النظام الداخلي لمجلس النواب في العراق وضرورة التغيير
أثار النظام الداخلي لمجلس النواب السابق والحالي (لحد ألان)، العديد من الإشكاليات ،في مقدمتها ما أثير في الجلسة الافتتاحية الأولى بخصوص سريان هذا النظام ،ومدى الزاميته للمجلس الجديد،وضرورة إعادة النظر فيه إلغاء- كلياً أو جزئياً- لبعض أحكامه،أو تعديل ما يحتاج منها للتعديل وفقاً لما يراه المجلس الجديد،ومتطلبات المرحلة الراهنة لتعارضها مع بعض الأحكام الواردة في الدستور،أو القوانين،والإبقاء على ما جاء فيه من أحكام والتي لا يوجد فيها أي تعارض مع الأوضاع الدستورية والقانونية.
وأمام الحاجة الحتمية والملحة إلى تغيير النظام الداخلي ،مهما كانت طريقة التغيير وحجمه،انقسمت الآراء بين رأيين لا ثالث لهما .
الرأي الأول/ مؤيد لبقاء سريان النظام الداخلي للمجلس السابق، والزاميته بالنسبة للمجلس الجديد،طالما لم يقم المجلس الجديد بإصدار نظام آخر يحل بدلاً عنه،وبالتالي يبقى النظام الداخلي السابق ساري المفعول،وله القيمة القانونية الملزمة للمجلس الحالي(الجديد)،مثلما كان ملزماً للمجلس السابق،حتى يتم تبني نظام بديل من قبل المجلس الجديد،فكما هو معلوم أن القانون(النظام)،باعتباره جزء من الهرم القانوني،يبقى ساري المفعول حتى يتم إلغائه،أما بصورة صريحة من خلال نظام آخر يحل محله ومن قبل السلطة المختصة بذلك،وهي مجلس النواب الجديد،وينص في هذا النظام على إلغاء النظام الداخلي السابق وحلول النظام الداخلي الجديد محله،أو الإلغاء الضمني من خلال مجيء النظام الجديد بأحكام تتعارض أو تختلف عن الأحكام الواردة في النظام القديم،فتعد الأحكام الواردة في النظام الجديد معدلة-مُلغية- للأحكام الواردة في النظام الداخلي السابق .
الرأي الثاني/ معارض أو رافض لبقاء النظام الداخلي للمجلس السابق ساري المفعول ،وبالتالي فأن انتهاء مدة سريانه ،تجعله من باب أولى غير ملزم للمجلس الجديد،والحجة التي يمكن الاستناد إليها في هذا الرأي،أن انتهاء دورة البرلمان(المجلس) السابق يعني انتهاء مدة سريان نظامه،والتي بانتهاء مدة الدورة البرلمانية الأولى انتهى سريان نظامه الداخلي،كما أن المجلس السابق لا يمكن أن يلزم المجلس الجديد بنظام يجد فيه العديد من التناقضات في ظل الدورة البرلمانية الجديدة والتي تشكل في حالة بقائها انتهاكا لأحكام الدستور والتشريعات النافذة.
وما يرد في الرأي الثاني لا يمكن التسليم به على أطلاقه،فعلى الرغم من تعارض الكثير من الأحكام الواردة في النظام الداخلي الذي وضعه المجلس النيابي السابق مع أحكام الدستور والتشريعات النافذة،والتي تم تلافي بعضها دستوريا وبشكل واقعي في الجلسة الأولى عند انتخاب الرئاسات الثلاث،وخاصة اختيار رئيس الجمهورية الذي يحتاج بالتصويت الأول إلى أغلبية الثلثين(217) صوت من أصل (325) عدد أعضاء المجلس الجديد ،بعد أن كان عدد الأعضاء (275) في ظل المجلس السابق،بعد تعديل قانون الانتخابات رقم(16) لسنة 2005 ،رغم صراحة النص الدستوري الخاص بمعالجة هذه المسألة(المادة70)،مع ذلك فهي تحتاج تأطير قانوني في النظام الداخلي للمجلس الجديد.
لكن لا يمكننا التسليم بالحجة القائلة بأن ما وضع من البرلمان (المجلس) السابق لا يلزم المجلس اللاحق(الجديد)،كون المجلس السابق هو صاحب الاختصاص التشريعي في تلك الفترة الزمنية التي وضع فيها النظام الداخلي ،فهو يبقى ساري المفعول كما نرى حتى يتم إلغائه أو تعديله من المجلس الجديد ،وطالما لم يتم هذا الأمر لحد الآن،فهو باق وملزم من الناحية القانونية للمجلس الجديد، الذي عليه إذا ما أراد التخلص من النظام الداخلي السابق، أن يعمل على إصدار نظام داخلي جديد بأسرع وقت، تراعى فيه متطلبات الدورة النيابية الثانية(الجديدة)،وما يجب تطبيقه من أحكام الدستور،كحلول رئيس الجمهورية محل مجلس أو هيئة الرئاسة،وضرورة مراعاة ذلك في أحكام النظام الداخلي الجديد،ومسألة نواب رئيس الجمهورية ونواب رئيس مجلس الوزراء وأعدادهم ،التي سيتم الاتفاق عليها من قبل الكتل النيابية،وما طرأ من تعديلات على القوانين ،كتغيير عدد أعضاء مجلس النواب من (275) إلى (325)،وإعادة النظر باللجان المتخصصة من حيث التشكيل والأعداد ….الخ.
وبين هذين الرأيين يبقى النظام الداخلي موضع جدل،ويحتاج إلى أعادة نظر في جميع أحكامه بتدخل المجلس الجديد عن طريق طرح الأمر وعرضه على المختصين من رجال القانون،وفتح المجال لإبداء الآراء القانونية من قبل أكبر عدد ممكن من المختصين عن طريق فتح بريد إلكتروني خاص بذلك بأسرع وقت ممكن ،حتى يتم إنضاج النظام الداخلي الجديد وعرضه على التصويت في أقرب فرصة،ليتم العمل بموجبه من قبل المجلس في الجلسات اللاحقة للمجلس.
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً