حجية الحكم الأجنبي المقضي فيه
الحجية في اللغة ، تعني الدليل او البرهان ، أو تأتي على انها الدعوى او الذريعة التي يتذرع بها لأخفاء السبب الحقيقي ، وقد يراد بها احياناً الكلام المغلف كاللغز يتحاجى الناس فيها ،
اما من الناحية الاصطلاحية ، فأننا نعني بها ثبوت الحجية للحكم فيما فصل فيه من حقوق ، وبحيث تعتبر هذه الحجية قرينة قاطعة لاتقبل نقضها ، ومؤداها ان هذا الحكم قد صدر صحيحاً ، فهو حجة على ماقضى به .
ومن الجدير بالذكر ان جميع الاحكام الصادرة من المحاكم الوطنية تتمتع بحجية الامر المقضي به ،اي ان الاحكام التي صدرت من القضاء تعتبر حجة فيما فصلت فيه وقرينة لاتقبل اثبات العكس ، تفيد ان الحكم قد صدر صحيحاً من ناحية الشكل وعلى حق من ناحية الموضوع فالحكم الصادر يحمل في ذاته قرينة الحقيقة القانونية ، كما انه يحمل في ذاته قرينة الصحة ،
وينتج عن تلك الحجية اثران ، الاول هو الاثر السلبي ومن مقتضاه عدم جواز اعادة نظر النزاع أي انه يمتنع على الخصوم عرض النزاع من جديد على القضاء ما دام قد سبق الفصل فيه، اما الثاني فهو الاثر الايجابي وهو يفيد ان ماقضى به الحكم يمكن الاحتجاج به امام اية محكمة اخرى . وحجية الامر المقضي به ، بهذه المثابة تختلف عن مايسمى بقوة الامر المقضي ، ذلك ان الحجية تثبت للحكم القطعي بمجرد صدوره سواء اكان قابلاً للطعن فيه ام لم يكن ، واياً كان طريق الطعن الجائز فيه ، اما قوة الامر المقضي ، فهي وصف لايلحق الا الاحكام غير القابلة للطعن فيها بطرق الطعن العادية وهي المعارضة والاستئناف .
ومن الملاحظ ان المشرع العراقي تطلب لأجل الاعتراف بالتنفيذ للحكم الاجنبي ، اللجوء الى القضاء العراقي من اجل الحصول على اذن بالتنفيذ لذلك الحكم ولعل ذلك يعود الى ضرورة سياسية واخرى قانونية، فالاولى مقتضاها ان للدولة فقط سيادة على ارضها واشخاصها ، حيث لايجوز الاعتداء على تلك السيادة بأي شكل من الاشكال لكن ذلك لايعني نبذ لفكرة التعاون والتنسيق بين الدول التي هي بنفس الوقت تمثل فلسفة القانون الدولي الخاص ،
وفقاً لهذا التوجه فقد قبل المشرع الوطني بتنفيذ الاحكام الاجنبية ولكن وفق شروط معينة تمثل حماية قانونية غايتها مغزى سياسي ذلك ان القاضي الوطني عندما يتفحص تلك الاحكام الاجنبية ، فأنه يقوم بعملية حماية السيادة الوطنية وهذا هو الاصل العام واستثناءا عليه هناك احكام اجنبية لاتستلزم تدخل من القضاء لاجل تنفيذها ، ولاتمس السيادة الوطنية او تنتقص منها بأي شكل من الاشكال ، لذلك فهي تلج مجال التنفيذ مباشرة من دون ضرورة استحصال امر بالتنفيذ ، ولكن ذلك يتطلب ان يكون الحكم الاجنبي مستوفياً لشروط الصحة من ناحية المعايير الدولية ، وهي الشروط التي تمثل الحد الادنى الذي يتطلبه المشرع الوطني لتنفيذ الاحكام الاجنبية، شريطة ان لايضع في حسبانه شرط المعاملة بالمثل اعتداداً بأن حالة الاشخاص واهليتهم توجب رعاية خاصة ، هي بررت من الاصل اباحة الاعتراف بالاحكام الاجنبية الصادرة في شأنها من دون ان تشمل بالامر بالتنفيذ .
وهذه الشروط تكون على نوعين : شروط عامة ، وهي تلك الشروط التي يضعها المشرع الوطني والتي يستلزم توافرها لأجل تنفيذ الاحكام الاجنبية بشكل عام ، اما الشروط الخاصة فهي تلك الشروط التي تتعلق بالطابع الاستثنائي لتلك الاحكام المتعلقة بموضوع ( الحالة والأهلية ) ، فبالنظر لذلك الطابع الاستثنائي لتلك الاحكام والطبيعة الخاصة التي تتمتع بها في مجال التنفيذ ، فأنه من المفروض ان تتوفر بذلك الحكم الاجنبي المراد تنفيذه مجموعة من الشروط، حتى يمكن ان نعترف بحجية مباشرة له
وهذه الشروط هي : طبيعة الحكم المراد طلب التذرع بحجيته امام المحاكم الوطنية ، ويلاحظ هنا ان الاحكام القابلة للتنفيذ المباشر هي فقط تلك الاحكام التي لاتتطلب التنفيذ الجبري على الاموال او الاكراه على الاشخاص ، وكذلك يجب ان يكون الحكم الاجنبي او المسألة التي يناقشها الحكم الاجنبي تتعلق بالحالة والأهلية للشخص كتثبيت حالة ولادة او وفاة او تثبيت حكم بالطلاق او انهاء زواج فهذه الاحكام غير لازمة لأي اجراء تنفيذي .
واخيرا ، يجب ان لايكون الحكم الاجنبي موضوع نزاع فأذا كان المتبع ان تلك الاحكام تنتج آثارها بصورة حتمية دونما حاجة للتذرع بقوة القضية المحكمة ولو بالقوة التنفيذية ، الا انه يلاحظ في هذا الصدد ، اذا تذرع احد اطراف الحكم بقوة القضية المحكمة ونازعه في هذه الصفة الطرف الاخر ، وجب على المحكمة اخضاعها لرقابتها ، وهذه الرقابة تهدف الى التحقق والتثبت من توافر بعض الشروط اللازمة لصحة اصدار الحكم الاجنبي وتتطابق مع تلك المطلوبة لمنح الصيغة التنفيذية .
المحامية: ورود فخري
اترك تعليقاً