الهرم التشريعي .. مبدأ تدرج القواعد القانونية
يقصد بالهرم التشريعي ترتيب القواعد القانونية أو الأدوات التشريعية من الأعلى إلى الأدنى وفقاً لقوتها والجهة المنوط بها إصدارها مع ضرورة الالتزام – عند التطبيق – بهذا الترتيب، ويوجد الهرم التشريعي المتعارف عليه والذي يشمل الدستور ثم القانون ثم اللوائح، ويحتوي أيضاً على المعاهدات الدولية التي يختلف موقعها باختلاف الأنظمة القانونية وقد جعلها الدستور المصري في مرتبة مساوية لمرتبة القانون، وهناك الهرم التشريعي الذي أفرزته تجربة المبادرة المصرية لإصلاح مناخ الأعمال “إرادة” والذي يشمل الدستور ثم القانون ثم قرارات رئيس الجمهورية ثم قرارات رئيس مجلس الوزراء ثم قرارات الوزراء وأخيراً قرارات رؤساء الجهات التابعة.
وحرصاً على المساحة المخصصة للمقال فسنتحدث فقط عن العناصر الثلاثة الأساسية في الهرم التشريعي (الدستور – القانون – اللوائح والقرارات الوزارية).
يأتي الدستور في قمة الهرم التشريعي حيث يحدد القواعد الأساسية لشكل الدولة (بسيطة أم مركبة) ونظام الحكم (ملكي أم جمهوري) وشكل الحكومة (رئاسية أم برلمانية) وينظم السلطات العامة فيها من حيث التكوين والاختصاص والعلاقات التي بين السلطات وحدود كل سلطة والواجبات والحقوق الأساسية للأفراد والجماعات ويضع الضمانات لها تجاه السلطة.
ويشمل الدستور اختصاصات السلطات الثلاث (التشريعية والقضائية والتنفيذية) وتلتزم به كل القوانين الأدنى مرتبة في الهرم التشريعي. ويتم وضع الدستور في الأنظمة الديمقراطية إما عن طريق الجمعية التأسيسية المنتخبة أو عن طريق الاستفتاء الدستوري العام، ولعل أفضل الطرق لسن الدستور هي تلك الطريقة التي تجمع بين طريق الاستفتاء وطريق الجمعية التأسيسية بأن تتولي جمعية منتخبة من الشعب وضع دستور توافق عليه بعد مناقشة أحكامه مناقشة كاملة تفصيلية، على أن يطرح من بعد للاستفتاء الشعبي.
وتنقسم الدساتير من حيث تدوينها أو عدم تدوينها إلى دساتير مدونة وغير مدونة، ومن حيث طريقة تعديلها إلى دساتير مرنة ودساتير جامدة.
أما القانون فيقصد به مجموعة القواعد التي تقيم نظام المجتمع فتحكم سلوك الأفراد وعلاقاتهم فيه، والتي تناط كفالة احترامها بما تملك السلطة العامة في المجتمع من قوة الجبر والإلزام.
ويحق لكل من رئيس الجمهورية وكل عضو من أعضاء مجلس الشعب والحكومة اقتراح القوانين، ثم تحال مشروعات القوانين المقترحة إلى اللجان المتخصصة بمجلس الشعب لفحصها وتقديم تقارير عنها. ثم يطرح مشروع القانون بعد ذلك على المجلس لمناقشته والتصويت عليه مادة مادة بالأغلبية المطلقة للحاضرين من الأعضاء وإذا تساوت الآراء يعتبر المشروع مرفوضا. ويحق لرئيس الجمهورية الاعتراض على مشروع القانون خلال 30 يوم من إبلاغه به وإذا انقضي هذا الميعاد دون اعتراض منه اعتبر المشروع قانونا يجب عليه إصداره وإذا تم الاعتراض يعاد للمناقشة والتصويت مرة أخري، ويشترط الموافقة عليه من أغلبية ثلثي أعضاء المجلس.
وبنص الدستور فإن رئيس الجمهورية يحل محل السلطة التشريعية في إصدار قرارات لها قوة القانون وذلك في حالتين حالة الضرورة وهي قيام حالة تستدعي الإسراع في اتخاذ تدابير لا تحتمل التأخير أثناء حل مجلس الشعب أو عطلته بين دوري الانعقاد ولابد أن تعرض تشريعات الضرورة على مجلس الشعب خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ إصدارها إذا كان المجلس قائماً أو في أول اجتماع للمجلس في حالة حله أو وقف جلساته وإلا زال ما كان لها من قوة القانون زوالا رجعياً, والحالة الثانية حالة التفويض حيث يحل رئيس الجمهورية محل السلطة التشريعية وبناء على تفويض منها في سن قرارات لها قوة القانون في المسائل المحددة في التفويض وذلك للرغبة في توفير الدقة أو السرعة أو السرية لبعض تشريعات قد تبرر هذا التفويض. ويجب أن يكون التفويض بأغلبية ثلثي مجلس الشعب ولمدة محددة وأن تبين فيه موضوعات التفويض ويجب عرض القرارات بقوانين على مجلس الشعب في أول جلسة بعد انتهاء مدة التفويض، فإذا لم تعرض أو عرضت ولم يوافق عليه المجلس زال ما كان لها من قوة القانون.
أما بالنسبة للوائح والقرارات الوزارية فهناك ثلاثة أنواع من اللوائح: النوع الأول يعرف باللائحة التنفيذية وهو ما تصدره السلطة التنفيذية من قواعد تشريعية ضمانا لتنفيذ القوانين الصادرة عن السلطة التشريعية ولا تملك اللائحة التنفيذية إلغاء أو تعديل أو تعطيل أو الإعفاء من القانون الذي صدرت تنفيذاً له. والنوع الثاني يعرف باللوائح التنظيمية وهو ما تصدره السلطة التنفيذية لتنظيم وترتيب المصالح والمرافق العامة بصفتها مهيمنة علي إدارة هذه المرافق والمصالح، والنوع الثالث يسمي لوائح الضبط أو “البوليس” وهو ما تضعه السلطة التنفيذية من قيود على الحريات الفردية لحفظ الأمن وتوفير السكينة والطمأنينة وحماية الصحة العامة كلوائح المرور ولوائح مراقبة الأغذية والباعة الجائلين.
أما القرار الوزاري فهو الأداة التشريعية التي يصدرها الوزير المختص استنادا على قانون أو قرار رئيس جمهورية أو قرار رئيس وزراء لتنظيم مسألة معينة.
وبنص الدستور فإن إصدار اللوائح التنفيذية يعد من اختصاص رئيس الجمهورية أو من يفوضه أو من يحدده القانون لإصدار اللائحة، وقد جري العمل في النظام القانوني المصري على أن الوزير المختص – غالباً – هو الذي يصدر اللائحة التنفيذية للقانون، أما إصدار اللوائح التنظيمية ولوائح الضبط والبوليس فيقتصر على رئيس الجمهورية فلا يملك تفويض غيره في إصدارها كما في اللوائح التنفيذية.
وليس هناك شك في أن اللوائح التنفيذية تعد في مرتبة أعلى من القرار الوزاري حال صدورها من رئيس الجمهورية أو رئيس مجلس الوزراء، بينما قد يثور التساؤل عن درجة اللوائح التنفيذية حال صدورها من الوزير المختص، وما إذا كانت في درجة أعلى أم مساوية للقرارات الوزارية التي لا تعد لائحة تنفيذية. ونري أنه إذا كان القرار الوزاري صريحاً على أنه لائحة تنفيذية لقانون معين فإنه يتمتع بدرجة أعلى من أقرانه من القرارات الوزارية التي تصدر استناداً على أدوات تشريعية أعلى منها حيث أنه في الحالة الأولى يكون القرار الوزاري (اللائحة) قد استمد سلطته وقوته التشريعية مباشرة من القانون الذي صدر تنفيذا له، بينما في الحالة الثانية فقد يكون القرار الوزاري قد صدر استنادا على قرار رئيس جمهورية أو قرار رئيس الوزراء.
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً