تصحيح لتعريف الشركة ذات المسؤولية المحدودة
تتربع الشركة ذات المسؤولية المحدودة على عرش أنواع الأشكال القانونية للشركات السعودية، فوفقاً لإحصائية أعدتها صحيفة الإقتصادية في عام 2015م أوائل العام الحالي 1437هـ عن الشركات القائمة ومساهمتها في الإجمالي العام للسعودية لعام 2014م، يتضح فيها بأن عدد الشركات المتخذة شكل ذات المسؤولية المحدودة يتجاوز عددها (80,000) شركة، وجاءت الشركات المساهمة بعدد لا يتجاوز (8,000) شركة.
وأما عن مساهمة رؤوس أموال الشركات بحسب طبيعتها في الإجمالي العام لعام 2014م، فاحتلت الشركات المساهمة المرتبة الأولى وبنسبة (70%) من الإجمالي العام، وتليها الشركة ذات المسؤولية المحدودة بالمرتبة الثانية بنسبة (27%) من الإجمالي العام لعام 2014. يُبين ذلك بأن الشركات ذات المسؤولية المحدودة تمتاز بالقبول لدى الوسط التجاري والإكتساح الإقتصادي، لإعتبارات عدة منها: عدم الإشراف الداخلي من الجهات الرسمية المختصة على أعمالها مقارنة بالمساهمة، محدودية رأس المال فكان النظام السابق يستلزم أن يكون رأس مالها (500,000) ريال كحد أدنى ثم عدلها المنظم فألغى الحد الأدنى بخلاف المساهمة التي كان رأس مالها المطلوب بحد أدنى (2,000,000) ريال، وكذلك عدم المطالبة بتقديم دراسة جدوى لها عند التأسيس، سهولة وسرعة التأسيس، عدم نشر المحدودة لقوائمها المالية، إمكانية ممارسة المحدودة لجميع الأنشطة عدا المستثناة كالتأمين أو البنوك التي نص النظام على وجوب أن تكون مساهمة لممارستها، فصل الذمة المالية للشركة عن الشركاء،
فكانت ولا تزال مناسبة للشركات العائلية لما توفره من خصوصية وإن كان هناك بعض القيود ولكنها غير مؤثرة، كوجوب تعيين مراقب حسابات وتقديم القوائم لوزارة التجارة والصناعة، أو قيود حاكمة مضيقة كعدم إنتقال الحصص للغير إلا بموافقة الشركاء كنص عام وعدم جواز عدم الإلتجاء للإكتتاب العام، وهي بلا جدال مناسبة للأنشطة الإقتصادية الصغيرة والمتوسطة. إلا أن الواقع العملي وبسبب ما جاء في نظام الشركات 1385هـ الملغى بصدور نظام الشركات 1437هـ، وكذلك عدم الإستيعاب القضائي الموضوعي والتنفيذي لطبيعة الشركة المحدودة في حالات متعددة، ما رتب ريبة ووجس من الشركة المحدودة لدى البعض من أصحابها، ولكنه ومع ذلك لم يكبح نموها وانتشارها، لما توفره من ضمانة للتاجر لما للشركة من شخصية إعتبارية مستقلة عن الشركاء وذمة مستقلة.
إلا أن البعض يرى أن الشركاء مسؤولين عن ديون الشركة وفقاً لمقدار حصتهم في ملكية راس المال، وهذا القول والإعتقاد غير صحيح، ومخالف وينافي الحاجة النظامية لتحديد رأس مال للشركة، وتحقق في حالات أمام قضاء التنفيذ إذ جرى التنفيذ على ملاك الحصص الشركاء في الشركة وهم ليسوا طرف بإدارة الشركة مع التنفيذ على الشركة. كما يرى البعض الآخر أن المسؤولية برؤيتهم بأنها فيما بين الشركاء لا أمام الغير وهذا الرأي إبتداءً غير صحيح ولا يكون صحيحاً إلا عند مخالفة الشركة لنظام الشركات أو بلغت الخسائر نصف رأس المال واستمرت الشركة بالعمل دون أن تُتخذ الإجراءات النظامية -وخلال المدة المقررة -للشركة التي تكون إما بالتصفية أو الدعم من الشركاء، وسبب هذا الجنوح بالرأي والفهم لمسؤولية الشركاء نحصرها:
أولاً:عدم الفهم القانوني للشركة ككل والشركات عموماً. ثانياً: خلل والنقص الجسيم في صياغة المادة (157) شركات 1385هـ (الملغى)، إذ نصت على: ” الشركة ذات المسؤولية المحدودة هي الشركة التي تتكون من شريكين أو أكثر مسئولين عن ديون الشركة بقدر حصصهم في رأس المال ولا يزيد عدد الشركاء في هذه الشركة عن خمسين.
” فكانت الطامة بالنص “مسئولين عن ديون الشركة بقدر حصصه” والتي فسرها البعض على أنها تضامنية بين الشركاء لحقوق الغير وفقاً لنسبة الملكية، وهذ التفسير لا يتفق مع النظام ككل في المحدودة وعموم نصوص الشركة المحدودة ومفهومها، فإن إلتزم الشركاء والإدارة بنصوص النظام فلا يسألون نهائياً عن الديون وحقوق الغير قبل الشركة، ولهم -أي الدائنين – الحق فقط بالإستيفاء من رأس مال الشركة وما بقي منه وأصولها. إن نظام الشركات الجديد المتضمن حسنات عِظام للشركات والشركاء وبالتالي الاقتصاد الصادر بداية هذا العام 1437هـ الداخل حيز التنفيذ يوم الإثنين 25/07/1437هـ، وضح التعريف الصحيح للشركة المحدودة بشكل صريح وبعبارات دقيقة، مفرزاً ومُحصناً ذمم الشركاء عن ذمة الشركة، موافقاً للشركة ومفهومها ولتصحيح المفاهيم الخاطئة للشركة والشركاء فيها، فجاء في مادته (151) بالنص التالي: “الشركة ذات المسؤولية المحدودة شركة لا يزيد عدد الشركاء فيها على خمسين شريكاً، وتعد ذمتها مستقلة عن الذمة المالية لكل شريك فيها. وتكون الشركة وحدها مسؤولة عن الديون والالتزامات المترتبة عليها، ولا يكون المالك لها أو الشريك فيها مسؤولاً عن تلك الديون والالتزامات.”
وبذلك يؤكد على استقلال ذمة الشركة عن الشركاء كلياً، وعدم جواز مطالبة الشركاء أو ترتيب أي إلتزام أو ديون على الشركاء مباشرة أو بغير مباشرة تحققت من الشركة متى ما إلتزمت إدارة الشركة والشركاء بنظام الشركات وأحكامه. إن وفقت وأصبت فمن الله وفضله، والحمدلله وإن أخطأت فمن نفسي والشيطان، وأستغفر الله العلي العظيم لي ولوالديّ وأتوب إليه.
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
عبدالعزيز بن عبدالله الخريجي
محامي مستشار
اترك تعليقاً