وجوب نفقة الزوجية في القانون
تنص المادة الأولي من القانون رقم 25 لسنة 1920 الخاص ببعض أحكام الأحوال الشخصية (المعدل بالقانون رقم 100 لسنة 1985) تجب النفقة للزوجة علي زوجها من تاريخ العقد الصحيح إذا سلمت نفسها إليه ولو حكما حتى لو كانت موسرة أو مختلفة معه في الدين ولا يمنع مرض الزوجة من استحقاقها للنفقة.
وتشمل النفقة الغذاء والكسوة والمسكن ومصاريف العلاج وغير ذلك مما ذكر سلفاً. ولا تجب النفقة للزوجة إذا ارتدت أو امتنعت مختارة عن تسليم نفسها دون حق أو أضرت إلي ذلك بسبب ليس من قبل الزوج أو خرجت دون إذن زوجها.
ولا يعتبر سبباً لسقوط نفقة الزوجة:
– خروجها من مسكن الزوجية- دون إذن زوجها – في الأحوال التي يباح فيها ذلك بحكم الشرع مما ورد به نص أو جري به العرف أو قضت به ضرورة.
– خروجها للعمل المشروع ما لم يظهر أن استعمالها لهذه الحق المشروط مشوب بإساءة استعمال الحق، أو مناف لمصلحة الأسرة.
– وتعتبر نفقة الزوجية ديناً علي الزوج من تاريخ امتناعه عن الإنفاق مع وجوبه، ولا يسقط إلا بالأداء أو الإبراء.
– ولا تسمع دعوى النفقة عن مدة ماضية لأكثر من سنة نهايتها تاريخ رفع الدعوى.
– ولا يقبل من الزوج التمسك بالمقاصة بين نفقة الزوجية وبين دين له عليها إلا فيما يزيد علي ما يفي بحاجتها الضرورية.
– ويكون لدين نفقة الزوجة امتياز علي جميع أموال الزوج، ويتقدم في مرتبته علي ديون النفقة الأخرى”
النفقة المؤقتة
كما نصت المادة 16 من المرسوم بقانون 25 لسنة 1929 ( المعدلة بالقانون رقم 100 لسنة 1985):
” تقدر نفقة الزوجية بحسب حال الزوج وقت استحقاقها يسراً أو عسراً علي ألا تقل النفقة في حالة العسر عن القدر الذي يفي بحاجتها الضرورية.” وعلي القاضي في حالة قيام سبب استحقاق النفقة وتوفير شروطه أن يفرض للزوجة ولصغارها منه في خلال أسبوعين علي الأكثر من تاريخ رفع الدعوى نفقة مؤقتة (بحاجتها الضرورية) بحكم غير مسبب واجب النفاذ فوراً إلي حين الحكم بالنفقة بحكم واجب النفاذ. وللزوج أن يجري المقاصة بين ما أداه من النفقة المؤقتة وبين النفقة المحكوم بها عليه نهائياً بحيث لا يقل ما تقبضه الزوجة وصغارها عن القدر الذي يفي بحاجتها الضرورية “
التزام بنك ناصر الاجتماعي بأداء النفقات والأجور وما في حكمها المقضي بها إدراكاً من المشرع لأهمية التعجيل بصرف النفقة للزوجة وأبنائها، جاءت نص المادة 72 من القانون رقم (1) لسنة 2000 بإصدار قانون تنظيم بعض أوضاع وإجراءات التقاضي في مسائل الأحوال الشخصية علي أن :
“ علي بنك ناصر الاجتماعي أداء النفقات والأجور وما في حكمها مما يحكم به للزوجة أو المطلقة أو الأولاد أو الوالدين، وذلك وفقاً للقواعد والإجراءات التي يصدر بها قرار من وزير العدل بعد موافقة وزير التأمينات“.
فقد ألزم النص بنك ناصر الاجتماعي- وهو هيئة عامة- بأداء النفقات والأجور وما في حكمها المحكوم بها للزوجة أو المطلقة أو الأولاد أو الوالدين، ويدخل في ذلك النفقة وفقاً للقواعد والإجراءات التي يصدر بها قرار من وزير العدل بعد موافقة وزير التأمينات.
ولا يشمل هذا الإلزام نفقة الأقارب من الحواشي. ويسري الالتزام بالنسبة لكافة المحكوم لهم من الطوائف السابقة، وكامل المبلغ المقضي به.
وفي هذا يختلف النص عن نص المادة الثالثة من القانون رقم 62 لسنة 1976 (الملغي) التي نصت علي أن يكون وفاء بنك ناصر في هذا الشأن في حدود المبالغ التي تخصص لهذا الغرض.
وفي هذا جاء بالمذكرات الإيضاحية للقانون أن من ضمن أحكامه (إعادة تنظيم أداء بنك ناصر الاجتماعي للنفقات والأجور وما في حكمها فقد ناط المشروع بهذا البنك أداء ما يحكم به من ذلك للزوجة أو المطلقة أو الأولاد أو الوالدين- وفقاً للقواعد والحدود والضوابط التي يصدر بها قرار من وزير العدل، بعد موافقة وزير التأمينات والشئون الاجتماعية).
ولم يشترط النص الصادر بالنفقة والأجور ان يكون حكماً نهائياً، وإنما الأحكام حتى ولو كانت مؤقتة، وعلي ذلك فإن الأحكام المذكورة واجبة النفاذ بقوة القانون بلا كفالة.
استيفاء بنك ناصر الاجتماعي لمبالغ النفقة المحكوم بها حتى يتمكن بنك ناصر الاجتماعي من استيفاء مبالغ النفقة المحكوم بها والتي يلتزم بالوفاء بها إلي مستحقيها، سواء كان المحكوم عليه من أصحاب الأجور أو المرتبات أو المعاشات أو ما في حكمها أو كان من غيرهم، فقد وضع القانون نظاماًً لاستيفاء البنك لهذه الديون، نعرض فيها ما يلي :
أولاً : بالنسبة للمحكوم عليهم من أصحاب المرتبات والأجور والمعاشات وما في حكمها
تنص المادة 73 من القانون رقم (1) لسنة 2000 علي أن : ” علي الوزارات والمصالح الحكومية ووحدات الإدارة المحلية والهيئات العامة ووحدات القطاع العام وقطاع الأعمال العام وجهات القطاع الخاص والهيئة القومية للتأمين الاجتماعي وإدارة التأمين والمعاشات للقوات المسلحة والنقابات المهنية وغيرها من جهات أخرى، بناء علي طلب من بنك ناصر الاجتماعي مرفق به صورة طبق الأصل من الصورة التنفيذية للحكم وما يفيد تمام الإعلان، أن تقوم بخصم المبالغ في الحدود التي يجوز الحجز عليها وفقاً للمادة (76) من هذا القانون من المرتبات وما في حكمها والمعاشات وإيداعها خزانة البنك فور وصول الطلب إليها ودون حاجة إلي إجراء آخر“
ويشترط لتطبيق هذا النص ما يلي:
1. أن يكون دين المحكوم له مما نص عليه في المادة 72 من القانون، وهو دين النفقة والأجور وما في حكمها المقضي به للزوجة أو المطلقة أو الأولاد أو الوالدين.
2. أن تكون مستحقات المحكوم ضده مما تختص بصرفه الجهات المذكورة بالمادة.
3. أن يطلب بنك ناصر الاجتماعي من الجهات المذكورة خصم المبالغ جائزة الحجز وإيداعها خزانة البنك فور وصول الطلب إليها. وأن يرفق بالطلب صورة طبق الأصل من الصورة التنفيذية للحكم الصادر بالنفقة النهائية أو النفقة المؤقتة وما يفيد تمام إعلانها.
من البديهي أنه إذا كان المبلغ المحكوم به يقل علي الحد الأقصى لما يجوز خصمه أو الحجز عليه فأن طلب البنك يكون محدداً بالمبلغ المقضي به. وعندئذ تلتزم هذه الجهات بخصم المبالغ المذكورة وإيداعها خزانة البنك دون حاجة إلي إجراء آخر.
ثانياً: بالنسبة للمحكوم عليهم من غير ذوى المرتبات أو الأجور أو المعاشات وما في حكمها
تنص المادة 74 من القانون رقم (1) لسنة 2000 علي أنه : ” إذا كان المحكوم عليه من غير ذوى المرتبات أو الأجور أو المعاشات وما في حكمها، وجب عليه أن يودع المبلغ المحكوم به خزانة بنك ناصر الاجتماعي أو أحد فروعه أو وحدة الشئون الاجتماعية الذي يقع محل إقامته في دائرة أي منها في الأسبوع الأول من كل شهر متي قام البنك بالتنبيه عليه بالوفاء ”
وهذا النص يسري علي غير ذوي المرتبات أو الأجور أو المعاشات وما في حكمها، فيشمل التجار والمزارعين وأصحاب المهن الحرة والحرف … الخ.
ولا يلزم أن ينبه بنك ناصر شهرياً علي المحكوم عليهم من هؤلاء بإيداع دين النفقة المحكوم به وإنما يكفي أن ينبه البنك مرة واحدة علي المحكوم عليه بأداء النفقة في المدة المبينة بالحكم أو لحين إخطاره بانتهاء تنفيذ الحكم الصادر بالنفقة إذا لم يكن تاريخ انتهاء النفقة محدداً بالحكم. وليس للتنبيه شكل خاص فيجوز أن يتم بكتاب مسجل أو بكتاب يسلم علي سركي إلي المحكوم عليه يوقع عليه بما يفيد الاستلام.
استيفاء بنك ناصر ما قام بأدائه:
نصت المادة 75 من القانون رقم (1) لسنة 2000 علي أن ” لبنك ناصر الاجتماعي استيفاء ما قام بأدائه من نفقات وأجور وما في حكمها وجميع ما تكبده من مصاريف فعلية أنفقها بسبب امتناع المحكوم عليه تسليم ما قام بأدائه من نفقات وأجور وما في حكمها وجميع ما تكبده من مصاريف فعلية أنفقها بسبب امتناع المحكوم عليه عن أدائها“.
جزاء التوصل إلي الحصول علي أية مبالغ من بنك ناصر الاجتماعي بناء علي إجراءات أو أدلة صورية أو مصطنعة أو التحايل علي مبالغ غير مستحقة.
تنص المادة 79 من القانون رقم (1) لسنة 2000 علي أن :”مع عدم الإخلال بأية عقوبة أشد ينص عليها قانون العقوبات أو أي قانون أخر، يعاقب بالحبس الذي لا تقل مدته عن ستة أشهر، كل من توصل إلي الحصول علي أية مبالغ من بنك ناصر الاجتماعي نفاذاً لحكم أو لأمر صدر استناداً إلي أحكام هذا القانون بناء علي إجراءات أو أدلة صورية أو مصطنعه مع علمه بذلك. وتكون العقوبة الحبس الذي لا تزيد مدته علي سنتين لكل من تحصل من بنك ناصر الاجتماعي علي مبالغ غير مستحقة له مع علمه بذلك مع إلزامه بردها“.
فهذه المادة تجرم فعلين:
الأول : التوصل إلي الحصول علي أية مبالغ من بنك ناصر الاجتماعي نفاذاً لحكم أو أمر صادر بالنفقة للزوجة أو المطلقة أو الوالدين. وذلك إذا صدر الحكم أو الأمر بناء علي إجراءات أو أدلة صورية كأن يتواطأ الزوج مع زوجته علي أن ترفع دعوى نفقة ضده رغم أنه ينفق عليها ويصدر لها حكم بالنفقة، أو أن يتواطأ مع والديه أو أحدهما علي استصدار حكم ضده بالنفقة رغم يسرهما أو أن يكون المحكوم له قد قدم مستندات غير صحيحة من صنعه عن حالته أو حالة المحكوم عليه المالية وصدر الحكم بناء عليها. والدليل المصطنع غالبا ما تتوافر فيه جريمة التزوير أو استعمال محرر مزور والعقوبة التي رصدتها المادة لهذا الفعل هي الحبس الذي لا يقل مدته عن ستة أشهر والحد الأقصى للحبس طبقاً للمادة 18 عقوبات ثلاث سنوات.
الثاني : التحصيل من بنك ناصر الاجتماعي على مبالغ غير مستحقة مع علمه بذلك. ومثال ذلك أن يحصل المحكوم له من بنك ناصر الاجتماعي على مبلغ النفقة رغم علمه بسابقة حصوله عليه من المحكوم ضده وعقوبة هذا الفعل الحبس الذي لا يزيد مدته على سنتين مع إلزامه برد المبالغ غير مستحقة. ويكون الحد الأدنى للعقوبة الحبس 24 ساعة (م 18عقوبات).
وواضح أن العقوبة المنصوص عليها لكل من الجريمتين لا تخل بأية عقوبة أشد ينص عليها قانون العقوبات أو أي قانون أخر. والشروع في الجريمتين غير معاقب عليه لأن كل منهما يشكل جنحة ولا عقاب على شروع الجنح إلا بنص (م47 عقوبات).
ولنا على المادة سالفة الذكر ملحوظتان:
أولاً : نصت المادة علي العقوبة الواردة بالفقرة الأولي كجزاء للتوصل إلي الحصول علي أية مبالغ من بنك ناصر الاجتماعي نفاذاً لحكم أو أمر صدر استناداَ إلي أحكام هذا القانون بناء علي إجراءات أو أدلة صورية … الخ رغم أن المادة 72 من القانون ألزمت بنك ناصر الاجتماعي بأداء النفقات والأجور وما في حكمها مما يحكم به ولم تشر إلي نفقات يصدر بها أمر. ومن ناحية أخري فإنه لم يعد من الجائز استصدار أمر علي عريضة بالنفقة المؤقتة للزوجة أو المطلقة أو الصغار منذ العمل بالقانون رقم 62 لسنة 1976 (الملغي)، وبالنسبة للأبناء الكبار والوالدين منذ العمل بالقانون رقم (1) لسنة 2000 الذي ألغي بالقانون الأخير.
ويبدو أن المشرع نقل لفظ (لأمر) من المادة التاسعة من القانون رقم 62 لسنة 1976 (الملغى) التي نصت على أن:
“مع عدم الإخلال بأية عقوبة أشد نص عليها قانون العقوبات أو أي قانون أخر. يعاقب بالحبس كل من توصل إلي الحصول علي أية مبالغ من بنك ناصر الاجتماعي نفاذاً لحكم أو لأمر مما نص عليه في هذا القانون صدر بناء علي إجراءات أو أدلة صورية أو مصطنعة“.
ثانياً : أن النص فرق في عقوبة الرد، بين الجريمة الواردة بالفقرة الأولي من المادة والجريمة الواردة بالفقرة الثانية منها، فألزم الجاني بالرد في الجريمة الأخيرة دون الأولي بدون مبرر لهذه التفرقة لأن الجاني في الجريمتين يحصل علي مبالغ مستحقة من بنك ناصر الاجتماعي.
من عرض السابق يجب أن نوضح أن دور بنك ناصر الاجتماعي لا يتعدى كونه دور شكلي فقط لا غير ولم يحقق الغرض الذي تم النص علية في القانون في التنفيذ العاجل لأحكام النفقة حتى ولو كانت مؤقتة، لاسيما إذا كان المدعي عليه لا يعمل بعمل ثابت الدخل معلوم الجهة وذلك نظراً لما يطلبه القانون من ضرورة إيداع المدعي علية مبلغ بقيمة النفقة وهو ما لا يتم عادةً في الواقع فالواقع الملموس أن بنك ناصر الاجتماعي يدعي دائما بأنه ليس لديه السيولة اللازمة لسداد أي نفقات للزوجة أو الأولاد.
إذا كان الزوج من ذوي الأجور أو المرتبات أو المعاشات الثابتة ما الذي يدعى الزوجة للذهاب إلى بنك ناصر لاستيفاء نفقتها وبإمكانها الذهاب مباشرة لمحل عمله و تخصم من مرتبه أو معاشه النفقة لاسيما وان البنك دائما ما يؤجل الصرف حتى يتلقى موافقة جهة عمل الزوج بالخصم من راتبه.
إحجام بنك ناصر عن تنفيذ الأحكام الصادرة على ذوي المهن الحرة خوفا،ً بإدعاء عدم استطاعة البنك استيفاء مقابل هذه النفقة ، علما بأن الهدف الأساسي للنص على أن يقوم بنك ناصر بالوفاء بأحكام النفقة هو معالجة مماطلة الأزواج في التنفيذ لاسيما العاملون بالمهن الحرة. هذا فضلاً عن تجاهل البنك ما أعطاه له القانون من صلاحيات لضمان أموال البنك حيث أجازت المادة السادسة لبنك ناصر الاجتماعي استيفاء ما قام بوفائه من ديون النفقة بطريق الحجز الإداري علي أموال المحكوم عليه في حدود المبالغ الملزم بها، طبقاً لأحكام القانون رقم 308 لسنة 1955 بشأن الجزء الإداري.
وطريق الحجز الإداري يتميز بأنه أقصر وأيسر من الحجز القضائي ويضمن للبنك كافة أمواله أياً كان عمل المنفذ عليه.
اترك تعليقاً