الهيكل التنظيمي لادارة الدعوى المدنية في القوانين المقارنة
التنظيم التشريعي لإدارة الدّعوى المدنية في الأنظمة المقارنة
تعتمد إجراءات التقاضي على مجموعة إجراءات شكليّة غاية في الأهمية، لما ترتبه من أحكام مهمة قد تصل إلى البطلان في حالة الإخلال بأي منها، حيث يتولّى المشرّع في كل دولة وضع الأسس والإجراءات العامة والتفصيليّة التي يتوجب على المحاكم مراعاتها سواء من حيث اقامة الدّعوى أو تبادل اللوائح أو وزنها أو الحكم بها، وحتى تصل إلى مراحل التنفيذ النهائية.
ولما كانت إدارة الدّعوى المدنيّة إحدى المراحل القضائية الأولية من حيث الترتيب، فإنه يتوجب على المشرّع بيان الوضع القانونيّ لها وتنظيمها تشريعياً بشكل يضمن سلامة الإجراءات ودقتها.
والحاجة إلى التطوير تبرز في أي مجال من مجالات الحياة عندما تصبح الأنظمة الحالية أو المعمول بها غير قادرة على مجاراة التطور الذي لحق بذلك المجال، وما أصاب النظام القانوني هو جزء من الواقع المشار إليه، فعندما أصبح النظّام القانونيّ السابق عاجزاً عن حلّ المشكلات التي برزت نتيجة للتطورات الجغرافيّة وزيادة أعداد السكان وما أصاب العلاقات الدوليّة من تشابك وتطور وما صاحبه من انتقال رؤوس الأموال من دولة لأخرى، ولما له من أثر ايجابي على زيادة التعاملات بين الأفراد سواء داخل الدولة الواحدة أو عبر الدول، الأمر الذي سبب زيادة ملحوظة على أعداد القضايا والنزاعات التي تنتظر الحل، وهذا الأمر سبب ارتفاع في التكاليف وإهدار للوقت، وذلك بسبب زيادة أعداد القضايا وبطء الإجراءات القضائيّة، الأمر الذي يؤدي إلى إطالة أمد النزاعات، وهو أمر غير مرغوب فيه لأنه يؤثر على سمعة أية دولة، لذا بدأ البحث الجديّ عن بدائل تساعد على حلّ هذه المعضلة، ومن هذه البدائل كانت إدارة الدّعوى المدنيّة.
وحيث أن مجال إدارة الدّعوى هو السيطرة على إجراءات الدّعوى فكان لا بدّ من تدخّل المشرّع كي ينظم هذه الفكرة ويضعها في القوانين التي تطبقها المحاكم على الدعاوى التي تنظرها.
وبما أنَّ هذه الدراسة هي دراسة مقارنة لذلك يجب أن تتطرق لعدد من التشريعات المقارنة، كي نرى إلى أي مدى تمت معالجة فكرة إدارة الدّعوى في إطار هذه التشريعات وذلك من خلال المطلبين التاليين:
المطلب الأول: التنظيم القانونيّ في الولايات المتحدة.
المطلب الثاني: التنظيم القانونيّ في المملكة المتحدة.
المطلب الأول
التنظيم القانوني في الولايات المتحدة
في الفصل الأول من هذه الدّراسة تعرفنا على التسلسل الزمنيّ لعمليّة تطور إدارة الدّعوى المدنيّة على المستوى الفيدراليّ في الولايات المتحدة الأمريكية، وسوف نركز الحديث هنا على النصوص القانونيّة التي نظّمت هذه الفكرة على المستويين المحليّ والفيدراليّ.
فعلى المستوى المحليّ للولايات الأمريكيّة، وبما أن الدستور الأمريكيّ أعطى لكل ولاية الحق في إصدار قوانينها الخاصة التي تطبق على أراضيها، فقد أصدرت العديد من الولايات قوانين تنظم عمليات التقاضي في المحاكم التابعة لها، ومن هذه الولايات على سبيل المثال لا الحصر كانت ولاية كاليفورنيا التي أصدرت قانون الإجراءات المدنيّة (CALIFORNIA CODE OF CIVIL PROCEDURE)، الصادر في الأول من كانون الثاني لعام 1873، والذي نصّت فيه المادة الأولى على تسميته بقانون الإجراءات المدنيّة وتضمنت هذه المادة تقسيمات القانون الذي يتكون من أربعة أقسام، كما نصّت المادة الثانية منه على تاريخ التطبيق .
وتمشياً مع التوجه العام للقانون الفيدراليّ للولايات المتحدة الأمريكيّة نصّت المادة 425/12 من هذا القانون على اعتماد نماذج رسميّة موحدة للدعاوى وإجراءاتها في محاكم كاليفورنيا ، على أن يتم توفيرها للمحامين وأطراف الدعاوى من خلال كتبة المحاكم ومأموريها ، كما فرض القانون على أطراف الدعاوى التقيّد بتقديم الطلبات واللوائح بشكل مكتوب وموثّق على النّماذج الخاصة المشار إليها.
وفي سبيل تنظيم الدعاوى قسّم القانون الاختصاص القيمي للدعاوى إلى دعاوى محدودة (limited civil case) ودعاوى غير محدودة (unlimited civil case)، حيث يبلغ سقف الدعاوى المحدودة (25) ألف دولار أمريكيّ وما زادت عن ذلك يعتبرها القانون دعاوى غير محدودة ، كما اعتبر القانون الدعاوى التي لا تتجاوز قيمتها مبلغ 7500 دولار هي من الدعاوى الصغيرة القيّمة وبسيطة الإجراءات (small claims) .
أما من حيث إجراءات الدعاوى، فكما هي القاعدة المعمول بها في القانون الأردنيّ تنتج الدّعوى أثرها عند تسجيل لائحة الدّعوى، التي يتم تسجيلها في السّجلات الخاصة في المحكمة بعد تحديد الرسوم والمصاريف ويقوم كاتب المحكمة باستيفائها من المدّعي، وبعدها يصدر مذكرات التبليغ للمدّعى عليه ويرسل نسخةً عنها للمدّعي ، ويجب على المدّعى عليه أن يتقدّم بجوابه دفاعاته وإعتراضاته خلال ثلاثين يوماً من تبليغه لائحة الدّعوى .
ويتضمن تبليغ لائحة الدّعوى البيانات التالية:
1) اسم وعنوان المحكمة التي أصدرت التبليغ.
2) أسماء أطراف الدّعوى.
3) أمر للمدّعى عليه بأن يحضر للمحكمة خلال ثلاثين يوماً من تاريخ التبليغ ويقدم جوابه ودفوعه على الدّعوى.
4) تحذير المدّعى عليه من مغبّة عدم الحضور والذي يتمثّل بأن المحكمة سوف تحكم في الدّعوى بغيابه وأنّها سوف تلزمه بدفع نفقاتها وأية نفقات يطلبها المدّعي.
5) كما يتضمن التبليغ نصيحة للمدّعى عليه بأن يستعين بإستشارة أحد المحامين حول الدّعوى ومذكرة التبليغ .
ويتم تبليغ المدّعى عليه مذكرة الحضور بوساطة موظف مختص في المحكمة (Summons Server)، ويتم تبليغها للشخص المطلوب تبليغه (Party Served) بالذات أو بوساطة البريد الأمريكيّ العاديّ أو أي من أنواع البريد السريع أو الممتاز، وفي حال عدم العثور على المدّعى عليه يتم تسليمها لأي شخص في أماكن سكن المدّعى عليه أو عمله أو أي من الأماكن المعتادة التي يتردد عليها باستمرار من أهله أو زملائه في العمل أو السكن مع إرسال كتّاب بالبريد لهذا العنوان يفيد بأنَّ التبليغ تمّ تسليمه لهذا العنوان إلى شخص يتّم ذكر اسمه في الرسالة على أنّ لا يكون هذا الشخص هو المدّعي في الدّعوى، وفي حال لم تتمكن المحكمة من تبليغه بأي من الطرق السابقة يتم تبليغه بالنّشر في صحيفة معينة (A Named Newspaper) من الصحف التي تصدر في ولاية كاليفورنيا أو من صحف الولاية التي يقيم فيها المدّعى عليه إن كان يقيم خارج كاليفورنيا .
كما أعطت نصوص هذا القانون للقاضي الحق باتخاذ ما يراه مناسباً من الإجراءات في سبيل بسط رقابته على سير الدّعوى بشكل يضمن مستوى عالٍ من العدالة وكذلك يحقق الحفاظ على وقت أطراف النّزاع والمحكمة ويساعد في التقليل من النّفقات. كما أعطت للقاضي حق تشجيع الأطراف على حلّ النّزاع بالطرق الوديّة أو باللجوء إلى الطرق البديلة عن التقاضي وذلك كلّه من خلال عقد جلسة أو جلسات تسمّى باجتماع إدارة الدّعوى وتتم في المرحلة السابقة للمحاكمة، بالإضافة إلى بعض الإجراءات الخاصة بإدارة حركة وسير الدّعوى والصلاحيات الممنوحة للقضاة في هذا الشأن وهي تشبه الإجراءات والصلاحيات الواردة في قواعد الإجراءات المدنيّة الفيدراليّ .
أما على المستوى الفيدراليّ، فقد جاء تدخل الكونغرس بإصداره القانون القضائيّ في عام 1911، وبعدها قام الكونجرس بإقرار قانون السلطة القضائيّة الأمريكيّ في عام 1925 الذي أعطى صلاحيّات واسعة للمحاكم العليا في الاجتهاد (discretion)، وذلك فيما يتعلق بقبول الاستئنافات المقدمة إليها، وهذا الأمر ساعد في اختصار زمن المحاكمة، والحد من النفقات، وأدى إلى عدم إغراق المحكمة العليا في الاسئتنافات غير الضروريّة وغير المهمة .
وقد ورد في هذا القانون قواعد خاصة بعملية التقاضي سميّت بقواعد الإجراءات المدنيّة الفيدراليّة (Federal Rules of Civil Procedure)، وقد قُسّمت هذه القواعد إلى ثلاثة عشر قسماً . كما تتكون هذه القواعد من 86 مادة، وضحت أهداف هذه القواعد، والإجراءات التي تتبع عند تسجيل الدّعوى، وقواعد تقديم البيّنات وتبادل اللوائح، والتحقيقات التي تجريها المحكمة مع أطراف النّزاع أو ممثليهم، والاجتماعات بهؤلاء الأطراف، والإجراءات الخاصة ببعض الطلبات، كما تحدّثت عن القضاة وموظفي المحاكم وصلاحياتهم، وقدمت نماذج عن لوائح الدعاوى، وفي قواعد إضافية نظّمت الدعاوى الخاصة بالبحارة وربّان السفن، وكذلك الدعاوى التي تقام من أو ضدّ العسكريين، ومن أهم الأمور التي نظمتها هذه القواعد فيما يتعلق بإدارة الدّعوى المدنيّة ما يلي:
1) أُلزمت المحاكم الأمريكية على اختلاف أنواعها ودرجاتها بتطبيق نظام موحد لإدارة الدّعوى المدنيّة.
2) كما أُلزمت هذه المحاكم باستغلال إدارة الدّعوى وما تتضمنها من اجتماعات قبل المحاكمة، بترويج أفكار الحلول البديلة لفضّ النّزاعات، وعرضها على أطراف النّزاع.
وجاء ذلك من خلال القاعدة السادسة عشرة من القسم الثالث والواردة تحت عنوان المرافعات والطلبات (Pleadings and Motions)، والتي تحدثت عن عقد اجتماع ما قبل المحاكمة وجدول مواعيد المحاكمة وإدارة هذا الاجتماع .
فقد نصّت الفقرة أ من المادة 16 على أنّ أهم أهداف اجتماع ما قبل المحاكمة (Pretrial Conference) ما يلي :
1) تشجيع الأطراف على التعجيل في الإجراءات.
2) يساعد المحكمة وأطراف النّزاع على ترتيب ملف الدّعوى بما يحتويه من أوراق ووثائق مما يساعد في اختصار أمد المحاكمة، لأنّ التحضير يكون شاملاً بحضور طرفي النّزاع في اجتماع رسمي أمام قاضٍ مختص.
3) يساعد على اختصار أمد المحاكمة من خلال التقليل من عدد التأجيلات غير المبررة في الدّعوى أمام المحكمة، وذلك لأنّ المحكمة تبسط سيطرتها على الدّعوى في مراحلها الأولى.
4) يساعد في التقليل من الإجراءات التي تسبق إقامة الدّعوى، ومن هذه الإجراءات جمع البيّنات والمفاوضات غير الرسميّة بين الأطراف.
5) يسهِّل على المحكمة عرض تسوية النّزاع بين الطرفين باستخدام الوسائل البديلة عن التقاضى
المطلب الثاني
التنظيم القانوني في المملكة المتحدة
بعد أن أصدر اللورد وولف تقريره، أصدرت الحكومة البريطانية قواعد الإجراءات المدنيّة في عام 1998، وقد نظّمت هذه القواعد إجراءات التقاضي أمام المحاكم في إنجلتزا ومقاطعة ويلز.
وكانت الغاية المرجوة من هذه القواعد اعتماد إصلاحات تشريعيّة واسعة تخلق نظاماً قضائياً ذا نتائج فعالة وسهلة الفهم وجاء هذا النظام ملائماً من حيث تكلفة التقاضي ويرتب حسم النزاعات في أوقات زمنية مناسبة، كما أنه يُطبَّق في المحاكم البريطانية كافة بمختلف درجاتها باستثناء إجراءات دعاوى الإفلاس والتبنّي والدعاوى العائليّة وإجراءات الحجر وإثبات الوصية والدعاوى الخاصة بالعسكريين .
وقد نصّت المادة (1/1) من هذه القواعد تحت عنوان (overriding objective) على أن أهم أهداف إدارة الدعوى ما يلي:
1) إنها مجموعة من القواعد الإجرائية الجديدة التي تهدف إلى تمكين المحكمة من معاملة القضايا بشكل عادل.
2) إنّ فعالية عدالة النظام الجديد تكمُن في ضرورة الحفاظ على الأمور التالية:
أ- ضمان التعامل مع جميع الأطراف من منطلق المساواة.
ب- التوفير في تكاليف عملية التقاضي.
ج- التعامل مع كافة الدعاوى بشكل يتناسب مع:
1. قيمة الدّعوى.
2. مدى أهميتها للنظام القانوني بشكل عام.
3. مراعاة النقاط القانونيّة المستحدثة فيها، ونسبة التعقيد في وقائعها.
4. مراعاة الوضع المالي لكل طرف من أطراف الخصومة.
د- على المحكمة أن تضمن التعامل مع الدّعوى بشكل عادل وسريع.
هـ- تخصيص نسبة ملائمة من مصارد (مخصصات) المحكمة لهذه الدّعوى بشكل يتناسب مع المخصصّات للدعاوى الأخرى .
ومن باب المقارنة البسيطة يتضح أنه في الفترة السابقة لوضع قواعد الإجراءات المدنيّة كانت سرعة القضايا تحدد عن طريق ممثلي الأطراف، ولكن وبعد تطبيق القواعد المذكورة تم ترك هذا الأمر إلى المحاكم التي أصبحت مسؤولة عن تحديد وقت ومسار الدّعوى وفق المادة 1/4 من قواعد الإجراءات المدنيّة والتي تنص على أنه :
1) يجب أن تقوم المحاكم بإدارة الدّعوى لتحقيق الهدف الذي أقيمت الدّعوى لأجله بأبسط الطرق وأوفرها.
