المحاسب القانوني دوره ومسؤولياته
عبدالعزيز سعود الشبيبي
تختلف الظروف والمتطلبات للحصول على لقب محاسب قانوني من دولة لأخرى ومن زمن لآخر وتختلف الشروط الواجب توفرها في من يمكنه ممارسة دور المحاسب القانوني تبعاً لذلك وتعتمد المتطلبات والشروط على الأنظمة والمعايير التي تطبقها الجهات المنظمة لنشاط ومهنة المحاسب القانوني في كل دولة وكما يوجد دول لا تسمح بالترخيص لممارسة دور المحاسب القانوني إلا لمواطنيها فهناك أسواق أخرى تسمح بممارسة هذا الدور لغير مواطنيها ممن يحملون المؤهلات المهنية لتلك الدول أو المؤهلات الدولية المعترف بها والخبرات اللازمة وأي متطلبات أخرى.
تشترط وزارة التجارة والاستثمار في المملكة بعد نشأة الهيئة السعودية للمحاسبين القانونيين في عام ١٩٩٢م عدد من الشروط للحصول على ترخيص محاسب قانوني لممارسة المهنة في المملكة ومن أهما أن يكون طالب الترخيص سعودي الجنسية وحاصل على الزمالة السعودية للمحاسبين القانونيين ولديه الحد الأدنى من سنوات الخبرة ذات العلاقة.
يقدم المحاسب القانوني أو ما يعرف بمراجع الحسابات الخارجي عند البعض وبشكل مستقل الكثير من الخدمات المهنية التي يتطلع لها الكثير من المستفيدين وأصحاب المصالح العامة والخاصة ولعل أهم تلك الأطراف هم المساهمون أو الملاك الذين يتكبدون تكاليف أعمال المراجعة ويعتمدون عليها بشكل أكبر من غيرهم وتكون ذات أثر مباشر على مصالحهم المالية والتجارية وتؤثر على قراراتهم الاستثمارية ومن الخدمات المهنية الرئيسة المتعارف عليها والتي يقدمها المحاسبون القانونيون ما يتعلق بمراجعة الحسابات السنوية للشركات وفحص الحسابات الربع سنوية للشركات المدرجة والمصادقة على الإقرارات الضريبية والإجراءات المتفق عليها والفحص النافي للجهالة وخدمات كثيرة فرعية ومكملة تتمثل في التقارير التي تصدر للمصادقة على صحة بيانات مقدمة لجهات أخرى وغيرها.
يصدر المحاسب القانوني بعد الانتهاء من عمله تقريره والذي تختلف درجة التأكيد الواردة فيه باختلاف المهمة المكلف بها ولعل تقرير المراجعة يمثل أقصى درجة من درجات التأكيد التي يمكن أن تصدر عن مراجع الحسابات والتي يؤكد فيها بوضوح على عدالة القوائم المالية من كافة النواحي الجوهرية مع التأكيد في ذات التقرير وبوضوح على أن مسؤولية إعداد تلك القوائم المالية وعرضها وفق المعايير المحاسبية ذات الصلة وبشكل عادل يقع على عاتق إدارة المنشأة محل المراجعة وهو ما يؤكد على حقيقة الدور الذي يقوم به مراجع الحسابات عند تكليفه بأكبر مهمة يمكن أن يؤديها بشكل مستقل.
لا شك أن تقرير المحاسب القانوني وما يصدر عنه من تأكيد يأتي متوافقاً مع طبيعة الخدمة المكلف بها وفي إطار المعايير المهنية ذات الصلة التي تحكم عمله حيث لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يشهد المحاسب القانوني بالصحة المطلقة وهو الذي يستند في رأيه الى إجراءات مراجعة واختبار لعدد محدود من العينات وتحليلات لبعض البيانات ومقارنات تقوم على تقدير مراجع الحسابات لدرجة الموثوقية في نظام الرقابة الداخلية للعميل وأنظمته المحاسبية ودرجة مخاطر التحريف ونوع الأدلة والقرائن التي يحصل عليها من داخل المنشأة وخارجها وتختلف نتائجها من مراجع لآخر باختلاف درجة الخبرة والمعرفة لكل مراجع.
ينحصر دور مراجع الحسابات الأساس بداية في اختبار نزاهة واستقامة إدارة المنشأة المسؤولة في الأصل عند إعداد القوائم المالية والدفاتر والسجلات المحاسبية التي تقوم عليها والتي يقرر بموجبها قبول الارتباط بالمنشأة وتقديم الخدمات المطلوبة ثم يقوم بإجراءات المراجعة والتي تشتمل وبشكل موجز على اختبار نظام الرقابة الداخلي للمنشأة ثم التحقق من الأثبات المستندي لعينات المراجعة والحصول على الأدلة والقرائن المباشرة وغير المباشرة لبعض الأرصدة والإيضاحات والإفصاحات التي تظهرها القوائم دون التدخل في تسعير الإيرادات والتكاليف والمصاريف بشكل عام بعد التحقق من كفاية الإفصاح عن طبيعة علاقة المنشأة مع الأطراف ذات العلاقة وتفاصيل التعاملات التجارية وشروط التعاقد معهم.
ساهمت منصات الإعلانات لأسواق المال المحلية والعالمية إلى تزايد الحديث عن المحاسب القانوني وما يصدر عنه من تقارير بخصوص الوضع المالي للشركات ونتائجها الدورية وامتد ذلك الاهتمام المتزايد الى ملاك الشركات غير المدرجة وخاصة ممن لا يشاركون في إدارة الشركة وقراراتها إلا أنه تسبب في مفاهيم خاطئة بشكل كبير فيما يتعلق بمسؤولية المحاسب القانوني المطلقة عن صحة القوائم المالية وحسابات المنشأة من الأخطاء والتحريفات وخلوها من بعض حالات تغليب وتحقيق المصالح الخاصة حتى أصبح المحاسب القانوني المتهم الرئيس مع كل سقوط وفشل وإفلاس وضعف اداء لأي منشأة مهما قد يكون أفاد به وأبلغه إلى المكلفين بالحوكمة في المنشأة من ملاحظات وتوصيات ومهما أيضاً قد يكون ذكره في تقرير المراجعة من تحفظات وبدون النظر لحقيقة وجوهر دور المحاسب القانوني حتى أصبح المحاسب القانوني الشماعة التي يعلق عليها العامة وبعض الملاك والمساهمين وخاصة الأقلية المسؤولية عن القصور في المامهم بالجوانب المالية والمحاسبية والنظامية وإهمالهم متابعة استثماراتهم وممارسة حقوقهم التي كلفتها لهم الأنظمة لحماية تلك الاستثمارات وسلامتها.
تبين الأنظمة التجارية ذات الصلة من نظام الشركات حقوق الشركاء والمساهمين في الشركات التجارية بشكل يراعي الشكل النظامي لكل شركة فنجد المادة السادسة والعشرون تمنح جميع الشركاء في الشركات التضامنية الحق المطلق في فحص دفاتر الشركة ومستنداتها بأنفسهم أو من خلال من يفوضوه و استخراج بياناً موجزاً عن حالة الشركة المالية من واقع دفاترها ومستنداتها بينما تنظم المادة مائة حقوق المساهمين في الشركات المساهمة في الطلب من الجهة القضائية المختصة الأمر بالتفتيش على الشركة كما نجد المادة الثالثة والسبعون بعد المائة تمنح الشركاء في الشركات ذات المسؤولية المحدودة حق فحص دفاتر الشركة ووثائقها خلال اطار زمني محدد.
يأتي نظام الشركات السعودي من خلال مواده ذات الصلة الواردة أعلاه ليؤكد بشكل قاطع على أن دور مراجع الحسابات الخارجي ينصب بشكل أساس على التحقق من عدالة الموقف المالي ونتائج الأعمال والعرض العام لها وما يتعلق بها من الإيضاحات والافصاحات الخاصة بالمنشأة كوحدة اقتصادية مستقلة عن الشركاء وأنه غير مسؤول عن التحقق وإبداء الرأي بشأن كفاءة الجهات المسؤولة عن إدارة الشركة لتحقيق أعلى ربحية للشركاء وبشكل يحفظ كافة مصالح الشركاء وحقوقهم المالية والتي يمكن لأي من الشركاء التحقق منها بنفسه أو بالاستعانة بمحاسب قانوني آخر وفق نطاق عمل يختلف بشكل كلي عن نطاق عمل مراجع الحسابات الخارجي .
آمل أن يكون دور المحاسب القانوني ومسؤوليته عن عدالة القوائم المالية ككل وفق المعايير والأنظمة التي تحكم عمله أصبح واضحاً للعامة من مستخدمي ما يصدر عنه من تقارير ولأصحاب الحقوق المباشرة مع مراجع الحسابات وأن يدركوا جميعاً أنه غير مسؤول عما إذا كانت مبيعات المنشأة تمت بأفضل الأسعار وأن تكاليفها ومصاريفها تدار بكفاءة عالية وبأقل الأسعار وبشكل يحقق أهداف المنشأة وتطلعات الشركاء ويحفظ حقوقهم وأصول المنشأة ومواردها المالية وأنه في نهاية الأمر ليس وكيل أعمال.
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً