المركز القانوني للأفراد في إطار إعلان حالة السلامة الوطنية طبقاً لأحكام الدستور
عبدالله الشملاوي
محامٍ بحريني
صدر يوم الثلاثاء 15 مارس/ آذار 2011 المرسوم رقم (18) لسنة 2011 بإعلان حالة السلامة الوطنية، ورغم عدم نشره في الجريدة الرسمية، كما تقتضي الأصول بألا يعمل بأي قانون أو مرسوم يخاطب به عدد غير محدود إلا بعد نشره في الجريدة الرسمية، وذلك على سند من القاعدة الشرعية «وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا» والعلم أو الرسول وفق النظام الدستوري لا يكون إلا بنشره في الجريدة الرسمية.
وتجاوزاً لذلك، ولمدى توافر المبررات الواقعية والقانونية لهذا المرسوم أساساً بحسبانه قراراً إدارياً يخضع لرقابة القضاء الإداري، فإننا نتساءل عما إذا كنا بصدد تطبيق أمين من جانب القوات الأمنية المسلحة والأجنبية لنصوص الدستور؛ إذ إن ما أعلن هو حالة السلامة الوطنية.
وقد أقامت المذكرة التفسيرية لدستور 2002 التي لها قوة الدستور نفسه، كما قررت ذلك المحكمة الدستورية، بأن حالة السلامة الوطنية أقل من إعلان الأحكام العرفية، بأن نصت على أنه: ويترتب على هذه التفرقة – أي بين حالة السلامة والوطنية وإعلان الأحكام العرفية- أن تكون الإجراءات اللازمة لإعادة السيطرة على الوضع القائم عند إعلان حالة السلامة الوطنية، أقل حدة ومساساً بحقوق الأفراد وحرياتهم العامة من تلك التي يتم اللجوء إليها في حالة إعلان الأحكام العرفية.
ولابد من فهم النصوص المتقدمة في ضوء المادة (123) من الدستور التي تنص على أنه: لا يجوز تعطيل أي حكم من أحكام هذا الدستور إلا أثناء إعلان الأحكام العرفية، وذلك في الحدود التي يبينها القانون، ولا يجوز بأي حال تعطيل انعقاد مجلس الشورى أو مجلس النواب أو المساس بحصانة أعضائه في تلك الأثناء، أو أثناء إعلان حالة السلامة الوطنية.
وذلك إنما يفهم بأنه لا يجوز تعطيل أي حكم من أحكام الدستور أثناء إعلان حالة السلامة الوطنية، إذ إنه وإن أجاز الدستور تعطيل بعض أحكامه في حالة إعلان الأحكام العرفية، إلا أن ذلك مقيد بصدور قانون يحدد الحدود التي يجوز فيها تعطيل أحكام الدستور، ولا يجوز أن يمتد تطبيق هذا القانون إلى إعلان حالة السلامة الوطنية.
وبمعنى مباشر، فإنه لا يجوز أن يتخذ من إعلان حالة السلامة الوطنية طريقاً لتعطيل أحكام الدستور، وقد عبرت عن ذلك المذكرة التفسيرية بالنص المشار إليه أعلاه، بأن إعلان حالة السلامة الوطنية أقل حدة ومساساً بحقوق الأفراد وحرياتهم العامة.
ولذا لا بد أن تكون الإجراءات التي ستطبق متوافقة مع القوانين النافذة ولا تعديل عليها، وتنحصر فقط في تحويل الإجراءات الأمنية إلى يد القائد العام لقوة الدفاع فقط بدلاً من وزير الداخلية، فقد نصت المذكرة التفسيرية على أن حالة السلامة الوطنية لا تسمح بمخالفة القوانين السارية التي لا صلة لها بالجهة التي تنفذ الإجراءات الأمنية أبداً.
ولا أدل على ذلك من نص المذكرة التفسيرية الذي ورد فيه: ويكون إعلان السلامة الوطنية للسيطرة على الأوضاع في البلاد عندما تتعرض لطارئ يهدد السلامة العامة في جميع أنحاء المملكة أو في منطقة منها، بما يتفق مع كونها تهدف إلى الحفاظ على حقوق المواطنين وسرعة السيطرة على الوضع القائم.
يضاف إلى ذلك ما ورد في المذكرة التفسيرية من أن الحالة الوحيدة التي يجوز فيها الخروج على القوانين المعمول بها هي حالة الأحكام العرفية ما ورد نصه بأنه: ومقتضى هذا النص أن إعلان حالة السلامة الوطنية أو الأحكام العرفية قد يكون في جميع أنحاء الدولة أو في جزء منها، وأن للملك عند إعلان هذه الأحكام -أي الأحكام العرفية- أن يصدر بمرسوم ملكي أية تعليمات قد تقضي الضرورة بها لاغراض الدفاع عن المملكة حتى لو خالفت هذه التعليمات القوانين المعمول بها.
وبناء على ذلك، فإنه لا يجوز أن يستعمل إعلان حالة السلامة الوطنية للمساس بالحقوق والحريات، وأن أي مساس بها بما يذهب بجوهر الحق أو الحرية يعتبر خارج إطار الشرعية الدستورية، وذلك وفقاً لنص المادة (31) من الدستور، ويعتبر القبض على أي إنسان أو توقيفه أو تفتيشه أو تحديد إقامته أو تقييد حريته في الإقامة أو التنقل، وخارج إطار قانون الإجراءات الجنائية المنظم لذلك، واستصدار قرار من النيابة العامة في غير حالة الجرم المشهود، إنما يعتبر مساساً مباشراً بأحكام الدستور.
كما أن الحد من حرية الرأي والتعبير المكفولة بنص المادة (23) من الدستور، والمساس بحرية الصحافة والطباعة والنشر المكفولة بنص المادة (24) من الدستور، وحرية المراسلة البريدية والبرقية والهاتفية والالكترونية المكفولة بنص المادة (26) من الدستور، وحرية الاجتماعات العامة والمواكب والتجمعات المكفولة بنص المادة (28/ ب) من الدستور، فإنها حقوق وحريات لا يجوز الانتقاص منها أو المساس بها بمنع حظر التجوّل، وحظر التجمعات والاجتماعات والمواكب العامة، وفق ما جاء في إعلانات القيادة العامة تخالف أحكام الدستور، ويجب مراجعتها للعودة إلى دولة القانون، إذ إننا وبإعلان هذه التعليمات تكون الدولة قد خرجت عن إطار المشروعية الدستورية التي لا يجوز تجاوزها إلا عند إعلان الأحكام العرفية، وفي الحدود التي قررها المرسوم بقانون رقم (27) لسنة 1981 بشأن الأحكام العرفية، وأن تطبيق أي من الإجراءات التي نص عليها ذلك القانون، وعلى الأخص المواد (3)، والمواد ذات العلاقة بالجهة القضائية المختصة بنظر المخالفات يعتبر تطبيقاً غير سليم لأحكام ذلك القانون، ولأحكام الدستور، الأمر الذي نؤمل معه أن يكون استعمال الحق الدستوري بحكمة، وفي الحدود التي يقررها الدستور، وعدم استعمال القوة المفرطة، والتهديد بلغتها في إخماد المطالبة بالالتزام بالحدود الدستورية، حتى لا نكون أمام تعطيل لأحكام الدستور
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً