون المحكمة الدستورية الأردنية نجد أنه خلا من النص الصريح على قواعد الإثبات في الدعوى الدستورية ولكن المتأمل للنصوص الوارده في المواد (9/أ) والمادة 10/أ وب
والتي حددت حالات الطعن من ِقبل:
1- مجلس الوزراء
2- مجلس الأعيان
– مجلس النواب
والإحالة بين المحاكم بناء على الطلب.
وأيضا فإن المواد 12/أ /1 و2 و3 وب وج تضمنت أحكاماً تعد صالحةً للسير في نظر الدعوى أمام المحكمة الدستورية وإن كنا لا نميل الى قوننة عمل المحكمة الدستورية في الاجراءات بل يجب أن يترك الأمر لقانون أصول محاكمات خاص بالمحكمة الدستورية.
مما تقدم يتضح جلياً:
– أن حكم المحكمة الدستورية يعد منشأ لحالة عدم الدستورية وليس كاشفاً عنها وأن هذا الأثر يتوقف عن حد الإلزام العام لجمع السلطات وللكافة بعدم تطبيق النص غير الدستوري وإلغاءه علماً أن المحكمة الدستورية البحرينية خرجت عن هذا التوجه وفق أحكام قانونها الصادر بالرسوم بقانون رقم 27 لسنة 2002.
– إن النمسا من الدول التي أخذت بالأثر المباشر للأحكام الصادرة عن المحكمة الدستورية وفق الفقرات 5 و6 و7 من المادة (140) من دستورها وقضت بإلغاء النص و/ أو القانون الذي يخالف الدستور.
– الفصل في أوجه الطعن الشكلية للنص المعروض لا يحول دون الطعن في النص من الناحية الموضوعية.
– البيّنات في الدعوى الدستورية هي ما تضمنه الطعن في العوار الدستوري والمحكمة الدستورية، هي المكلفة قانوناً ببسط رقابتها على القضية الدستورية والحكم بما يترآى لها من خلال مدى مطابقة القانون و/ أو اللائحة و/ أو المادة مع النص الدستوري وحكمها النهائي.
– لا يحول الطعن الشكلي أو الموضوعي دون إمكان رفع الطعن أمام المحكمة الدستورية مرة ثانية بالنسبة لذات القانون أو اللائحة إذا كان الطعن الجديد يتعرض لأي منها من الناحية الموضوعية.
– ليس من الضروري أن يصدر الحكم بعدم دستورية القانون كله أو اللائحة جميعها بل قد تقتضي عدم الدستورية على بعض النصوص في كل منها متى ثبت مخالفتها للدستور.
– أحكام المحكمة الدستورية في المسائل الجنائية ذات أثر رجعي وهي الأحكام التي صدرت بالإدانة استناداً إلى قانون سابق.
– ينشأ عن الحكم في الدعوى الدستورية عدة دعاوى منها دعوى تنفيذ الحكم، ودعوى إغفال المحكمة في بعض الطلبات، ودعوى تصحيح الأخطاء، ودعوى التفسير.
اترك تعليقاً