المحتوى الرقمي القانوني في الميزان
مع التقدم التقنى وازدهار ثوره الاتصالات و تكنولوجيا المعلومات أصبحت المعلومه القانونيه فى متناول الباحث القانونى و أصبح بأمكانه أن يحصل و فى دقائق معدوده على مئات بل و ألاف الأخبار القانونيه والأحكام القضائيه الصادره عن مختلف المحاكم العليا بجانب العديد من الأراء القانونيه فى الجزئيه التى يبحث عنها فضلا عن الكثير من الموسوعات التشريعيه فى كافه فروع القانون.
غير أن هذه المعلومه القانونيه الرقميه فى كثير من الأحيان تضع الباحث فى موقف لا يحسد عليه حيث تلقى به بين خضم زحام كبير و تضخم هائل من المعلومه القانونيه التى قد تتفاوت فى مدى دقتها بحيث أصبحت المعلومه الالكترونيه فى الحقيقه مشتته لزهن الباحث بقدر ما كان يجب أن تكون عليه من هاديه و مسعفه له فى أنشاده لضالته التى يبحث عنها فمع بزوخ فجر الجيل الثانى من الانترنت أو ما يسمى الويب 2 أصبح المحتوى القانونى الرقمى فى تزايد مستمر بفضل تدخل المستخدمين أنفسهم فى أثرائه فأصبح باستطاعه المستخدم العادى لشبكه الانترنت دون عناء منه يذكر أن يضيف الى هذا المحتوى ما تجود به قريحته و ما توصل اليه علمه من أخبار ومعلومات قانونيه حتى وأن كان غير متخصص فى القانون غير مكترس من بعد عما قد تحدثه هذه الاضافه من تشويه المعلومه القانونيه بما له من الأثر السلبى على مجمل الثقافه القانونيه الالكترونيه .
و الحقيقه أن الأمر فى الغالب مرده الى التقدم التقنى للشبكه العنكبوتيه و الى الحريه التى أحدثها على مستخدميها و قد كان بالأمس القريب يتهيب الكاتب مهما بلغت به المكانه العلميه أن يطلق خبرا قانونيا دون تأكد من صحته و أسناده أوحتى مجرد أن يعترى مايسطره فى كتاب له أو مذكره أدلى بها أو مقالا له خطأ مطبعيا ما قد يؤدى الى الحكم على فكرته بعدم التزامها بميزان الدقه القانونيه فى جو كان يهيمن عليه الصدق فى الخبر والمعلومه وتحوطه الأمانه العلميه فكان يسند الرأى الى صاحبه بفخر يشعر به صاحب الاطروحه نفسه وهو يستعين بأراء أساتذه وزملاء له فى بحثه أمانه منه و أمان يشعر به فى داخله بسلامه فكرته القانونيه وكان كاتب المعلومه يتحرى فيها التحديث قبل الصدق فيها فلا يورد خبرا ما الا بعد التأكد من صحته و يتأكد من حدوثه فعلا ولا ماده قانونيه قد داخلها تعديلا حديثا الا أورده ولا حكما قضائيا مبتورا أو غير مستقر عليه يساند به رأيه الا نبه الى ذلك بشجاعه الفرسان. أما حاله الباحث القانونى بالنسبه للمعلومه التى يبحث عنها فقد كان مصدر الخبر القانونى دائما وابدا لديه محلا للثقه سواء كان كتابا علميا أو مجله قانونيه أو غير ذلك وقد كان له أن يتصور الاراء المتشعبه حول الجزئيه التى يبحث عنها حتى قبل أن تمتد يده لتمسك بالكتاب ذو الصله من بين كتب مكتبته حيث كانت المدارس والأراء الفقهيه القائمه على رجحان المنطق و سلامه الفكره حاضره فى ذهن الباحث عن المعلومه قبل الخوض فى الجزئيات والتفريعات وكان للاختلاف فى الأراء متنفس له لتزويد بحثه بالابتكار المنشود .
أما حال الباحث القانونى اليوم من المحتوى الرقمى فهو كتائه فى ميدانه فالمعلومه و الأخبار القانونيه الرقميه كثيرا ما تكون أخبار غير موثوق بصحتها و غير مؤكده أومعلومه مبتوره أو مشوهه حيث أصبح الشىء المجمع عليه فقهيا محلا للجدال و النقاش و المخاصمه و المنازعه و تشعبت الأراء فى المسائله الواحده بدون منطقيه قانونيه واضحه لها مرجعيتها من المدارس الفقهيه المتعارف عليها وأصبح الشىء المختلف فيه فقهيا محلا للمزايده و أشتدت بين جنبات ارائه صراعات و مخاصمات ما أنزل الله بها من سلطان فكل فريق بما لديهم فرحون و أضحت ماده القانون الواحده ان عفيت وروعى التحديث فيها تلوى رقبتها ألاف المرات لبناء أراء خاطئه و أمسى الحكم الواحد من أحكام محكمه عليا ان عفى وورد صحيحا غير مبتور المعالم يستخدم لدعم اتجاهين متعارضين فى أن واحد و بات الرائد على المعلومه القانونيه الالكترونيه فى كثير من الاحيان مايسمى بالفوضى الخلاقه و التى من المؤكد أنها سوف تخلف ورائها العصبيه الثقافيه و العجب بالرأى و قد تصل الى العشوائيه المعلوماتيه .
و الحق أننا لا نريد أن ننساق وراء حريه عمياء و تقدم تكنولوجى أهوج يحول ما الفناه من صدق القول فى الخبر الى تلفيق الأخبار ونتائج أختلاف أرائنا الى فوضى ثقافيه ومراء بالرأى ناسين ما تعلمناه من تقالدينا العلميه الرسينه عن أسلافنا من الأمانه و الصدق فى عرض المعلومه و تحليلها منتصرين الى الحقيقه متى وجدناها و أن وجدناها على لسان من خالفناهم فى الرأى أول مره مسندين الأمر لأهله فنحن كناشد ضاله لا يهمه أن يجدها على يده أو على يد من هموا معه يلتمسونها فخير لنا أن ننصت من أن نتكلم بدون علم أو أن نتعلم قبل أن نشرع فى تعليم غيرنا و خير لنا أن لا نعرض حكما قضائيا أو ماده قانونيه ما من أن نعرض موسوعات قضائيه و تشريعيه مشوهه و مبتوره و فى النهايه سوف ينتج لنا ذلك موروثا ثقافيا قانونيا نتعلم منه جميعا ونعلم به غيرنا كيف يكون وبحق المحتوى القانونى الرقمى محترما صادقا وأمينا أمام كل من يبحث عن المعلومه القانونيه ولعلنا بذلك نتدارك تخلفنا عن ركب التقدم التقنى بالتقدم و الاثراء للعلوم الانسانيه.
و فى النهايه فأنى أهيب بالساده مؤسسى ومديرى المواقع و المنتديات القانونيه وضع المعايير و القيود الموضوعيه و الشخصيه الكفيله بصيانه المعلومه القانونيه الرقميه المدونه على صفحات المواقع و المنتديات رئاستهم و حمايتها من أن تكون معلومه غير دقيقه أو خبرا قانونيا محاطا بالشكوك و أقترح أن يتم مراجعه كافه ما يدون من معلومات و أخبار قانونيه بتلك المواقع و المنتديات قبل تثبيتها بمعرفه مختصين لهم ثقل علمى فى جميع أفرع المعرفه القانونيه حتى تكون المعلومه المطروحه سليمه وتنمو المواقع و المنتديات القانونيه وتوئتى ثمارها المرجوه منها و بالتالى سيخلق لنا فى النهايه وثيقه قانونيه علميه محترمه مشهود لها بالاتزان و المصداقيه .بدلا من أن تتحول الى مجرد دردشه قانونيه لكل عضو كامل الحريه فى صياغه ما بها من معلومه قانونيه و تحديد وزنها على ميزان الدقه القانونيه
وهذا الراى الذى أبديناه ليس معناه أن يكون الموقع أو المنتدى القانونى حكرا او مخصص لأشخاص بأعينهم دون الباقين هم الذين يتحكمون فى كل شارده ووارده به بل المطلوب و فقط ضبط المعلومه الرقميه دوريا و تنقيه ما دون بها حايدا عن جاده السلامه القانونيه وذلك حتى يحصل زائر الموقع و المنتدى على المعلومه القانونيه السلميه و الدقيقه التى تعينه على ما ينشده لأن المواقع و المنتديات تكون الاستفاده منها فى النهايه من جانب المختصين و غير المختصين على حد سواء و الأخرين هم الأهم لأنهم هم المقصدين بأنشاء الموقع أو المنتدى فيجب أن تصل اليهم المعلومه القانونيه مسئوله و خاليه من الشك و اللبس فى دقتها و صحتها حتى تكون الاستفاده بها على الوجه الأكمل لأنهم سوف يتعاملون مع معترك حياتهم من منطلق مرجعيه تلك الفتوى و المعلومه التى حصلوها من هذا الموقع أو ذاك المنتدى .
اترك تعليقاً