من يحمي النساء من العنف الافتراضي؟
رهادة عبدوش
لم يكن دخول المرأة إلى معترك السياسة أمراً سهلاً، فقد اقتحمت النساء مكاناً بقي زمناً طويلاً حكراً على الرجال، ومن الطبيعي استهجان المجتمع لذلك في بداية الأمر، بدءاً من الأسرة وصولاً للحكومات، لكن ما يحدث بالحقيقة هو التعرض للناشطات في المجال العام بمختلف أنواع العنف، ومنها العنف الالكتروني، من خلال استغلال وسائل التواصل الاجتماعي، لفتح باب المشادات الكلامية وإمطار الناشطات بسيل من الألفاظ التمييزية والذكورية، من الغمز واللمز بالكلام إلى التهديد الصريح بنشر صور شخصية وفضح حياتهن الخاصة.
ويعرّف العنف الالكتروني قانونيا بأنه استخدام شبكة الانترنت من جانب فرد أو مجموعة لإيذاء وإزعاج شخص آخر بشكل متعمد. والمثال على ذلك ما حدث مع النساء اللواتي تم تعينهن في المجلس الاستشاري النسائي، من قبل المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا استيفان ديمستورا، حيث لقبن ب”نساء ديمستورا”، وهي عبارة انتشرت كثيرا واستخدمت عن سوء نية وحسن نية في بعض الأحيان، لكنها تحمل الكثير من التغمييز الجنسي.
ويمكن اليوم لكل إنسان أن يستخدم صفحته الشخصية على وسائل التواصل الاجتماعي، كوسيلة إعلامية يستطيع من خلالها نشر ما يريد والتحدث عما يريد، مما يضع الناشطات والمدافعات عن حقوق الإنسان عرضة للاستهداف وحملات التشهير من خلال الفضاء الالكتروني، مع غياب القوانين الرادعة.
وهنا لا بدّ من تغيير القوانين وسن تشريعات تتعلق بالفضاء الالكتروني يمكن من خلالها معاقبة المنتهك للحقوق الشخصية للآخرين، والاعتراف بالعنف الافتراضي الواقع على النساء كي تخرج حلولاً لتقييده حيث أنه وبحسب دراسة أجراها موقع الأمم المتحدة، أن 65 % من النساء يعانون من الأذى عن طريق الفضاء الافتراضي منهم «26% من هؤلاء النساء يعانون من الأذى عن طريق التواصل الاجتماعي و15% يتعرضون للتحرش الجنسي من خلال الفضاء الإلكتروني». و ان التكنولوجيا الحديثة، بما في ذلك رسائل البريد الالكتروني ووسائل التواصل الاجتماعي، وفّرت سبل جديدة لتعميم المحتوى المسيء للمرأة بشكل عام، وبشكل خاص الناشطات في المجال السياسي.
مازالت القوانين في سوريا تفتقر لعبارة التحرش في العمل أو التحرش الجنسي، حيث أن المتحرش يعاقب تحت بنود أخرى كمخالفة الآداب العامة أوانتهاك العرض أو الإعتداء، فلا نجد في قوانين العقوبات أو أي قانون مدني عبارة تحرش أومتحرّش، ما يعني أننا سننتظر سنوات من النضال لنعترف بالتحرش الالكتروني، في زمن لم نعترف بعد بالتحرش أو العنف في القوانين على أرض الواقع فكلها تقع تحت مسميات مختلفة بنيّة حقيقية بعدم الاعتراف بوجودهما.
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً