دور المحكمة الاتحادية العليا في شرعية مجلس النواب
سلام مكي
اعلان المرشح لعضوية مجلس النواب فائزا نتيجة لحصوله على اكبر عدد من الأصوات، في محافظته ليس كافيا وحده لنيل العضوية بشكل نهائي، حيث ان القانون والدستور، اشترطا مجموعة من الإجراءات التي من شأنها إضفاء مزيد من الشرعية والقانونية على ذلك الفوز، خشية من وجود خروقات او مخالفات رافقت العملية الانتخابية وأدت الى فوز العضو. وبعد الرجوع الى الآليات التي نص عليها قانون مفوضية الانتخابات، نجد ان دور المحكمة الاتحادية العليا لا يبدأ الا بعد الانتهاء من الطعون والشكاوى التي تقدم الى المفوضية وفقا للمدد المحددة في القانون رقم 11 لسنة 2007، وبعدها يأتي دور المحكمة الاتحادية، التي تتولى المصادقة على النتائج النهائية للانتخابات العامة لعضوية مجلس النواب. وبعد المصادقة، يصبح المرشح عضوا بصورة رسمية، له حقوق وواجبات عضو مجلس النواب.
ولكن: هل ان تلك العضوية نهائية؟ وهل الدستور والقوانين لم تنص على اجراء آخر بعد ترديد القسم؟ المادة 52 أولا نصت: يبت مجلس النواب في صحة عضوية أعضائه، خلال ثلاثين يوما من تاريخ تسجيل الاعتراض بأغلبية ثلثي أعضائه؟ ثانيا: يجوز الطعن في قرار المجلس امام المحكمة الاتحادية العليا خلال ثلاثين يوما من تاريخ صدوره. اذا: ثمة طريق دستوري للطعن بصحة عضوية نائب حتى بعد تصديق نتائج الانتخابات وترديد القسم.
ولكن: من الذي يتولى تقديم ذلك الاعتراض؟ ومن يتولى الطعن في القرار الذي يصدر من المجلس؟ النص لم يحدد الجهة التي تتولى الاعتراض: هل هو مرشح خاسر؟ ام أي مواطن عادي؟ وهل ان الطعن بصحة العضوية لها أجل محدد؟ ام يمكن القيام به في أي وقت واثناء الدورة التشريعية؟ القانون وكما بينا سابقا، لم يجعل مجرد الفوز مصداقا لنيل العضوية، بل وضع آليات معينة متاحة للمن أصابه الضرر من ذلك الفوز، ان يطعن امام مجلس المفوضين، وامام الهيأة القضائية.
وبعد ان يمر المرشح الفائز بكل المراحل، لابد من ان تصادق المحكمة الاتحادية العليا على فوزه. حتى يكون عضوا كامل الحقوق والواجبات. الدستور لم يكتف بهذا، بل نص على إمكانية النظر بصحة العضوية. ورغم عدم وضوح هذا النص، الا انه يمكن تلمس ان المقصود به، ما يتعلق بترديد القسم، او المصادقة على اسمه من قبل المحكمة الاتحادية العليا، كما لو لم تصادق المحكمة لأي سبب من الأسباب. مما يعني عدم إمكانية إعادة النظر في المراحل السابقة لمرحلة ترديد القسم او مصادقة المحكمة الاتحادية. وقرار المجلس، سواء كان لمصلحة العضو المطعون بصحة عضويته، او لصالح الجهة الطاعنة، يمكن الطعن به امام المحكمة الاتحادية العليا خلال ثلاثين يوما من تاريخ صدوره. المحكمة بدورها، تنظر في صحة القرار المتخذ من قبل المجلس، وعلى ضوء ما يتشكل لديها من معطيات، يتم اصدار الحكم المناسب، اما بتأييد صحة العضوية او عدم صحتها.
ان هذا النص الدستوري، بحاجة الى تفسير من المحكمة الاتحادية العليا كونها الجهة المختصة بتفسير نصوص الدستور، كون ان تطبيقه غير واضح ولا يفهم المراد منه.
ويبدو ان المشرع أراد ان يضفي مزيدا من المشروعية على مجلس النواب، من خلال السماح بمراجعة عضوية النواب، حتى بعد المصادقة على أسمائهم، واشتراك المحكمة الاتحادية العليا في النظر بالقرار الذي يصدر عن المجلس، لكن عدم وضوح النص الدستوري جعل من تطبيق هذا النص يواجه مشكلة تتمثل بعدم التوصل الى آلية قانونية لتطبيقه، وبالتالي، لا نجد تطبيقا لهذا النص الدستوري، وهو ما يتطلب اما تفسيره او سن قانون خاص يتولى وضع آلية لتطبيقه.
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً