أهمية المحاماة في المجتمع والاقتصاد
تعتبر المحاماة من المهن الحرة ذات المكانة المرموقة في المجتمع وهي تنهض بدور فعال في اظهار الحق وتبيانه ودعم حقوق الانسان وتقديم المعونة لجهات القضاء في جلاء الحقيقة، مما دعا البعض الى أن يطلق على المحاماة القضاء الواقف.
وقبل أن نسترسل في الحديث يجب علينا وضع تعريف محدد للمحاماة في اللغة والاصلاح.. فهي في اللغة مصدر من حامى يحامي وحمى الشيء حماية، ويقال حمى الرجل ويحميه حماية إذا منع عنه أو دفع عنه.
أما اصطلاحا فيعرف رجال القانون المحامي بأنه الرجل الأقدر على التعبير عن وجهة نظر موكله القانونية ودعمها بالأدلة والحجج النظامية، كما أنها تعتبر من المهن الحديثة في العالم العربي والاسلامي حيث يقال ان بدايتها كانت باحتكاك الدولة العثمانية في نهاية عهدها بالدول الغربية وان كانت كذلك فإنها في المملكة أشد حداثة لأسباب عدة أهمها: حداثة تكوين الدولة وحداثة تكوين المحاكم الشرعية وقلة المتعلمين والمتخصصين وبساطة المعاملات والتعاملات بين الناس واعتمادهم في تسوية منازعاتهم على الوسائل الودية والاحكام الشرعية التي يقضي فيها فقهاء وعلماء الدين الاسلامي.
ويمكن تقسيم مراحل تطور المحاماة في المملكة الى مرحلتين:
الأولى: قبل صدور نظام المحاماة بالمرسوم الملكي رقم م/38 المؤرخ في 28/7/1422هـ والثانية: بعد صدوره. المرحلة الأولى تميزت بوجود جهتين للترخيص لمن يمارس مهنة المحاماة.
أ ـ تمنح وزارة العدل بواسطة المحاكم الشرعية تراخيص يطلق على حاملها وكيل خصومة وذلك لحاملي شهادات دراسات الشريعة الاسلامية ومن لديه خبرة ودراية في الفقه والشريعة الاسلامية أو من يحصل على ثقة المحكمة وتأنس فيه المقدرة والكفاءة في المثول أمامها للدفاع عن المتخاصمين.
ب ـ تمنح وزارة التجارة تراخيص لمن يحملون مؤهلات في القانون أو الحقوق من جامعات محلية أو معترف بها وكذلك للحاصلين على دبلوم الأنظمة من معهد الإدارة العامة وذلك لمزاولة تقديم الاستشارات القانونية ويطلق على حامل الترخيص مستشارا قانونيا وتسمح كافة المحاكم واللجان والهيئات القضائية وشبه القضائية للمستشار القانوني بالمثول أمامها ممثلا عن أحد طرفي الخصومة باعتباره وكيل خصومة.
ج ـ يمثل كل من وكيل الخصومة أو المستشار القانوني موكله أمام المحاكم الشرعية وكافة الجهت القضائية الأخرى بموجب صك يصدر من القاضي أو من كاتب العدل يخوله حق الدفاع عن من وكله.
أما المرحلة الثانية فهي مرحلة ما بعد صدور نظام المحاماة حيث تم توحيد جهة اصدار التراخيص لمن يزاوله مهنة المحاماة وحصرها في وزارة العدل، وقد نصت المادة الأولى من نظام المحاماة على ما يلي:
ـ يقصد بمهنة المحاماة في هذا النظام الترافع عن الغير أمام المحاكم وديوان المظالم واللجان المشكلة بموجب الأنظمة والقرارات لنظر القضايا الداخلة في اختصاصها ومزاولة الاستشارات الشرعية والنظامية، ويسمى من يزاول هذه المهنة محاميا، ويحق لكل شخص أن يترافع عن نفسه.
وقد اشترط النظام فيمن يزاول مهنة المحاماة أن يكون اسمه مقيدا في جدول المحامين الممارسين وأن تتوافر فيه الشروط التالية:
1ـ أن يكون سعودي الجنسية، ويجوز لغير السعودي مزاولة المحاماة طبقا لما تقضي به الاتفاقية بين المملكة وغيرها من الدول.
2ـ أن يكون حاصلا على شهادة كلية الشريعة (فقه وأصول دين وقسم القضاء والسياسة الشرعية من المعهد العالي للقضاء) أو شهادة البكالوريوس من احدى الجامعات السعودية أو ما يعادلها من خارج المملكة أو دبلوم دراسات الأنظمة من معهد الادارة العامة بعد الحصول على الشهادة الجامعية.
3ـ أن تتوافر لديه خبرة في طبيعة العمل لا تقل عن ثلاث سنوات وتخفض هذه المدة الى سنة واحدة للحاصل على ماجستير في الشريعة الاسلامية أو في تخصص الأنظمة أو ما يعادل أي منهما أو دبلوم دراسات الأنظمة بالنسبة لخريجي كلية الشريعة ويعفى من هذه المدة الحاصل على شهادة الدكتوراة في التخصص.
4ـ أن يكون حسن السيرة والسلوك وغير محجور عليه.
5ـ ألا يكون قد حكم عليه بحد أو بعقوبة في جريمة مخلة بالشرف والأمانة، مالم يكن قد مضى عليى تنفيذ الحكم خمس سنوات على الأقل.
6ـ أن يكون مقيما بالمملكة.
وان كان النظام قد حدد مهنة المحاماة في الترافع عن الغير ومزاولة تقديم الاستشارات القانونية والشرعية فإن مهنة المحامي لا تقتصر على ذلك بل يشمل عمله أيضا بحكم خبرته: تقديم المعونة القانونية لموكليه في صياغة العقود المختلفة، واجراء تسجيل الشركات والعلامات التجارية والوكالات التجارية أو ما يطلق عليه عقود الملكية الفكرية.
كما يمكن للمحامي أن يمثل موكليه في التفاوض نيابة عنهم قبل مرحلة التعاقد وفي تسوية المنازعات بالطرق الودية، ويمكن اللجوء اليه كمحكم في المنازعات التجارية.
وقد أصبحت المحاماة ضرورة ماسة في وقتنا الحاضر للأسباب الآتية:
ـ توسع وانتشار الأعمال التجارية التي يلزم لضبطها عقود محكمة تحفظ الحقوق.
ـ كثرة المحاكم والجهات القضائية وتوسع رقعة انتشارها الجغرافي في المملكة.
ـ اختلاف اجراءات التقاضي أمام الجهات القضائية المختلفة واختلاف جهات استئناف الاحكام وتباين اجراءاتها اذا علم أن جهات نظر القضايا في المملكة تتوزع بين:
1ـ المحاكم الشرعية على اختلاف أنواعها ودرجاتها.
2ـ ديوان المظالم.
3ـ اللجان وهيئات نظر وتسوية المنازعات الناشئة عن تطبيق الأنظمة المختلفة.
4ـ لجان الفصل في منازعات الأوراق التجارية.
5ـ لجان تسوية المنازعات العمالية.
6ـ لجنة تسوية المنازعات المصرفية.
7ـ لجان الاعتراض على ضريبة الدخل.
8ـ اللجان الجمركية.
9ـ لجان مكافحة الغش التجارية
10ـ لجنة الحكم في مخالفات براءات الاختراع.
11ـ لجنة الحكم في مخالفات نظام المحاسبين القانونيين.
12ـ لجنة الحكم في مخالفات نظام المؤسسات الطبية الخاصة.
13ـ لجنة الحكم في مخالفات نظام السجل التجاري.
14ـ لجنة الحكم في مخالفات نظام الضمان الصحي التعاوني.
15ـ لجنة الحكم في نظام المطبوعات والنشر.
16ـ اللجنة الطبية الشرعية.
17ـ لجنة الحكم في مخالفات قواعد الاتجار بالآلات الزراعية.
وغيرها الكثير من اللجان التي ينعقد لها الاختصاص الابتدائي فقط ويناط بديوان المظالم مسؤولية الفصل في الاعتراض على احكامها.
ان الاصل في الدعوى العلنية ويجوز أن تكون سرية في بعض الحالات التي ترى المحكمة موجبا لها لأسباب أسرية أو أخلاقية و أمنية أو خلافها.. غير أن الأحكام في كل الأحوال تكون علنية، لذا يزداد الشعور بين طرفي النزاع في الدعوة الجنائية بالحاجة الى من يتولى الدفاع عنهما عندما يقرر القاضي أن تكون المحكمة سرية.
ونظرا لعجز الكثيرين عن الدفاع عن مصالحهم وعدم الانتباه لمكامن الضعف والقوة في دعواهم ومنازعاتهم تتضح أهمية الاستعانة بالمحامي الذي يمكنه بحكم خبرته ودرايته بالأنظمة أن يعطي رأيا محايدا مبنيا على دراسة قانونية متأنية بعيدة عن تأثير الضغط النفسي الذي يقع تحته المدعي أو المدعى عليه.
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً