يعتبر الفعل جريمة عسكرية حكماً في بعض الأحوال وهو ما يبرر انعقاد الاختصاص للمحاكم العسكرية . لكن هذا لا يعني أن الجريمة في حقيقتها جريمة عسكرية أو أنها تخضع للأحكام الموضوعية المنصوص عليها في قانون الأحكام العسكرية . ووفقاً للمفهوم الحكمي تعتبر الجريمة عسكرية وتختص بها المحاكم العسكرية في الحالات التالية :
1- الجرائم العادية المنصوص عليها في قانون العقوبات والواقعة من أشخاص ذوي صفة عسكرية بسبب تأدية أعمال وظيفتهم .
2- جرائم الاشتراك والمساهمة الواقعة من شخص غير عسكري والمرتبطة بجريمة عسكرية ارتكبها عسكري . فعلى الرغم من كون هذه الجرائم بطبيعتها غير عسكرية الا أنها تندرج ضمن اختصاص المحاكم العسكرية .
3- الجرائم العادية بحسب الأصل والتي قدر المشرع أنها تمثل اعتداء على مصلحة عسكرية وفقاً لقانون الأحكام العسكرية .
4- الجرائم العادية التي تقع ضد الأشخاص ذوي الصفة العسكرية متى وقعت بسبب تأديتهم أعمال وظائفهم .
_ النتائج المترتبة على التفرقة بين الجرائم العادية والجرائم العسكرية :
من الناحية الموضوعية تخضع الجرائم العادية للقواعد الواردة في قانون العقوبات بينما تسري على الجرائم العسكرية القواعد المنصوص عليها في قانون الأحكام العسكرية سواء من حيث التجريم أو العقاب . ويلاحظ فيما يتعلق بالتجريم اختلاف مضمون مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات بشأن الجرائم العادية والجرائم العسكرية . ففي قانون العقوبات لا يعتبر جريمة سوى الأفعال المنصوص عليها في قانون العقوبات ، وهي أفعال محددة محصورة سلفاً لا يجوز القياس عليها أو التوسع في تفسيرها . ولكن في قانون الأحكام العسكرية يمكن أن يعد جريمة ” السلوك المضر بالضبط والربط ومقتضيات النظام العسكري ” وفقاً للمادة 166 من هذا القانون . ولا شك أن هذا النص بالغ الاتساع على نحو يستوعب أفعالاً غير محصورة سلفاً في القانون العسكري ، وبالاضافة الى ذلك فان الجريمة العسكرية تختلف عن الجريمة العادية من حيث الجزاءات المقررة لها . فهناك من الجزاءات العسكرية ما لا يعرفه قانون العقوبات بالنسبة للجرائم العادية ، ومثال ذلك عقوبات الطرد من الخدمة العسكرية ، وتنزيل الرتبة والحرمان من الأقدمية . يضاف الى ذلك أن الحكم الصادر في جريمة عسكرية لا يشكل سابقة في العود كظرف مشدد للجريمة .
ومن الناحية الاجرائية ينعقد الاختصاص بنظر الجرائم العادية الى المحاكم الجنائية العادية ، بينما تندرج الجرائم العسكرية في اختصاص المحاكم العسكرية ، كما تختلف اجراءات التحقيق والمحاكم المقررة بالنسبة لكل طائفة منهما . وأخيراً يلاحظ أن تسليم المجرمين محظور غالباً في الجرائم العسكرية مثلما تقرر معظم الاتفاقيات الدولية في هذا الخصوص وهو أمر مسلم به فقهاً استناداً لعرف دولي مستقر .
اترك تعليقاً