أحكام وضوابط المسؤولية المدنية في النظام السعودي
د.أبوبكر المسيّب
يصدر هذا المقال – ضمن سلسلة مقالات ستعقبه إن شاء الله تعالى – تتناول أحكام المسؤولية المدنية في النظام السعودي، وذلك لما لهذا الموضوع من أهمية، ولما لمسناه من غموض في كثير من المسائل ذات العلاقة بالمسؤوليتين العقدية والتقصيرية، ذلك أن المسؤولية عن جبر الضرر تعد من أكثر مسائل القانون أهمية، وذلك لما لها من ارتباط يومي بالحياة وظروفها وتطورها.
إن دراسة المسؤولية المدنية في النظام السعودي تقتضي الإلمام بعدة جزئيات، لعل أهمها التعريف بالمسؤولية المدنية ومصادرها، أنواع المسؤولية المدنية، أركان المسؤولية المدنية، وأخيرا وليس آخرا مدى جواز الاتفاق على الحد أو الإعفاء من المسؤولية.
تنقسم المسؤولية في عمومها إلى مسؤولية أدبية ومسؤولية قانونية؛ حيث تنقسم المسؤولية القانونية إلى المسؤولية المدنية والمسؤولية الجنائية، إلا أن هذا العمل سيخصص للحديث عن المسؤولية المدنية ودون الخوض في المسؤولية الجنائية وتفاصيلها. المسؤولية المدنية في ماهيتها هي التزام الشخص بالتعويض عن الضرر الناشئ عن الإخلال بالتزام عقدي أو نظامي، حيث يلتزم من نسب إليه ذلك الإخلال بجبر ما ترتب عليه من ضرر، سواء وقع هذا الفعل الضار عمدا أو بمجرد إهمال ممن نسب إليه، وسواء كان الضرر ناتجا عن فعل المدين نفسه “المسؤولية الشخصية” أو كان ناتجا عن فعل الغير “مسؤولية المتبوع عن عمل التابع والمسؤولية عن الأشياء”.
وبما أن المسؤولية المدنية عبارة عن التزام بالتعويض، فإن هذا الأخير يضمنه المتسبب في الضرر، فالضمان عند الفقهاء هو أثر من الآثار التي يرتبها الشرع على التصرفات الشرعية بوجه عام، الذي ينشأ عن عقد أم عن وضع يد فقط، كما في الغصب وإتلاف المال. وسبب استخدام الفقهاء المسلمين مصطلح الضمان، لأنه التسمية الأدق لتعلقه بالناحية المالية، في حين إن المسؤولية تبرز فيه ناحية محاسبة الشخص من الناحية الجزائية لا من المالية. وعليه؛ فإن الهدف من تحديد المسؤولية ليس لمجرد معرفة المسؤول عن الفعل الذي تسبب في الضرر، بل بهدف جبر الضرر الذي لحق بالمضرور، وذلك بتقديم تعويض نقدي أو عيني، وسواء كان ذلك الضرر ناتجا عن علاقة عقدية بين المدين والدائن “المسؤولية العقدية”، أو كان ناتجا لفعل ارتكبه المدين أو أحد تابعيه دون أن يكون هناك عقد يربط بينهم “المسؤولية التقصيرية”، وعليه؛ فإن مصادر المسؤولية المدنية الرئيسية هي العقد “المسؤولية العقد”، الفعل الضار “المسؤولية التقصيرية” وغيرها من المصادر الأخرى، كما نصت عليها القوانين المقارنة؛ كالإرادة المنفردة، والإثراء بلا سبب والقانون.
مستشار قانوني
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً