القاعدة العامة أنه يجوز للقاضي في حالات استثنائية إذا لم يمنعه نص في القانون، أن ينظر إلى أجل معقول أو آجال ينفذ فيها المدين التزامه، إذا استدعت حالته ذلك ولم يلحق الدائن من هذا التأجيل ضرر جسيم (1) وهذا الحكم كان يطبق على المعاملات المدنية والتجارية على السواء، ولكن كانت المحاكم تتشدد في منح هذه المهلة للمدين في المعاملات التجارية، حيث أن تأجيل الدين لأحد التجار الدائنين قد يؤدى إلى تعطيل سلسلة من المعاملات التجارية، حيث غالباً ما يكون التاجر الدائن مرتبط بعلاقات ومعاملات أخرى مع تجار آخرين، فإذا لم يأخذ هذا التاجر دينه في الميعاد، فإن ذلك يؤدى إلى امتناعه هو الآخر على الوفاء بالتزاماته مما يؤدى إلى تعطيل حركة التجارة .
لذلك نصت المادة ٥٩ من قانون التجارة رقم ١٧ لسنة ١٩٩٩ على أنه ” لا يجوز للمحكمة منح المدين بالتزام تجارى مهلة للوفاء به أو تقسيطه إلا عند الضرورة وبشرط عدم إلحاق ضرر جسيم بالدائن” . يتضح من نص المادة ٥٩ تجارى أن الأصل هو عدم جواز منح المدين مهلة للوفاء في شأن الالتزام التجاري، واستثناء من هذا الأصل يجوز المنح إذا كانت هناك حالة ضرورة تبرر منح المدين مهلة للوفاء بالالتزام التجاري وبشرط ألا يلحق الدائن من جراء هذا المنح ضرراً جسيماً، وحالة الضرورة يترك أمر تقديرها لقاضى الموضوع .
وقد أشارت المذكرة الإيضاحية لقانون التجارة إلى اختلاف الصياغة بين نص المادة ٣٤٦ /٢ مدنى وبين نص المادة ٥٩ من قانون التجارة بقولها ويلاحظ اختلاف صياغة هذا النص عن نص المادة ٣٤٦/٢ مدنى، فمشروع قانون التجارة يجعل حظر المهلة القضائية هو الأصل في المسائل التجارية، بحيث لا يجوز الخروج على هذا الأصل إلا في حالة الضرورة وبشرط عدم إلحاق ضرر جسيم بالدائن، وهذا أمر طبيعي نظراً لأهمية الدور الذي يلعبه الائتمان في الحياة التجارية ولتشابك علاقات الائتمان فيها، الأمر الذى يعظم من مخاطر تأخر المدين في الوفاء بالتزامه التجاري على مصالح الدائن(2) بل إن المشرع وصل إلى أبعد من ذلك فيما يتعلق بالأوراق التجارية واستبعد منح المهلة في حالة الضرورة مكتفياً بجوازها في الحالات والحدود الذى ينص عليها القانون، فقد نصت المادة ٥٤٧ من قانون التجارة على أنه ” لا يجوز للمحاكم أن تمنح مهلة للوفاء بقيمة الورقة التجارية أو للقيام بأي إجراء متعلق بها إلا في الأحوال وفى الحدود التي ينص عليها القانون” . يتعلق أيضاًَ بالوفاء بالالتزام موضوع آخر هو الوفاء قبل حلول الأجل.
_________________
1- محمد لبيب شنب – دروس فى نظرية الالتزام – الإثبات، أحكام الالتزام – ص ٢٧٧ المادة ٣٤٦/2من القانون المدني.
2- راجع قانون التجارة والمذكرة الإيضاحية – الجزء الأول – المحاماة – العدد . يونيو ١٩٩٩ – ص ٣٧2.
اعادة نشر بواسطة محاماة نت .
اترك تعليقاً