مقال قانوني مميز حول المطالبة بإدراج جريمة إستغلال النفوذ الوظيفي في مشروع قانون العقوبات
شددت دراسة قانونية على ضرورة إدراج جريمة استغلال النفوذ في مشروع قانون العقوبات الفلسطيني المطروح أمام المجلس التشريعي أسوة بعدد من التشريعات الجزائية التي فرقت بين جريمتي استغلال النفوذ الوظيفي وجريمة الرشوة مع أهمية النص بوضوح على شمول رئيس السلطة الوطنية ومستشاريه في التعريف الخاص بالموظف العام وتضمين الفقرة الخاصة بمساءلة رئيس الوزراء والوزراء عبارة “ومن في حكمهم لتشمل الأشخاص المعينين بدرجة وزير”.
جاء ذلك في دراسة أعدها المحامي سامي جبارين من الهيئة الفلسطينية المستقلة لحقوق المواطن حول “استغلال النفوذ الوظيفي والتي تناول فيها مظاهر الخروقات في المجال الإداري وتجاوزات الموظفين العموميين في مجال الوظيفة العامة والاتفاقيات والقوانين المتعلقة بشأن ذلك للحد من مظاهر الفساد المالي والإداري.
وشددت الدراسة على أهمية تضمين قانون الرقابة المالية والإدارية صلاحيات رقابية سابقة على المعاملات المالية الكبرى التي تحتاج الى موافقة المجلس التشريعي والتزام السلطة الوطنية بها والعمل على إتباع ديوان الرقابة المالية والإدارية إداريا الى المجلس التشريعي بما يحقق له الاستقلالية التامة من السلطة التنفيذية الى جانب الاستقلال المالي مع ضرورة النص في القانون على الآليات اللازمة لمتابعة تقارير الديوان ومحاسبة المسؤولين عن الأخطاء والتجاوزات التي تتضمنها مع أهمية العمل على تفعيل تقارير ديوان الرقابة المالية والإدارية في الجريدة الرسمية حسب ما ورد في المادة 8 من قانون ديوان الرقابة المالية والإدارية.
واكدت الدراسة فيما يتعلق بقانون الكسب غير المشروع أهمية إزالة التعارض في النصوص بين القانون الأساسي وقانون الكسب غير المشروع وخصوصا في مجال تعيين رئيس هيئة مكافحة الكسب غير المشروع مع ضرورة شمول القانون أيضا أفراد الأجهزة الأمنية من رتبة ملازم فأكثر وفقا لقانون الخدمة في قوى الأمن.
وأشارت الدراسة الى ضرورة النص بوضوح على شمول رؤساء الهيئات والمؤسسات العامة ومؤسسات المجتمع المدني بأحكام قانون الكسب غير المشروع حتى وإن لم تتلق هذه المؤسسات أي مخصصات من الموازنة العامة مع أهمية شمول نواب المحافظين بهذا القانون وعدم اقتصار الأمر على المحافظين.
وأكدت أهمية إصلاح الجهاز القضائي حتى يملك السلطة القانونية التي تعلو فوق كل السلطات ويكون قادرا على مساءلة ومحاكمة كل مسؤول يشتبه في أنه استغل النفوذ الوظيفي ومن أجل ذلك لابد من تطوير حكم القانون وإنشاء محكمة مختصة تعني بقضايا الفساد ولديها السلطة التنفيذية لتنفيذ أحكامها مع ضمان استغلالها عن أي مؤثرات أو ضغوطات.
وأشارت الدراسة الى صور استغلال النفوذ الوظيفي والتي تأتي على ثلاث صور تشمل استغلال الفرد العادي لنفوذه على الموظف العام واستغلال الموظف العام لنفوذه الوظيفي على موظف آخر ليس تحت إمرته إضافة الى استغلال النائب لنفوذه على الموظف العام أو نفوذه كنائب في حدود وظيفته.
وأوضحت أن معظم التشريعات الجزائية تناولت مظاهر استغلال النفوذ إلا أنها لم تتفق على أحكام موحدة لها وتمحور هذا الاختلاف حول مدى استقلالية جريمة استغلال النفوذ عن جريمة الرشوة حيث أن غالبية التشريعات الجزائية اتجهت الى اعتبارها من الجرائم التي تأخذ حكم الرشوة وذلك لوجود بعض أوجه الشبه بينهما.
وأكدت الدراسة أن جريمة استغلال النفوذ الوظيفي تلتقي مع بعض الجرائم الأخرى في خصائص معينة لذا يبدو وللوهلة الأولى أن هذه الجريمة تقوم على ذات العناصر التي تقوم عليها هذه الجرائم كجريمة الرشوة واستثمار الوظيفة والوساطة، موضحة أنه في حقيقة الأمر أن جريمة استغلال النفوذ الوظيفي تختلف عن كل هذه الجرائم بصفة خاصة مستغلة الأمر الذي يقتضي بيان هذه الصفة الخاصة بجريمة استغلال النفوذ الوظيفي.
وقالت ان الموظف يعتبر مرتكبا لفعل استغلال النفوذ الوظيفي عند توفر ثلاثة أركان وهي ركن النفوذ في الموظف العام نظرا لكون هذا الفعل ينطوي على معنى إتجار الجاني بنفوذه عندما يستغل حاجة غيره للحصول منه على عطية أو فائدة فيما يتمثل الركن المادي في أخذ الجاني عطية أو طلبها أو قبولها أو قبول الوعد بها نظير سعيه لدى السلطة العامة أو لجهة خاضعة لإشرافها للحصول منها على خدمة ما أما ركنها المعنوي لتلك الجريمة فتتمثل بالقصد الجرمي.
وفيما يتعلق بالإجراءات الوقائية لجريمة استغلال النفوذ الوظيفي فقد عالجت اتفاقية الأمم المتحدة بمكافحة الفساد والإجراءات الوقائية ووضعت عددا من التوجهات العامة التي يجب على الدول الأطراف مراعاتها والتي من أبرزها مراعاة كل دولة بوضع وتنفيذ وترسيخ سياسات فعالة لمكافحة الفساد وتستهدف منع الفساد.
وأوضحت الدراسة أن قانون العقوبات الأردني لسنة 1960 المطبق في الضفة ومشروع قانون العقوبات الفلسطيني المقر بالقراءة الأولى في المجلس التشريعي خاليان من أي نص يعالج جريمة استغلال النفوذ الوظيفي فيما عالجت المادة 108 من قانون العقوبات رقم 74 لسنة 1936 المطبق في غزة هذه الجريمة ونصت على أن كل من قبل من شخص ما لنفسه أو لغيره أو حاول الحصول عليها كحافز أو مكافآت لإغراء موظف عمومي عن طريق استعمال نفوذه الشخصي معه لأداء فعل رسمي أو الامتناع عن أدائه فإنه يعتبر أنه ارتكب ضجة ويعاقب بالحبس لمدة سنة أو بغرامة قدرها مائتا جنيه أو بكلتا هاتين العقوبتين.
أما فيما يخص بتعريف الموظف العام في مشروع قانون العقوبات الفلسطيني فقد عرفته المواد 99 ـ 100 فيه بأنه “لغايات تطبيق أحكام هذا الباب يشمل المقصود بالموظف العام كل من يعمل في السلك الإداري أو القضائي للدولة وكل من يعمل في أجهزة الدولة أو الدوائر والمؤسسات أو الهيئات التابعة لها كما يعد أيضا في حكم الموظف العام وفقا للمادة 10 من مشروع قانون العقوبات كل من رئيس وأعضاء مجلس الوزراء ورؤساء وأعضاء المجالس النيابية العامة والعاملون فيها ورؤساء وأعضاء الهيئات المحلية والعاملين فيها أو المحكمون والخبراء والحراس القضائيون وأعضاء مجلس إدارة الشركات والجمعيات والمؤسسات التي تساهم الدولة أو إحدى الهيئات العامة في رأس مالها وكذلك العاملون في أي منها إضافة الى الأشخاص المكلفون بخدمة عامة بالنسبة للعمل الذي يتم تكليفهم له بما في ذلك المستشارين.
وأضافت الدراسة أن المادة 1 من قانون الخدمة المدنية الفلسطيني أوضحت أن الموظف هو الشخص المعين بقرار من جهة مختصة لشغل وظيفة مدرجة في نظام تشكيلات الوظائف المدنية على موازنة إحدى الدوائر الحكومية أيا كانت طبيعة تلك الوظيفة أو مسماها.
واستعرضت الدراسة وسائل مواجهة استغلال النفوذ الوظيفي على المستوى المحلي حيث شكلت السلطة الوطنية عددا من الوسائل للحد من الاعتداء على الوظيفة العامة والمحافظة عليها وعلى سير المرافق العامة حيث تم إقرار القوانين وإنشاء جهات رقابية وإصلاح الجهاز القضائي ومن بينها إقرار قانون الكسب غير المشروع وقانون ديوان الرقابة المالية والإدارية ومن ثم تعديل قانون الخدمة المدنية.
كما وضعت السلطة الوطنية جملة من الإجراءات الرسمية للحفاظ على الوظيفة العامة من خلال إنشاء عدد من المؤسسات الرقابية سواء على المستوى الخارجي أو الداخلي كما أوجدت عدد من المؤسسات الأهلية للقيام بدور الرقابة على مؤسسات السلطة الوطنية.
اعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً