المنهاج في صياغة قانون الجمعيات
مقارنة بين القانون المغربي والفرنسي
إن هذه القراءة محاولة بسيطة للتصدي لهذا الموضوع في محاولة مقارنة لاعتبارات أبرزها ارتباط المشرع المغربي بمستعمره القديم فرنسا واعتماده على النسخة الفرنسية التي يرجع تاريخها إلى 1901 وبتالي عدم مواكبة جزء منها أو معظمها للتطورات الحديثة والمتلاحقة.
1- هل القانون المنظم مكيف ليشمل المشاريع الاقتصادية؟
في البلدين: إن القانون المنظم للعمل الجمعوي غير مكيف بشكل كاف لاستيعاب المشاريع التي يطمح إليها المجتمع المدني ولا حتى الأنشطة البسيطة. إن ممارسة الأنشطة الاقتصادية من طرف الجمعية مقنن بدقة في فرنسا وفي المغرب. إن الجمعية وفق المرجعية القانونية لا يمكن أن تكون مصدرا للارتزاق في كلا البلدين، كما ينص الفصل 1 من القانون المنظم المغربي “غير توزيع الأرباح فيما بينهم” كما لا يمكن لأي جمعية أن تخوض في صفقة تجارية. لكن تحقيق دخل بالاعتماد على الأنشطة المدرة للدخل أمر مقبول. وبالنظر إلى الهدف الذي من أجله تنشأ الجمعية نجد أن قطاع المجتمع المدني تقليدي وقانوني موجه للمشاريع الجماعية، الأنشطة المرتبطة بالحياة الاجتماعية، التضامن، الرياضة، نشر التوعية…
2- هل بإمكان جمعية ما أن تصبح شركة؟
تحويل جمعية إلى شركة قانونيا غير ممكن في المغرب، أما في فرنسا فالمجتمع المدني يتجه نحو هذا الإطار، ولا أدل على ذلك من أن الجمعيات تؤدي ضرائب على مداخيلها، وأنه بدأت تسود لديهم فكرة الجمعية المقاولة منذ فترة ليست باليسيرة.
3- كم يستوجب لتأسيس جمعية: العدد، الوقت. ما هو النصاب القانوني لتأسيس الجمعية؟
فرنسا: يستوجب على الأقل شخصين سواء كانا طبيعيين أو معنويين هذا باستثناء منطقة ألزاس وقسم موسيل، وبمجرد عقد الجمع العام والتصريح تصبح الجمعية قانونية.
المغرب : الجمعية هي اتفاق لتحقيق تعاون مستمر بين شخصين أو عدة أشخاص لاستخدام معلوماتهم أو نشاطهم لغاية غير توزيع الأرباح فيما بينهم” الفصل 1. أما في المدة التي تستوجبها هذه الإجراءات فبمجرد إيداع التصريح يسلم وصل نهائي وجوبا داخل أجل أقصاه 60 يوما وفي انتظار ذلك يبدأ نشاط الجمعية بوصل مؤقت.
4- هل يمكن لأجنبي أن يكون عضوا في جمعية؟
في كلا البلدين: ليس من المفروض الحصول على جنسية البلد المضيف لتأسيس جمعية أو للحصول على العضوية في جمعية ما، كل الأعضاء في جمعية يمكنهم أن يكونوا أجانب. باستثناء بعض الحالات القانونية الخاصة. كالمسؤول عن المنشورات الدورية المستهدفة بالشباب مثلا. يمكن للشخص الأجنبي أن يترأس جمعية ما. إلا أنه محروم من المشاركة في الأحزاب السياسية المغربية حسب قانون الحريات العامة.
5- هل كتابة القانون الأساسي واجبة؟
في كلا البلدين: يستوجب القانون المنظم كتابة القانون الأساسي لأنه مستند أساسي في الملف الذي يقدم عند تشكيل الجمعية. إنه بغاية الأهمية، فمن خلاله تعلن الجمعية عن وجودها معنويا ويكسبها قوة قانونية، والقانون الأساسي هو الذي ينظم علاقة الجمعية بمحيطها وأفرادها والأهداف التي من أجلها أسست الجمعية، لهذا لزمت الإشارة إلى اسم وعنوان وأهداف ومقر الجمعية.
6- هل على الجمعية أن تشتمل على رئيس وكاتب وأمين، وهل يجب على الجمعية أن تشتمل على هيكلة معينة؟
في فرنسا: هذا غير مفروض فالقانون الداخلي للجمعية يعود للمؤسسين لتعيين الشكل التنظيمي في القانون الأساسي كتعيين مهمة الرئيس والكاتب والأمين وهذا هو الشكل المتعارف عليه ويتم هذا من طرف الجمع العام. في المغرب: كذلك غير مفروض لكن جرى العرف أن تشتمل الجمعية على رئيس و كاتب وأمين مال.
7- هل يمكن لشخص سنه أقل من 18 سمة أن يكون في جمعية؟
في البلدين: نعم يمكنه أن ينخرط في أي جمعية كمستفيد ولكنه لا يستطيع أن يكون من المسيرين، وهنا يمكن التفصيل أكثر في المغرب حيث ينقسم الرشد إلى ثلاث، سن رشد جنائي وهو 16 سنة، وسن رشد سياسي وهو 18 سنة، وسن رشد قانوني /مدني وهو 20 سنة.
8- هل الدعم المالي حق أم امتياز؟:
في كلتا الدولتين لا شيء يلزم الدولة إعطاء المال، فالجهات المختصة داخل الدولة هي التي تختار الجهة التي ستستفيد من منحتها وبهذا تكون لها سلطة تقديرية باختيار الجهة المعنية حسب شروط تضعها هي.
9- هل يجب على الجمعية تقديم كشف حساب لدعم مالي توصلت به ؟
في كلا البلدين المتعارف عليه هو أن منح مبلغ مالي يستوجب التدقيق في طريقة صرفه وبالتالي مراقبته وإجراءات المراقبة تكون ملزمة للجمعية وتتخذ أشكال مختلفة. وهكذا في القانون المغربي نجد أن على الجمعيات إخبار الأمانة العامة للحكومة في حال توصلت بقيمة مالية تتجاوز عشرة آلاف درهم هذا في ما يخص مراقبة الدولة أما عن الجهات المانحة الدولية فلها طرقها للمراقبة.
10- هل تؤدي الجمعية الضرائب؟
فرنسا:القانون الذي تخضع له الجمعيات له ارتباط بالقانون المالي المنبثق من جوهر القانون العام، فالجمعية مكلفة ومسؤولة قانونا أمام الجهات المعنية بالضرائب والرسوم المرتبطة بأنشطتها.
المغرب: الجمعية ليست مكلفة أي أنها لا تتحمل المسؤولية القانونية أمام مصالح الضرائب والرسوم.
11- هل يمكن للجمعية ممارسة أنشطة اقتصادية؟
في كلا البلدين: لا يوجد تشريع يمنع مزاولة الجمعيات للأنشطة الاقتصادية المدرة للدخل، لكن مزاولة أنشطة اقتصادية بالنسبة للجمعية مقنن بمعنى يمكن تحقيق مدخول لكن لا يجب توزيع الأرباح على الأعضاء. ومن ناحية أخرى يجب أن يتضمن القانون الأساسي ذكر لممارسة الأنشطة الاقتصادية بشكل دائم إن كانت هذه الأنشطة غير مهمة و دورية. إذ لا يجب الاعتقاد أن مزاولة الأنشطة الاقتصادية لا يتعرض لنفس ما تتعرض له الشركات والمقاولات، وفي كل الحالات يجب على هذا النشاط أن يحترم قوانين المحاسبة، النظافة، السلامة، الجودة، حماية المستهلك، قانون الشغل…
فرنسا:الجمعية المرخص لها يمكنها مزاولة أنشطة اقتصادية حتى ولو كان نشاطا أساسيا بالنسبة للجمعية و ممارسة النشاط الاقتصادي بما يتحمله هذا المصطلح من مفاهيم يختلف حسب النشاط إذا كان غير متعارض مع هدف الجمعية والعنصر التكميلي أو المهيمن لهذا النشاط.
المغرب:الجمعية ليس لها الحق في ممارسة الأنشطة الاقتصادية بشكل رسمي ودائم ولكن بشكل يخضع للمناسبة.
12- هل يمكن للجمعية تنمية رصيدها المالي؟
في كلا البلدين، الجمعية لها الحرية في تكوين رصيد مالي لكن هذا الرصيد يراقب بصرامة من طرف الجهات المختصة، ومقاسمة هذا الرصيد بين الأعضاء ممنوع بشكل مطلق.
