المفهوم القانوني لحق المرور البريء
تعد حقوق الدولة على بحرها الاقليمي حقوق سيادة خالصة فهو جزء من إقليم الدولة وتمارس الدولة عليه السلطات السيادية والاختصاصات الكاملة التى تتطلبها مقتضيات سيادتها على هذا الجزء من إقليمها فالدولة لها وحدها أن تمارس وتباشر أو تنظم كيفية استكشاف واستغلال الثروات المختلفة الموجودة فى البحر الاقليمي سواء كانت هذه الثروات طبيعية موجودة فى باطن الأرض تحت البحر الإقليمي أى قاعه مثل المعادن والبترول وغير ذلك من ثروات أو كانت ثروات حية موجودة فى مياه البحر الاقليمى ولا يجوز لغير تلك الدولة استكشاف أو استغلال اي من هذه الثروات إلا بإذن من الدولة متضمناً شروط هذا الاستكشاف أو الاستغلال.
كما أن للدولة وحدها حق تنظيم الطيران فوق بحرها الاقليمى ولا يجوز فى القانون الدولي اي قيد على سيادة الدولة على بحرها الاقليمى إلا قيد واحد فقط هو المتعلق بحق المرور البريء وما قد يوجد بين دول معينة بطريقة اتفاقية بين هذه الدول ، غير أن القيد الوحيد العام بالنسبة للجماعة الدولية كلها هو حق المرور البريء للسفن الاجنبية وهو حق يجمع عليه من قبل الفقه والقضاء الدوليين وكذلك الممارسات الدولية المتعاقبة وقد ورد النص عليه فى عدد من الاتفاقيات الدولية حيث تتمتع سفن جميع الدول بهذا الحق سواء كانت دولاً ساحلية أم غير ساحلية شريطة أن لا يكون هذا المرور مخلاً بأمن الدولة الساحلية أو مضراً بمصالحها.
والمرور البريء هو كما جاء في المادة 18 من اتفاقية قانون البحار سنة 1982 : هو الملاحة خلال البحر الاقليمى لغرض اجتياز هذا البحر من دون دخول المياه الداخلية أو التوقف فى مرسى أو فى مرفق مينائى يقع خارج المياه الداخلية ، أو التوجه إلى المياه الداخلية أو منها والتوقف في أحد هذه المراسى أو المرافق المينائية أو مغادرتها ، ويجب ان يكون المرور متواصلا وسريعاً ومع هذا فإن المرور يشتمل على التوقف والرسو ولكن بقدر ما يكون هذا التوقف والرسو من مقتضيات الملاحة الاعتيادية أو تستلزمها قوه قاهرة أو حالة شدة او قد يكونان لغرض تقديم المساعدة إلى أشخاص أو سفن أو طائرات فى حالة خطر أو شدة.
ويعنى المرور البريء كما ورد فى المادة 19 من نفس الاتفاقية هو المرور الذي لا يضر بسلم الدولة الساحلية أو بحسن نظامها أو بأمانها ويتم هذا المرور بالموافقة لهذه الاتفاقية وقواعد القانون الدولى الأخر، و يعد مرور سفينة أجنبية ضاراً بسلم الدولة الساحلية أو بحسن نظامها أو بأمنها إذا قامت السفينة عند وجودها فى البحر الاقليمي بأي من الأنشطة التي من شأنها التهديد بالقوة أو اي استعمال لها ضد السيادة للدولة الساحلية أو سلامتها الإقليمية أو استقلالها السياسى أو بأية صورة أخرى مخالفة لمبادئ القانون الدولى المجسدة فى ميثاق الأمم المتحدة، او القيام بأية مناورة أو تدريب بأسلحة من أي نوع ، وأي عمل يهدف إلى جمع المعلومات تضر بدفاع الدولة الساحلية أو أمنها، وكذلك القيام باطلاق أية طائرة أو انزالها أو تحميلها.
اواطلاق أي جهاز عسكري أو انزاله أو تحميله ، او تحميل أو انزال أية سلعة أو عملية أو شخص خلافاً لقوانين وأنظمة القانون الدولي الساحلية الكمركية أو ألضريبية أو المتعلقة بالهجرة أو الصحة ، او القيام باي عمل من أعمال التلوث المقصود والخطير المخالف لهذه الاتفاقية.
ويعد من قبيل ذلك القيام باي نشاط من أنشطة صيد السمك او انشطة بحث أو مسح ، وأي فعل يهدف إلى التدخل فى عمل أي من شبكات الموصلات أو من المرافق أو المنشآت الأخرى للدول الساحلية وأي نشاط أخر ليست له علاقة مباشرة بالمرور.
وتشترط المادة 20 من اتفاقية قانون البحار لسنة 1982 على الغواصات والمركبات الغاطسة الأخرى أن تبحر طافية ورافعة علمها حين تكون فى البحر الاقليمي واما المادة 23 من نفس الاتفاقية فتشترط على السفن الأجنبية التى تعمل بالقوة النووية والسفن التى تحمل مواد نووية أو غيرها من المواد ذات الطبيعة الخطرة أو المؤذية عند ممارستها حق المرور البري عبر البحر الاقليمي أن تحمل الوثائق وأن تراعي التدابير الوقائية الخاصة وبحسب ما قررته الاتفاقات الدولية فيما يتعلق بتلك السفن.
وفي حالة كون المرور بريئاً طبقا للشروط اعلاه فان من واجبات الدولة الساحلية ان لا تعيق هذا المرور للسفن الأجنبية عبر بحرها الاقليمي إلا وفقاً لهذه الاتفاقية وتتمتع بصورة خاصة بفرض شروط على السفن الأجنبية على ان يكون أثرها العملي انكار حق المرور البري على تلك السفن أو الإخلال به ، كما يجب عدم التميير قانوناً أو فعلاً ضد سفن أية دولة أو ضد السفن التى تحمل بضائع إلى اية دولة أو منها أو لحسابها ، وعلى الدولة الساحلية أن تعلن الإعلان المناسب عن اى خطر على الملاحة تعلم بوجوده داخل بحرها الإقليمي ، ولا يجوز للدولة أن تفرض رسوماً على السفن الأجنبية لمجرد مرورها في البحر الاقليمي ، كما لا يجوز أن تفرض رسوماً على سفينة أجنبية مارة بالبحر الاقليمي إلا إذا كانت هذه الرسوم مقابل خدمة محددة قدمت إلى السفينة وتجيء هذه الرسوم بدون تمييز .
وتتمتع الدولة الساحلية بحقوق حماية فمن حقها أن تتخذ فى بحرها الاقليمي الخطوات اللازمة لمنع أي مرور لا يكون بريئاً، و فى حالة السفن المتوجة إلى المياه الداخلية أو التى تريد التوقف فى مرفق مينائى خارج المياه الداخلية للدولة الساحلية الحق أيضا فى اتخاذ الخطوات اللازمة لمنع اي خرق للنشاط الذي يخضع لها دخول تلك السفن إلى المياه الداخلية أو توقفها فى المرافق المينائية ، واخيرا فان للدولة الساحلية أن توقف مؤقتاً من دون تمييز قانوناً أو فعلا بين السفن الأجنبية العمل بالمرور البري للسفن الأجنبية فى قطاعات يحدده من بحرها الاقليمى إذا كان هذا الإيقاف ضرورياً لحماية أمن تلك الدولة بما فى ذك المناورات بالأسلحة ولا يبدأ هذا الإيقاف إلا بعد أن يعلن عنه الإعلان الواجب.
المحامية: ورود فخري
اترك تعليقاً