المفهوم القانوني لمصطلح التوفيق أو المصالحة
وهي احدى الطرق السلمية لتسوية المنازعات الدولية وقد ظهرت في اعقاب الحرب العالمية الاولى ، ويلتقي التوفيق مع التحقيق في بعض الخصائص الا انه يتميز عنه من حيث ان لجان التوفيق تقوم بالاطلاع على الوقائع واقتراح الحلول المناسبة له.
ويعرف اسلوب التوفيق او المصالحة على انه ( عرض نزاع معين على لجنة توفيق بقصد تمحيص جميع اوجه النزاع واقتراح حل على الطرفين المتنازعين ويكون احد اطراف النزاع او كلاهما حر في قبول او رفض اقتراحات لجنة التوفيق ويمكن للموفقين ان يجتمعوا بالطرفين مجتمعين او منفردين).
وقد اكدت عصبة الامم طريقة التوفيق كاحدى الطرق السلمية في فض المنازعات الدولية ، وعلى اساس ذلك تم تشكيل العديد من لجان التوفيق بموجب اتفاقيات ثنائية او جماعية مثل المعاهدة الثنائية لوكارنو التي ابرمت في عام 1925 والمعاهدة الجماعية البلطيق عام 1925 ايضا وميثاق التحكيم لعام 1928 .
وواقع الحال يشير الى ان لجوء الدول الى طريقة التوفيق كاحدى الطرق لحل المنازعات الدولية بالطرق السلمية يعد نادرا في المجتمع الدولي لان الدول تفضل اللجوء الى الاساليب الاخرى لتسوية المنازعات على اسلوب التوفيق لان قرارات لجان التوفيق تكون غير ملزمة لاطرافها فالنتائج التي تتوصل اليها تتخذ بشأنها اقتراحات او توصيات يكون لاطرافها مطلق الحرية في الرفض او القبول اذ تنحصر مهمة لجان التوفيق في دراسة النزاع وتقديم الاقتراحات الى الاطراف المتنازعة التي تراها كفيلة بفض النزاع بالطرق السلمية لكن تلك الاقتراحات تبقى عارية عن صفة الالزام.
وبناء عليه فان من اهم ماتتميز به طريقة التوفيق ثلاث خصائص هي: من ناحية تنظيم لجان التوفيق فهذه تخضع لمبدأين : مبدأ الجماعية ومبدأ الدوام، اي ان كل لجنة تتكون من ثلاثة اعضاء او خمسة وانها لا تتكون لحل خلاف معين وانما تنشأ مقدما بموجب معاهدات تنص عليها. ومن ناحية صلاحية لجان التوفيق فالغرض الرئيس من طريقة التوفيق هو تسوية المنازعات المتعلقة بالمصالح المتبادلة للدول ولهذا فان مهمة اللجنة تنحصر في دراسة النزاع وتقديم تقرير مفصل عنه الى الاطراف المتنازعة يتضمن الاقتراحات التي تراها كفيلة بتسوية النزاع الا ان التقرير ليس له صفة الالزام كما اسلفنا.
اما من ناحية الاجراءات فهذه اللجان تجتمع بصورة سرية كما انها لا تلتزم بنشر التقرير النهائي لها وتتخذ قراراتها -او بالاحرى توصياتها – بالاغلبية . وفي نهاية الحرب العالمية الثانية عقدت عدة معاهدات متعددة الاطراف تنص على اللجوء الى طريقة التوفيق منها ميثاق بوكوتا عام 1948 ومعاهدة بروكسل لعام 1948 ايضا وميثاق منظمة الدول الافريقية لعام 1963، وعلى الرغم من كل مثالب اسلوب التوفيق التي تحدثنا عنها آنفا الا انه لايمكن ان ننكر ان هذا الاسلوب نجح في حل بعض النزاعات مثل النزاع الدنماركي البلجيكي عام 1952 بشأن الحوادث البحرية في ميناء انفرسي سنة 1940 ،ونزاع فرنسا وسويسرا عام 1955 ولجنة التوفيق التي سوت نزاعا بين اليونان وايطاليا عام 1956 نشأ عن غرق سفينة يونانية سنة 1940 .
وكذلك اعادة الاراضي الكمبودية التي منحتها فرنسا الى تايلند عام 1941 بناء على وساطة اليابان . فضلا عن المساعي الحميدة التي بذلتها بريطانيا والولايات المتحدة التي ادت الى عرض النزاع على لجنة توفيق تالفت وفقا لاحكام الاتفاق الموقع في واشنطن عام 1946 وادى الى اذعان تايلند لمضمون التقرير القاضي باعادة الاراضي الكمبودية الممنوحة اليها من قبل فرنسا.
وتكون معاهدات التوفيق على أنواع مختلفة هي: معاهدات التوفيق الاسكندنافية التي وضعت أسلوباً موحداً للتوفيق يمكن تطبيقه في جميع المنازعات. ومعاهدات التوفيق والتحكيم البولونية التي أحدثت أسلوباً مزودجاً لحل جميع المنازعات على مرحلتين: تبدأ الأولى بالتوفيق، فإذا أخفقت هذه الطريقة يلجأ الطرفان إلى التحكيم.
وكذلك معاهدات التحكيم والتوفيق الالمانية وهي تنص على تطبيق طريقتي التحكيم والتوفيق في حالتين مختلفتين:الأولى في المنازعات القانونية والثانية في المنازعات ذات الطابع السياسي. ومعاهدات التوفيق والتسوية القضائية المتبعة في سويسرا وهي تجمع بين الطريقتين.
واخيرا ميثاق التحكيم العام: وقد أقرته الجمعية العامة لعصبة الأمم في 26 أيلول 1928، الذي تناول بكثير من التفصيل ثلاثة نظم لتسوية المنازعات الدولية بالطرق السلمية وهي التوفيق والقضاء والتحكيم .
المحامية: ورود فخري
اترك تعليقاً