القوة الملزمة لحكم التحكيم ( أي حجيته)
وحول حجية التحكيم ارتأينا أنه حتى نعلم حجيته يجب دراسة طبيعته التحكيمية وهي كالآتي:
الطبيعة التحكيمية لحكم التحكيم :حكم التحكيم له طبيعة تحكيمية لا طبيعة قضائية فهو ليس حكماً قضائيا وبالتالي فهو لا يخضع لنظام الحكم القضائي وبالاخص نظام الطعن في الحكم القضائي ونظام الاحكام الصادرة بصفة انتهائية ونظام دعوى بطلان الحكم القضائي.
1- فالقاعدة أن حكم التحكيم لا يخضع لنظام الطعن في الحكم القضائي وبالنسبة لحكم التحكيم الإجباري في منازعات القطاع العام نص المادة (66) من القانون رقم (97) لسنة 1983م على أن :
(تكون احكام هيئات التحكيم … غير قابلة للطعن فيها بأي وجه من وجوه الطعن ).
أما بالنسبة لحكم التحكيم الاختياري فقد نصت المادة (52/1) تحكيم على أنه :
( لا تقبل احكام التحكيم التي تصدر طبقا لاحكام هذا القانون الطعن فيها بأي طريق من طرق الطعن المنصوص عليها في قانون المرافعات المدنية والتجارية).
والقانون الحصري بهذا يحظر خضوع حكم التحكيم لنظام الطعن في الحكم القضائي لا كإستثناء .. أي أعتبارات الملائمة وإنما كأصل عام في نظام حكم التحكيم يستند إلى منطق جم…. التحكيمية لذا يتميز هذا الحظر بأنه حضر كامل ومطلق :
أ- إذا هو حظر كلي يسري على محل حكم تحكيم سواء كان حكم تحكيم اختياري أو حكم تحكيم اجباري وسواء كان حكما في الا… التحكيمي او حكما في موضوع التحكيم .
ب- كما أنه حظر مطلق لكل طرق الطعن في الحكم القضائي سواء الطرق العادية أو الطرق غير العادية وايا كان السبب في حكم التحكيم ولرب قائل بأن القانون الحصري إذا حظر الطعن في حكم التحكيم بأي طريقة من طرق الطعن في حكم القضائي وبالتالي الغى نظام استئناف حكم التحكيم فإنه بهذا يعتبر أن حكم التحكيم من الأحكام القضائية الصادرة بصفة انتهائيه خاصة أن المادة (66) من القانون رقم (27) لسنة 1983م قد نصت على :
( تكون أحكام هيئات التحكيم نهائية …) ومن ثم فإن لحكم التحكيم قوة الأمر المقضي لكن هذا القول مرود بما يلي:
2- حكم التحكيم لا يخضع لنظام الاحكام القضائية الصادرة بصفة انتهائية سواء نظام اسئتنافها الاستئنافية أو نظام قوتها الملزمة:
أ- فالاحكام القضائية الصادرة بصفة انتهائية وان كان الاصل انها غير قابلة للاستئناف لكنها تقبل الاستئناف استثناء في الاحوال المنصوص عليها في المواد (221 ،222) مرافعات أي إذا وقع بطلان في الحكم أو بطلان في الاجراءات اثر في الحكم أو إذا خالف الحكم قواعد الاختصاص المتعلقة بالنظام العام أو إذا اصدر الحكم على خلاف حكم سابق.
بينما لا استئناف اسثنائي لحكم التحكيم حتى لو وقع بطلان في هذا الحكم أو بطلان في الإجراءات اثر فيه أو صدر هذا الحكم على خلاف حكم قضائي سابق عليه ووفقا للمادة (58/2) تحكيم إذا وقع لتناقض بين حكم التحكيم وحكم قضائي سابق عليه فلا يجوز الأمر بتنفيذ حكم التحكيم.
ت- وللإحكام القضائية الصادرة بصفة انتهائية قوة الأمر المقضي لا مجرد حجية الأمر المقضي بينما ليس لحكم التحكيم قوة الأمر المقضي سواء في القانون المصري حيث نصت المادة (55) تحكيم على أن :
( تجوز احكام المحكمين… حجية الأمر المقضي..).
أو في القانون الفرنسي حيث نصت المادة (1476) على أن ( الحكم التحكيم منذ صدوره حجية الأمر المقضي …) مما يعني أن حكم التحكيم في القانون أن حكم التحكيم في القانون المصري والقانون الفرنسي يحوز الحجية لا قوة الأمر المقضي به.
( ولا غرابة في اتفاق القانون المصري الفرنسي).
وحكم التحكيم لا يخضع لنظام دعوى بطلان الحكم القضائي انما يخضع لنظام دعوى بطلانه ).
كما رأينا أنه من الضروري التطرق للقوة الملزمة لحكم التحكيم أي حجيته:
حكم التحكيم بإعتباره عملاً قانونياً فله قوة ملزمة وهذا العمل بإعتباره عملاً اجرائيا فله القسوة الملزمة بمعناها الاجرائي بالأخص بمعنى الحجية.
وحجية الحكم التحكيم هي تطبيق خاصة من تطبيقات مبدأ حجية الحكم الإجرائي منذ صدوره لذا تكون لحكم التحكيم حجية منذ صدوره مما يعني أن هذه الحجية لا تتوقف على ايداع الحكم ولا على استصدار أمر تنفيذه وقبل صدور قانون التحكيم الفرنسي في 14 مايو 1980م كانت مسألة ما إذا كان حكم التحكيم يحوز الحجية منذ صدوره ام لا مسألة خلافية بينما كان القضاء المصري مستقراً على أن حكم التحكيم يحوز الحجية منذ صدوره إذ قضت ملكية النقض بأن :
( التحكيم طريق استثنائي لفض الخصومات … الخروج عن طريق التقاضي العادية ولئن كان في الاصل وليد ارادة الخصوم إلا أن احكام التحكيم شأن احكام القضاء تحوز حجية الشئ المحكوم به بمجرد صدورها وتبقى هذه الحجية طالما بقي الحكم قائما..).
بهذا ابداعه تختلف حجية حكم التحكيم عن قوته التنفيذية التي لا يحوزها الا بعد ايداعه وستصدار امر قضائي تنفيذه ووضع الصيغة التنفيذية على صدرته وتوقيعها وختمها بختم المحكمة وايضا تخالف عنها في أن حجيته حتما لو لم يكن صادرا بالزام بينما تتطلب القوة التنفيذية أن يكون حكم التحكيم صادر أن بالزام بل كذلك يعطي القانون هذه القوة التنفيذية للعمل الذي يجريه المحكم وفقا للمادة (41) تحكيم رغم أن هذا العمل ليس حكما تحكميا .
وهذا كما يعني أنه لا تلزم هناك بين حجية حكم التحكيم وقوته التنفيذية يعني أن القوة الملازمة الحكم التحكيم ( أي حجيته) ليست اساس قوته التنفيذية وهذه النتيجة الاخيرة تتفق مع موقف الفقه الحديث الذي يرفض اعتبار القوة الملزمة اساس القوة التنفيذية للمحرر الموثق استنادا الى أنه لا تلزم بين القوانين.
وحجية حكم التحكيم بإعتبارها قوته الملزمة فهي تخضع لقاعدة نسبته القوة الملزمة مما يعني أن حجية حكم التحكيم نسبته اسواء من الناحية الشخصية او من الناحية الموضوعية بيد أن ذلك كله لا يعني بالضرورة ان الحكم التحكيم حجية الحكم القضائي أي حجية الأمر المقضي به خاصة إذا كانت القاعدة ان حجية الحكم القضائي تحظر خضوعه لنظام دعوى البطلان المبتدأه بينما القاعدة ان حجية حكم التحكيم لا تحظر خضوعه لنظام دعوى البطلان المبتدأة.
والنتيجة المتحصلة من البحث هي:
1- أن حكم التحكيم يحظى بحجيته منذو صدوره ولا يحتاج على ايداع الحكم ولا على استصدار امر تنفيذه.
2- ان حجية التحكيم تختلف عن قوته التنفيذية التي لا يجوز الا بعد ايداعه واستصدار امر قضائي بتنفيذه.
3- كما وجدنا أن له قوة رسمية في الاثبات بإعتباره حكما اجرائيا فهو ورقة مرافعات تت.. بالشكلية الرسمية وتكمن صفته الرسمية في عمومه أي أن التحكيم عمل اجرائي ذو طابع عام اذن فهو عمل عام رسمي .
4- ان حجية حكم التحكيم لا تتطلب الزام بينما القوة التنفيذية تتطلب ان يكون حكم صادرا بالزام.
المحامي اليمني أمين حفظ الله الربيعي
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً