ماهية التوقيف الاحتياطي
المؤلف : عماد حامد احمد القدو.
الكتاب أو المصدر : التحقيق الابتدائي
1-تعرف التوقيف الاحتياطي:
باستقراء الأنظمة الإجرائية الجزائية نجد أن معظمها قد خلى من تحديد تعريف محدد للوقف الاحتياطي ، كما اختلفت حول مسمـاه ، فمنها ما اسماه ” بالحبس الاحتياطي ” (1) ، ومنها ما اسماه ” بالتوقيف ” (2)، ومنها ما اسماه ” الاعتقال الاحتياطي ” (3) . وفى ظل الغياب التشريعي لتعريف الحبس الاحتياطي أجتهد الفقهاء في تقديم تعريف لهذا الإجراء ، فعرفه البعض بأنه : إيداع المتهم السجن خلال فترة التحقيق كلها أو بعضها أو إلى أن تنتهى محاكمته (4). إجراء من إجراءات التحقيق الجنائي يصدر ممن منحه المشرع هذا الحق ، ويتضمن أمراً لمدير السجن بقبول المتهم وحبسه به ، ويبقى محبوسا مرة قد تطول أو تقصر حسب ظروف كل دعوى حتى تنتهي إما بالإفراج عن المتهم أثناء التحقق الإبتدائي أو أثناء المحاكمة وإما بصدور حكم في الدعوى ببراءة المتهم أو العقوبة وبدء تنفيذها عليه (5).
2-مبررات التوقيف الاحتياطي
ساق فقهاء القانون الجنائي جملة من المبررات لإضافة الشرعية لهذا الإجراء بالرغم من أنه يسلب حرية الفرد قبل صدور حكم بإدانته ، وهذه المبررات هي :-
أولاً : التوقيف الاحتياطي إجراء تحفظي :
في الواقع نجد للتوقيف الاحتياطي جملة من الفوائد في شأن الأمن الاجتماعي سواء أكانت هذه الفائدة تعود على المجتمع ، أو تعود على شخص المتهم نفسه ، فهو يمثل حماية للمجتمع وحماية للمتهم . فالتوقيف الاحتياطي باعتباره يسلب حرية المتهم فهو يمنعه من العودة إلى ارتكاب الجريمة إذا أخلى سبيله ، وهذه فائدة مشتركة للمتهم والمجتمع وقد يكون للحبس الاحتياطي فائدة للمتهم ذاته ، خاصة في الجرائم التي لها أثرها على الشعور العام للجماعة مما يهدد باعتدائها على المتهم إذا ما أطلق سراحه . الا أن هذه التبريرات لم تسلم من النقد لأن التوقيف الاحتياطي وكونه يهدف إلى تحقيق الأمن أو منع المتهم من ارتكاب جريمة أخرى لا يبرر سلب حرية المتهم ، لأنه قد يكون حقق هدفه بارتكابه للجريمة ومن هنا فلا يوجد خوف من عودته إلى ارتكاب جرائم أخرى (6).
ثانياً : التوقيف الاحتياطي إجراء يضمن تنفيذ العقوبة
يعتبر إجراء التوقيف الاحتياطي كما قرر مؤيدوه إجراء يمنع المتهم من الهرب خلال توقيع عقوبة عليه في ظروف اقترافه لجريمة تستوجب عقوبة شديدة ، وقد يكون المتهم مجهول الهوية أو غير معلوم . إلا أن هذا المبرر لم يسلم من النقد لعدم معقولية وقبول مبرر هروب المتهم حال الحكم بإدانته(7). وهروب المتهم يرتب عليه عبئا كبيرا يفوق عبء العقوبة ، إذ أنه سيظل طريدا مختفيا هاربا حتى تنتهي مدة العقوبة بالتقادم ، كما أن خشية هروب المتهم حال القضاء بإدانته لا يبرر حبسه احتياطيا حتى مع وجود دلائل قوية على إدانته ، فلا يجوز أن تمس الحرية باعتبارها من الحقوق التي يحميها القانون بمجرد احتمال إدانته المتهم وتهربه من تنفيذ الحكم الصادر ضده .
ثالثاً : التوقيف الاحتياطي إجراء تحقيق
التوقيف الاحتياطي إجراء ضروري سلمت به التشريعات وأقر به الفقه والقضاء رغم بغضه الشديد إلا أن الضرورة أباحته(8). والمسلم به إنه ليس عقوبة وإنما هو إجراء تقتضيه ضرورة التحقيق وحسن سير الدعوى ، فالحبس الاحتياطي أحد الوسائل التي عن طريقها تتحقق العدالة فالغرض الوحيد من الحبس الاحتياطي هو المساعدة على إظهار الحقيقة .
وبذلك يتضح لنا أن الغرض الاساسي من التوقيف الاحتياطي أنه يعد وسيلة من وسائل التحقيق التي تسهم في تحقيق العدالة على النحو التالي :-
1- فقد يستلزم التحقيق وجود المتهم أثناء إجراءاته .
2-قد يخشى إذا ما أطلق سراح المتهم أن يلجأ إلى إخفاء أدلة الجريمة وطمس معالمها وبذلك يعوق سير إجراءات التحقيق .
3- قد يكون التوقيف الاحتياطي في بعض الحالات حائل بين المتهم وبين الاتصال بشركائه في ارتكاب الجريمة ، لينظم دفاعه معهم ، أو يبحث عن شهود نفي أو يقود إلى تهديد شهود الإثبات.
__________________
1. قانون الإجراءات الجنائية المصري م 34، وقانون الإجراءات الجنائية الليبي م115، وقانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية الكويتي م 69 .
2. قانون اصول المحاكمات العراقي م 109، ، قانون أصول المحاكمات الأردني م 111 ، قانون أصول المحاكمات الجزائية السوري م 102 ، قانون أصول المحاكمات الجزائية اللبناني م 100 .
3. قانون المسطرة الجنائية المغربي م 152 ، قانون مجلة الإجراءات الجزائية التونسي م 184
4. أحمد فتحي سرور ، مصدر سابق ، صـ 637 .
5. حسن صادق المرصفاوي ، مصدر سابق ، صـ 640
6. حسن صادق المرصفاوي ، بدائل التوقيف المؤقت ، الندوة العلمية التاسعة بالمركز العربي للدراسات الأمنية والتدريب ، الرياض ، 1984م ، ص 7 وما بعدها .
7. المصدر السابق ، ص 6 .
8. محمد زكي أبو عامر ، الإجراءات الجنائية القاهرة ، دار المطبوعات الجامعية ، 1990 ، ص 667 .
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً