مصطلح الانحراف بالسلطة
يعتبر الانحراف في السلطة عيبا من العيوب الداخلية او المادية التي تشوب القرار الاداري في ركن الغاية او الهدف فتجعله جديرا بالالغاء وهو يعني استعمال الادارة لسلطتها من اجل تحقيق غاية غير مشروعة سواء باستهداف غاية بعيدة عن المصلحة العامة او انها مغايرة للغاية التي حددها القانون.
ويعرف الاستاذ لافرير عيب الانحراف بالسلطة على انه استعمال سلطة مشروعة لتحقيق اهداف غير الاهداف التي انشئت من اجلها تلك السلطة ، فعيب الانحراف في السلطة يصيب القرار الاداري في ركن الغاية او الهدف الذي تسعى الادارة لتحقيقه باصدار القرار وذلك لان الادارة ليست حرة في اختيار اهدافها بل يفرض عليها القانون ان تكون المصلحة العامة هدفا معتبرا لجميع اعمالها وانشطتها او تحقيق الهدف الذي حدده المشرع بصدد عمل معين.
ويتصل عيب الانحراف بالسلطة التقديرية اتصالا وثيقا اي في الاحوال التي يترك فيها المشرع للادارة قدرا من الحرية في التدخل عن طريق عملها او عدمه او حتى في اختيار وقت التدخل ورغم ذلك فان هذا العيب يمكن ان يظهر حتى في ميدان السلطة المقيدة للادارة وان كان من النادر ان يحصل ذلك لانه في حالة الاختصاص المقيد تكون الادارة ملزمة سلفا بالتصرف على نحو محدد يفرضه القانون ومن ثم تفترض مشروعية العمل الصادر عن الادارة لان الاصل هو تأكيد سلامة وصحة القرار.
ويتصف عيب الانحراف بالسلطة بالدقة والحساسية ومن ثم بالصعوبة في الاثبات مقارنة بالغاء الاخرى نظرا لارتباطه بالجانب النفسي لرجل الادارة الامر الذي دفع بعض الفقهاء الى انكار هذا العيب بوصفه وجها من وجوه الغاء القرار الاداري على اساس انه يرتبط باخلاقيات الادارة وليس بنطاق المشروعية.
ونظرا لصعوبة مهمة القاضي في كشف الانحراف فقد قرر مجلس الدولة الفرنسي اصفاء الصفة الاحتياطية لعيب الانحراف بمعنى ان القاضي الاداري اذا ماطعن امامه في قرار بالالغاء فانه لاينظر في هذا العيب الا في حالة استنفاد النظر في العيوب الاخرى فاذا ظهر له صحة تلك العيوب انتقل لبحث عيب الانحراف بالسلطة اما اذا تبين له ان القرار معيب في سببه او في محله حكم بالغاء القرار بناء على ذلك من دون التعرض لعيب الانحراف ويترتب على الصفة الاحتياطية لعيب الانحراف بالسلطة ان العيب محل الاهتمام لايتعلق بالنظام العام ومن ثم فليس للقاضي ان يثيره من تلقاء نفسه و يتطلب اثبات تحقق عيب الانحراف وجود عنصر مادي يتمثل باستهداف غاية خلاف المصلحة العامة او لغاية مغايرة للغاية التي حددها المشرع في حالة تخصيص الاهداف وكذلك لابد من توفر عنصر معنوي يتمثل بتوافر نية الانحراف بالسلطة لدى مصدر القرار ذلك ان عيب الانحراف بالسلطة من العيوب العمدية ومن ثم يجب لتحققه ان يكون لدى الادارة قصد اساءة استعمال السلطة او الانحراف بها.
ولابد من القول انه يجب عدم الخلط بين اشتراط عنصر القصد او العمد لقيام عيب الانحراف بالسلطة بسوء النية فيمكن تصور حالات تكون فيها الادارة حسنة النية بالرغم من انحرافها كان تصدر الادارة قرارا من اجل هدف يتعلق بالمصلحة العامة ولكنه اجنبي عن الهدف الذي حدده لها المشرع طبقا لقاعدة تخصيص الاهداف ، ويكون عبء اثبات نية الاساءة او الانحراف على المدعي عبئا ثقيلا او بالغ الصعوبة بالقياس الى اوجه الالغاء الاخرى وتزداد هذه الصعوبة خاصة عندما يكون القرار صادرا عن مجلس او هيئة او لجنة.
وتلجا المحكمة الى جميع القرائن لاثبات وجود التعسف او الاساءة او الانحراف كالاعتراف ونص القرار المطعون فيه وملف الدعوى والمراسلات وظروف اصدار القرار وغير ذلك وقد دعت هذه الصعوبة مجلس الدولة الفرنسي الى التخفيف عن المدعي وخصوصا في الحالات التي يلمس فيها المجلس وجود قرائن واضحة لصالح المدعي.
المحامية: ورود فخري
اترك تعليقاً