الميزة الأفضل للعامل
عندما صدر قانون التأمينات الاجتماعية في 2 سبتمبر سنة 1976 إستحدث نظاماً جديداً لتأمين الشيخوخة والعجز والمرض والوفاة للكويتيين العاملين في القطاع الحكومي والقطاعين الأهلي والنفطي وجعل الخضوع لهذا النظام اجبارياً بالنسبة لجميع الكويتيين العاملين في تلك الجهات بحيث لايجوز لأي رب عمل أن يتحلل من أحكام هذا النظام أياً كانت الأسباب بوصف أن المعاش التقاعدي هو الوسيلة الوحيدة التي تكفل للمواطن الكويتي الذي خدم الدولة أو خدم في القطاع العام أو الخاص حياة كريمة بإيجاد دخل مستمر له يدبر به شئون حياته بعد أن كان حقه يقتصر على مجرد مكافأة يصرفها دفعة واحدة عند إنتهاء خدمته وقد ينفق هذا المبلغ ثم يصبح بعد ذلك في حاجة إلى مورد آخر يتعيش منه بعد أن يكون قد بلغ سناً لا تؤهله للعمل ولأن هذا القانون يفيد منه جميع الكويتيين العاملين في الحكومة أو القطاع العام أو الخاص فقد نص على أنه يحل محل مكافأة نهاية الخدمة المقررة بقانون العمل في القطاع الأهلي ولأنه تبين أن بعض العاملين في جهات مميزة كانوا يستفيدون من أنظمة معاشات أو مكافأت أو ادخار أفضل مما قرره لهم نظام التأمينات الاجتماعية فقد أراد المشرع أن يحفظ لهؤلاء العاملين حقوقهم حتى لا يكون قانون التأمينات الاجتماعية الذي صدر اساساً للحفاظ على حقوق العاملين سبباً في الانتقاص من حقوقهم ومن أجل هذه الحالة بالذات أورد نصاً في الأحكام العامة للقانون برقم 82 نص فيها على أن يلتزم أصحاب الأعمال الذين يرتبطون بأنظمة معاشات أو مكافأت أو ادخار أفضل بقيمة الزيادة بين ما كانوا يتحملونه في تلك الأنظمة ومكافأة نهاية الخدمة القانونية المحسوبة على أساس قانون العمل في القطاع الأهلي وهو ما أطلق عليه الميزة الأفضل باعتبار أنها ميزة تفوق المزايا المقررة في قانون التأمينات أحتفظ بها القانون لمن كانوا يتمتعون بها قبل العمل بأحكامه ووضع لها نظاماً خاصاً هو أن صاحب العمل يؤدي هذه الميزة إلى مؤسسة التأمينات الاجتماعية عند انتهاء خدمة الموظف ثم تقوم المؤسسة بصرفها لهم وإمعانا في رعايتهم أوجب على المؤسسة صرف هذه الميزة إلى أصحابها حتى ولو لم يؤدها صاحب العمل خلال المدة المحددة له وقد ترتب على ذلك أن أصبح العامل الكويتي في أي شركة من الشركات لا يتقاضى أي مكافأة من رب العمل الذي كان يعمل لديه اكتفاءاً بالتزام صاحب العمل بسداد اشتراكات التأمينات الاجتماعية بحيث تتولى المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية صرف كل حقوقه بعد أحالته للتقاعد أما العامل غير الكويتي فقد ظل يتقاضى مكافأة نهاية خدمة مثلما كان يتقاضاها قبل العمل بقانون التأمينات الاجتماعية ولأن تلك المكافأة كانت تصل في بعض الأحيان إلى مبالغ كبيرة خاصة إذا كان الراتب المقرر للعامل غير الكويتي كبيراً فقد لفت النظر إلى أن هناك تميزاً سلبياً للعامل الكويتي فالعامل الكويتي يعتبر أن المعاش الذي سيتقاضاه من مؤسسة التأمينات أمراً مفروغاً منه ولكنه حرم من مبلغ كبير كان سيتقاضاه عند خروجه من الخدمة قد يفيده في أقامة مشروع تجاري أو في أي غرض آخر ولهذا بدأوا يتشكون كيف أننا نعمل في شركة واحدة والعامل الكويتي عندما تنتهى خدمته لا يتقاضى شيئاً غير المعاش المقرر بينما العامل غير الكويتي يتقاضى مبلغاً كبيراً دفعة واحدة ووجدوا المخرج أيضاً في قانون التأمينات الاجتماعية فالمادة 83 من ذلك القانون تنص على أنه يجوز لصاحب العمل أن ينشئ نظاماً للمعاش يتضمن مزايا إضافية أو تكميلية لهذا القانون وهو ما اصطلح على تسميته بالميزة التكميلية تمييزاً لها عن الميزة الإضافية الذي سبق أن أشرنا إليها فبدأت الشركات تضع نصاً في عقود العمل التي تبرمها مع العاملين الكويتيين يقرر لهم الحق في مكافأة نهاية الخدمة وفقاً لقانون العمل بالإضافة إلى حقهم في المعاش المقرر في قانون التأمينات وصارت مثلاً فأغلب الشركات بدأت تحرص على أن تورد هذا النص في عقود العمل وأحياناً لوائحها الداخلية وهنا بدأ يتشكى أرباب الأعمال لأنه يؤدي عن العامل الكويتي قسطاً شهرياً للتأمينات الاجتماعية ثم يؤدى له في نهاية الخدمة مكافأة نهاية خدمة عن المدة التي قضاها في العمل ولهذا جاء قانون العمل الجديد رقم 6 لسنة2010 فنص في المادة 51 بأنه يلتزم صاحب العمل بدفع صافي الفرق بين إشتراكات التأمينات الاجتماعية والمبالغ المستحقة عن مكافأة نهاية الخدمة أي أنه نص على أن يخصم ما سدده رب العمل من اشتراكات التأمينات الاجتماعية وفقاً لقانون التأمينات من مكافأة نهاية الخدمة التي تلتزم بأدائها للعامل وفقاً لقانون العمل وذلك منعاً من الازدواج بينهما .
هذا وقد قضت محكمة التمييزبأنه:
” وحيث إن الطاعنة تنعي بالسبب الثاني من سببي الطعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك تقول إن مكافأة نهاية الخدمة التي يلتزم بأدائها إلى المطعون ضده والتي درج على تسميتها بالميزة الأفضل تمثل الفارق بين مكافأة نهاية الخدمة محسوباً وفقاً لقانون العمل في القطاع الأهلي وتلك المحسوبة وفقاً لأحكام قانون العمل في قطاع الأعمال النفطية الذي ينتمي إليه الأخير وإذ لم يعتد الحكم المطعون فيه بحساب الطاعنة لتلك المكافأة رغم صحته وقضي للأخير مكافأة نهاية الخدمة التي إحتسبها الخبير على القدر الزائد من الراتب عن مبلغ 1250 ديناراً وفقاً للمعدلات الواردة في قانون العمل في قطاع الأعمال النفطية رغم عدم صحته حسبما إنتهى إليه الخبير رغم تطرق الأخير لمسائل قانونية تخرج عن نطاق مأموريته بما يعيبه ويستوجب تمييزه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أنه لما كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن مؤدى نصوص المواد رقم 54 فقرة أخيرة من القانون رقم 38 لسنة 1964 في شأن قانون العمل في القطاع الأهلي، والمادة رقم 18 من القانون رقم 28 لسنة 1969 في شأن قانون العمل في قطاع الأعمال النفطية، والمواد 2، 11، 82، 83، 118 من القانون رقم 61 لسنة 1976 بشأن التأمينات الاجتماعية – في مجموعها- أن المشرع وإن أوجب التأمين على العمال الكويتيين لدى المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية، إلا أنه وضع حداً أقصى لها يتم التأمين عليه هو راتب مقداره 1250 ديناراً من أجر العامل وعما لم يتم الاشتراك عنه في التأمين الأساسي لا يسري عليه حكم المادة 82- المار بيانها – بما يقتضيه من ميزة أفضل للعامل في القطاع النفطي وذلك بإعتبار أن صاحب العمل لا يلتزم بأداء إشتراكات شهرية عما يجاوز هذا القدر من الأجر في التأمين الأساسي وهو الالتزام الذي يمثل أحد عنصري التقابل والذي بإنتفائه ينتفي موجب تطبيق حكم المادة 82 المشار إليها على هذا القدر الزائد عن الأجر وإنما يستحق العامل في القطاع النفطي في مواجهة صاحب العمل مباشرة عن هذا القدر الزائد من الراتب التأميني مكافأة نهاية الخدمة القانونية المقررة له وفقاً لنص المادة 18 من القانون رقم 28 لسنة 1969 بإعتباره التزاماًَ أصلياً تقرر له كحق أصيل قبل الأخير – صاحب العمل – لا يجوز المساس به إعمالاً لحكم المادة 118 من قانون التأمينات الاجتماعية ويكون حساب هذه المكافأة وفق معدلاتها المبينة بنص المادة 18- المار ذكرها- عن كامل خدمة المستأنف ضده وعلى أساس أجره الشامل على أن يطرح منه القدر الذي تم التأمين عليه من قبل صاحب العمل ومقداره 1250 ديناراً حسبما سلف – وإذ إلتزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وإنتهى في قضائه إلى أحقية المطعون ضده في مكافأة نهاية الخدمة طبقاً للمعدلات الواردة بنص المادة 18 من القانون رقم 28 /1969 بشأن العمل في القطاع النفطي فما زاد عن المسقف التأميني البالغ 1250 ديناراً شهرياً أخذاً بما إنتهى الخبير المندوب في الدعوى لصحة أسبابه وقيامه على أسس سليمه وهى أسباب سائغة كافية لحمل قضائه فإن النعي عليه بهذا السبب يكون على غير أساس. ولما تقدم يتعين رفض الطعن.”
(الطعن بالتمييزرقم 472/2012 عمالي/1 الصادر بجلسة 28/5/2013)
اعادة نشر بواسطة محاماة نت .
اترك تعليقاً