المفهوم القانوني لمبدأ علانية جلسات المحاكمة

مبدأ علانية جلسات المحاكمة

نص قانون اصول المحاكمات الجزائية على بعض القواعد العامة التي على المحكمة التقيد بها عند نظرها الدعوى ومن هذه القواعد هي علانية جلسات المحاكمات واذا كانت التشريعات قد اختلفت فيما يتعلق بعلانية اجراءات التحقيق الابتدائي فانها اتفقت على ان القاعدة العامة هي ان جلسات المحاكمة يجب ان تكون علنية ومبدأ علانية جلسات المحاكمة يعد من المبادئ الاساسية للاجراءات الجنائية ولأهميته هذه فقد تضمنه الاعلان العالمي لحقوق الانسان الصادر عن هيأة الامم المتحدة عام 1948 في المادة العاشرة منه اذ نصت على انه : ( لكل انسان الحق على قدم المساواة التامة مع الاخرين في ان تنظر قضيته امام محكمة مستقلة نزيهة نظرا عادلا علنيا للفصل في حقوقه والتزاماته واية تهمة جنائية موجهة اليه ) .

كما نصت المادة الحادية عشرة منه على ( ان لكل شخص متهم بجريمة يعد بريئا الى ان تثبت ادانته قانونا بمحاكمة علنية تؤمن له فيها الضمانات الضرورية للدفاع عنه ) وانسجاما مع هذه المبادئ فقد نصت الكثير من دساتير الدول عليها وعلى نفس هذه المبادئ جاءت المادة 152 من قانون اصول المحاكمات الجزائية رقم 23 لسنة 1971بالنص على انه ( يجب ان تكون جلسات المحاكمة علنية ما لم تقرر المحكمة ان تكون كلها او بعضها سرية لايحضرها غير ذوي العلاقة بالدعوى مراعاة للامن او المحافظة على الاداب ولها ان تمنع حضورها فئات معينة من الناس).

غير انه لا يقصد بالعلانية هنا اجراء المرافعة بحضور الخصوم اذ ان هذا الامر مفروغ منه ولا نزاع فيه اذ لابد من حضور الخصوم حتى لو قررت المحكمة جعل المحاكمة سرية وانما المقصود بعلنية جلسات المحاكمة هو السماح لمن يشاء من الجمهور بحضور جلسات المحاكمة ومراقبة المحكمة ويتأتى ذلك اما عن طريق فسح المجال لكل شخص من دون تمييز ان يحضر المحاكمة او السماح بنشر كل ما يجري داخل الجلسة بطرق النشر المعروفة المسموعة والمرئية.

ولا يخل بهذا المبدأ ايضا اعتماد المحكمة على صيغة معينة في تحديد دخول الاشخاص الى قاعة المحكمة بتنظيم دخولهم مثلا بتذاكر طالما ان التذاكر لا توزع بين فئة مخصوصة من الناس بل على كل من يطلبها كما لايخل بهذا المبدأ ايضا استخدام رئيس المحكمة حقه في اخراج من يحصل منه اي تصرف من شأنه الاخلال بنظام الجلسة او ان يأمر بغلق الابواب من دون اخراج الحاضرين لمنع التشويش الحاصل من تزاحم الجمهور داخل الجلسة .

ويعد مبدأ علانية المحاكمة ضمانا ضروريا لارضاء شعور الجماعة بعدالة المحاكمات اذ ان السماح للجمهور بحضور المحاكمة والاطلاع على اجراءاتها يجعل منه رقيبا على سلامة تلك الاجراءات ويدعم ثقته في عدالة القضاء فضلا عن ان سماع الحكم بنفسه من شأنه ان يسمح بتحقيق غاية الردع من العقاب على اوسع نطاق ممكن فهي ضمانة اكيدة له تمكنه من اعلان براءته على الناس ونفي ما وجه اليه من تهم لذا فهي تشكل احدى ضمانات الحرية التي يتمتع بها الفرد .

على ان علانية المحاكمة يجب ان تتناول جميع اجراءات المحاكمة فالتحقيقات والمرافعات واصدار الاحكام سواء أكانت احكاما فاصلة في موضوع الدعوى ام تلك السابقة على الفصل فيه جميعها يجب ان تتم بعلانية كما يجب ان تشمل جميع جلسات المحاكمة اذا استمرت عدة جلسات .

ومما تجدر الاشارة اليه انه يجب ان يشار في الحكم او في محضر الجلسة الى ان الجلسة او الجلسات التي استغرقتها المحاكمة كانت علنية وان كان خلو محضر الجلسة او الحكم من هذه الاشارة لا يبطل الحكم ولايصلح وجها لنقضه اذ ان الاصل هو افتراض ان الاجراءات قد روعيت عند نظر الدعوى ويكون على من يدعي ان الجلسة كانت سرية من غير مسوغ اقامة الدليل على ذلك .

وكما اوجبت المادة 152 من قانون اصول المحاكمات الجزائية ان تكون الجلسة علنية فقد عادت واجازت للمحكمة ان تقرر سماع الدعوى كلها او بعضها بصورة سرية او ان تمنع حضورها فئات معينة من الناس ويكون ذلك حينما تقرر المحكمة ان مراعاة الامن او المحافظة على الاداب يتطلب ذلك فاجاز للمحكمة ان تقرر جعل المحاكمة كلها او بعضها سرية استثناء من القواعد العامة واوكد ان القرار يجب ان يصدر من المحكمة وليس من رئيسها فقط وينبغي ان يكون القرار مسببا وان كان يكفي لتسبيبه كما ذهبت محكمة النقض المصرية ان تذكر المحكمة ان الجلسة جعلت سرية مراعاة للنظام العام او الاداب العامة من دون ان تكون ملزمة بان تبين تفصيلا اكثر عن اسباب اخلال العلنية بالاداب او النظام العام وتقدير ما اذا كانت مراعاة الامن او المحافظة على الاداب تقتضي جعل المحاكمة سرية امراً متروكاً للمحكمة ولا يخضع الى رقابة محكمة التمييز .

على ان المحكمة اذا قررت جعل الجلسة سرية فان لها ان تعود لتقرر بعد ذلك جعلها علنية او ان تسمح لبعض فئات من الناس من حضورها كما ينبغي الاشارة ايضا الى ان سرية الجلسة لا تشمل الا سماع الدعوى والمرافعة اما ما سبق ذلك او يعقبه من اجراءات كتلاوة التهمة في الجلسة وسؤال المتهم عن البيانات الخاصة بشخصه فيجب ان تجري بعلنية بل حتى الحكم الذي تقرر به المحكمة سرية الجلسة لابد ان يصدر في جلسة علنية كذلك ينبغي ان تصدر الاحكام بصورة علنية وان كانت المحاكمة سرية.

المحامية: ورود فخري

Share

1 Comment

  1. دكتور /حسين قايد

    4 يناير، 2020 at 1:54 م

    الحقيقة ان المقاول موجز وممتاز ولكن لم يبين الى قانون اى دولة ينتمى اليها المقال حتى يتسنى لنا الاشارة للمؤلف والمصدر حرصاً على الامانة العلمية كما ان امكانية الطباعة غير متاحة

اترك تعليقاً

Your email address will not be published.