في المغرب: تنمية رأس المال مرخص فقط في إطار المشروع المسطر في القانون الأساسي.
13- هل فتح حساب سيكون باسم الأمين أو الرئيس ؟
ينصح أن يفتح الحساب باسم الجمعية والتوقيع على الشيكات يمكن إسناده لشخص أو شخصين كالرئيس والأمين مثلا زيادة في الاحتياط.
14- هل يمكن للجمعية القيام بالمحاسبة؟
القيام بالمحاسبة ليس مفروضا في قانون 1901 الفرنسي أو 2002 المغربي، في كل الحالات القيام بالمحاسبة المتفق عليها يشكل رهانا على الدقة والشفافية بالنسبة إلى أعضاء الجمعية وكذا الشركاء من خارج الجمعية والمصالح المالية.
15- هل يمكن للجمعية استخدام أجراء ؟
نعم بالطبع يمكن استخدامك أجراء، المجانية تشكل أحد ركائز العمل الجمعوي لكن ليس بحال من الأحوال طريقة إجبارية أو حصرية. الجمعية هي المستخدم (رب العمل) في القانون العام، والأجراء في الجمعية يتوفرون على نفس الحقوق والواجبات مثل أي عامل في شركة معينة والجمعية لها نفس الواجبات مثل كل أرباب العمل.
16- هل على الجمعية تسديد كل الاقتطاعات الاجتماعية ؟
كيف ما كان راتب الأجير، الجمعيات ملزمة بتسديد الأعباء الاجتماعية مثل أي رب عمل آخر.
17- هل يمكن للجمعية مكافأة متطوعيها ؟
المجانية أساس العمل الجمعوي وبالتالي يترتب عليه إبعاد كل شكل من أشكال التعويض والمكافئة عن أي عمل تقوم به الجمعية، وبذلك لا يمكن مكافأة الأعضاء بطرق ملتوية كأتعاب التمثيل، مصروفات غير مبررة، امتيازات مباشرة، لكن مصروفات التي صرفها المتطوع لحساب الجمعية يمكن تسديدها له لكن يجب مراعاة بعض الأمور:
يجب أن تكون التعويضات مساوية للمصروفات. يجب أن تكون المصروفات مبررة. صرف التعويض يجب أن يبرر بفاتورة.
18- هل لأجير الجمعية الحق في أن يكون إداريا فيها؟
في المغرب: لا نجد في القانون المنظم أية إشارة و بالتالي ترك هذا الأمر مفتوحا للاجتهادات.
في فرنسا: إمكانية الجمع بين تفويض لمنصب إداري وعقد عمل مرتبط بشروط محددة بشكل دقيق:
الخدمة المعوض عنها يجب أن تكون:
مرتبطة بعمل حقيقي و فعلي ولا تكون مطية لما نسميه تعويض. تمنع تعويض المجاملة.
المراقبة يجب أن تكون صارمة لاسيما إذا اشتمل القانون الأساسي على نصوص تمنع تعويض خدمات المسير.
إمكانية تميز الخدمة بدقة عن اختصاصات المسير مرتبط بعمل المحاسبة أو الرسوم تكون سهلة التبرير على أن يكون التعويض لعمل إداري من اختصاصه.
أن ترفقه بحالة من التبعية للإدارة بالنسبة للإداري المعوض . وبالنسبة للجمعية أن تكون لهذه الخدمة أهمية كبيرة.
19- هل الجمعية مسؤولة على أفعال أعضائها ؟
فيما يخص المسؤولية المدنية ,الجمعيات مسؤولة عن الخسائر الناتجة عن أعضائها في إطار الأنشطة التي تنظمها. فيما يخص المسؤولية الجنائية، فالمسؤولية تختلف لأن كل فرد مسؤول على أفعاله .وبالنسبة للمسيرين فباعث التطوع والمجانية ليس من أبواب الإعفاء من المسؤولية وبذلك يستوجب توضيح مسؤولية الأفراد بخاصة في القانون الأساسي، والقانون الداخلي.
20- هل يجب التأمين على الجمعية ؟
تعتبر الجمعية مسؤولة عن الخسائر التي تحدث في إطار أنشطتها التي تقوم بها، لهذا يجب إبرام عقد تأمين نظرا للمسؤولية المدنية وهذا التأمين يقوم بتغطية كافة الأنشطة والأشخاص الفاعلين والمنخرطين.