المسؤولية الجنائية للمعلم
يعتبر التعليم حجر الزاوية في تطوير المجتمع وبناء حضارته من خلال تعليم الأجيال الصغيرة وتربيتها لتكون سواعد يعتمد عليها في المستقبل ومجدا للوطن في المجالات كافة، ولم يعد سرا واقعة ضرب المعلم للطالب في تعليم محافظة الأحساء التي شغلت الرأي العام بين المد والجزر، والحقيقة مقام التعليم خصوصا في الوقت الراهن يحتاج مهارات معينة وسلوكا مدربا للمعلمين، وليس كل من أعلنت اسمه وزارة الخدمة المدنية بقبوله في سلك التعليم يكون معلما ما لم يدرب ويهيأ، ويمارس ما تعلمه من مهارات في ميدان التعليم، والمشكلة تبدأ من وزارة التعليم التي لا يوجد لديها إرادة جادة في معالجة نقص المهارات المهنية لدى بعض المعلمين.
فالمعلمون بشر يصيبون ويخطؤون، ولكن من يدير هؤلاء البشر نحو المهنية وبناء القيم التربوية والوطنية في الأجيال الناشئة سوى وزارة التعليم! التي ألقتهم في الميدان التربوي المتغير بصورة تصاعدية ويحتاجون إلى من يحفزهم ويدربهم لمواكبة المتغيرات النفسية والسلوكية والتربوية للطلبة.
وليسمح لي السادة المعلمون أن أذكرهم أنني إذ أسوق لهم هذه الرسالة نحو مسؤوليتهم فأنا أسوقها على أساس قانوني، ولست من الذين يدققون في مشروعية فصل المعلم بقدر ما أدقق على: لو أن ولي أمر الطالب صعد الموقف قضائيا وطالب بالحق الخاص لجلد ظهر المعلم بالسوط، وسيق إلى السجن بحكم تعزيري لا يقل ألما عن توصية لجنة بفصله وأنه غير لائق لمهنة التعليم.
إن هؤلاء الصبية غير المميزين أو من بلغ منهم الـ12 من عمره أو أكثر، مهنيا إن لم تشغلهم أنت كمعلم في الفصل بالكتابة وحل تمارين المادة أشغلوك بكثرة الحركة، وكذلك طلبة المتوسط أو الثانوي إن لم تشغلهم في الحصة بكثرة الأسئلة والحوار المتبادل أشغلوك بالمشاكسات، فهنالك فن في أسلوب إدارة الحصة بمهنية وليس بالعصا والصراخ والألفاظ غير اللائقة تربويا!
كما أن إباحة تأديب الصبي حق مقرر للأب كونه وليا شرعيا على النفس، والشريعة الإسلامية أقرت هذا الحق لولي النفس، سواء كان أبا أو جدا أو عما أو أخا أو وصيا، وللمعلم أيضا في حالة أن التأديب يقصد منه مصلحة الصبي (بشرط إذن الأب) لأنه يؤدبه نيابة عن أبيه، ولكن ضرب الطالب على وجهه وإهانة كرامته بألفاظ غير تربوية يؤديان إلى عدم استقرار صحته النفسية ويجعلان الهلع والخوف جزءا من شخصية الطالب، وقد تنمو معه هذه المشكلة طيلة عمره.
وطبيعة التأديب ونوعيته تتكيفان حسب طبيعة الموقف من الطالب، ليس كما سربه لنا مقطع الفيديو من ضرب «مشخص» ليس له بعد تربوي أو إنساني، فضلا عن أن كونه تصرفا ممنوعا وتترتب عليه مسؤولية جنائية تجاه المعلم، لأن علاقة المعلم بالدولة بمركزه القانوني تستمد من نصوص اللوائح والقوانين والتعليمات، والضرب ممنوع وفق التعليمات والأنظمة، فمن هنا تثور المسؤولية الجنائية حال كان الضرب لا يأخذ بعدا تربويا ولم يأذن به ولي الطالب.
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً