المغرب قبلة الأجانب الفارين من العدالة
تعددت، في السنوات الأخيرة، جرائم أبطالها أجانب، وغالبا ما تكون جرائمهم غريبة من حيث النوع وكيفية إعدادها واقترافها، إلا أن أغلبها يتلخص في تهريب المخدرات والجنس والتصفيات الجسدية بين المافيات والسرقة، في حين يفضل آخرون، خصوصا مغاربة من جنسية مزدوجة، الاختباء في المغرب، بعد ارتكابهم جرائم خطيرة في أوربا.القاسم المشترك لجرائم الأجانب في المغرب أن المصالح الأمنية تحرص على عدم تسرب معلومات
بخصوصها، عكس تعاملها مع الجرائم المقترفة من طرف المغاربة، علما أن بعضها خطير ويرتبط بعصابات دولية تترصد بعض عملائها الذين يهربون إلى المغرب وتتم تصفيتهم.ولأن المغرب، حسب اعتقاد بعض المجرمين، ملجأ للفارين، فقد فضل أحد أشهرهم الاختباء فيه، بعد ارتكابه جريمة وصفت في بريطانيا ب»جريمة القرن»، إذ سطا «لي موراي» وشركاؤهم على مخازن شركة نقل أموال بريطانية، في منطقة كينت، استعملوا فيها أسلحة نارية متطورة بعد وضعهم أقنعة على وجوههم. وذكرت المصالح الأمنية البريطانية، آنذاك، أن موراي، وهو أب لطفلة واحدة، ومتزوج من بريطانية، فر من بريطانيا إلى هولندا، مع شريكه في السرقة، المصارع الاستعراضي الآخر بول آلان (30 عاما)، قبل أن يحطا الرحال بالمغرب، حيث كانا ينويان الاستقرار نهائيا.وحسب مذكرة الانتربول فإن لي موراي وبول آلان عنصران من «عصابة الأربعة» البريطانية، المشتبه في تورطها في سرقة 53 مليون جنيه إسترليني، في عملية سطو على مخازن شركة نقل أموال بريطانية، بمنطقة كينت بالمملكة المتحدة في 22 فبراير 2006. وفي يونيو 2006، وفي عملية مشتركة بين الشرطة البريطانية والمغربية، اعتقل موراي في مركز تجاري بحي السويسي بالرباط للاشتباه في تورطه في سرقة مستودع سيكيوريتاس. وقالت المصالح الأمنية إنها اضطرت إلى استخدام «تقنيات متخصصة لإلقاء القبض على المشتبه فيهم لأنهم كانوا متخصصين في فنون القتال والأسلحة النارية».وأدانت غرفة الجنايات الابتدائية في ملحقة استئنافية الرباط بسلا البريطانيين الأربعة الموقوفين بالإضافة إلى مغربيين، بأحكام تراوحت ما بين البراءة وثلاث سنوات حبسا نافذا وأداء غرامة مالية قدرت بأكثر من 300 ألف درهم، بعد متابعتهم باستهلاك الشيرا والمخدرات القوية (الكوكايين)، واستعمال العنف ضد رجال الأمن، والضرب، والجرح، والارتشاء.ومباشرة بعد إدانة موراي وعصابته تقدمت السلطات القضائية البريطانية بشكاية رسمية إلى نظيرتها المغربية، بعد أن قدمت عدة طلبات لتسليم المتهم إليها، وعرض الملف على أنظار المجلس الأعلى، آنذاك، الذي قضى برفض الطلب اعتبارا أن القانون المغربي يمنع تسليم مواطنيه إلى أي بلاد أخرى، ويبقى على الجهة المتضررة الالتجاء إلى القضاء المغربي. وهو الأمر الذي أكده دفاع موراي حين أشار، في تصريحات أوردتها مجموعة من الصحف الوطنية والدولية، أن موكله مغربي ويتوفر على جميع الوثائق التي تثبت مغربيته، منها جواز السفر وعقود ازدياد مسلمة من طرف السلطات المغربية بسيدي إيفني (مسقط رأسه)، إضافة إلى عقد ازدياد مسلم من القنصلية المغربية ببريطانيا، مشيرا إلى أن القانون المغربي صريح، ويقضي بأنه «لايمكن ترحيل مواطن مغربي إلى بلد أجنبي».لقد استغل موراي جنسيته المغربية في الإفلات من العدالة البريطانية، وهي من الحالات التي يلجأ إليها بعض المجرمين لاستغلال الهفوات القانونية.
خالد العطاوي
جريدة الصباح
اترك تعليقاً