2) إدارة الدّعوى بشكل فعّال تتضمن ما يلي:
أ- تشجيع الأطراف على التعاون مع بعضهم بعضاً فيما يتعلق بالإجراءات.
ب- تحديد النقاط محل الخلاف في مرحلة مبكرة من النزاع.
ج- تحديد الوقائع التي تحتاج للبحث والتحرّي وصرف النظر عن الوقائع التي لا تتعلق بجوهر النزاع.
د- تحديد الطريقة الأفضّل لحل النزاع.
هـ- تشجيع الأطراف على اللجوء إلى الحلول البديله عن المحاكمة التقليدية، بحيث تكون المحاكمة واللجوء إلى التقاضي هو الخيار الأخير.
و- مساعدة الأطراف على حل جزء أو أكثر من القضية عن طريق تقريب وجهات النظر.
ز- وضع جدول زمني للدعوى لتسهيل عملية مراقبة إجراءاتها.
ح- تبرير وتسبيب أي تكلفة تفرض المحكمة على الأطراف دفعها، وبيان الضرورات وراء إلزامهم بهذه التكلفة بشكل مقنع للخصوم مما يخلق الثقة العامة بالقضاء.
ط- التعامل مع أكبر عدد من الإجراءات المتعلقة بالدّعوى في جلسة واحدة.
ي- اللجوء إلى وسائل التكنولوجيا والمعلوماتية الحديثة بالقدر الممكن وبشكل يمكّن الأطراف من إتمام الإجراءات بدون الحضور أمام المحكمة، مما يساعد على السرعة في الإنجاز.
ك- إصدار الأوامر والقرارات الضرورية لضمان سير الدّعوى بأقصى سرعة وأقل تكلفة.
وبالتزامن مع صدور قواعد الإجراءات المدنيّة، أصدرت الحكومة البريطانية دليلاً خاصاً يهدف إلى توضيح آليات التعامل مع إجراءات إدارة الدّعوى المدنيّة، ويتم الإستعانة بمواد الدليل جنباً إلى جنب مع قواعد الإجراءات المدنيّة، لذا تعتبر مفسرة ومكملة لهذه القواعد ، كما قامت المحاكم البريطانية المختلفة بإصدار نشرات خاصة بكلّ منها وحسب اختصاصاتها، توضح للمراجعين وأطراف الدّعوى الإجراءات المتبعة أمام هذه المحكمة والمدد التي يجب مراعاتها مع الإشارة إلى ضرورة التقيّد بها، وتتضمن هذه النشرات النصوص التي تتعلق باختصاص هذه المحكمة من نصوص قواعد الإجراءات المدنيّة، وقد سُميت هذه النشرات بدليل الإجراءات المتبعة أمام هذه المحكمة، وذلك لأن إجراءات الدعاوى تختلف من محكمة لأخرى، كما أن المملكة المتحدة مقسمة إلى عدة أقاليم وإختصاصات قضائية، وقد بحثت هذه الأطروحة في القوانين المطبقة في إنجلترا وويلز .
وقد ورد في الفقرة D2 من دليل إدارة الدّعوى في المحاكم التجارية مجموعة من الأمور الأساسية التي يجب على المحكمة مراعاتها في إدارتها للدعوى المدنيّة في التعاملات التجارية، وهذه الأمور هي :
1) تبادل الوقائع المرتبطة بالدّعوى: يجب أن يتم خلال فترة زمنية محددة.
2) استكمال إعداد لائحة الدّعوى ومفرداتها وموضوعها وتجهيز كامل ملف الدّعوى: يجب أن يتم كل ذلك في مرحلة مبكره من الدّعوى.
3) مذكرة الدّعوى والطلبات التي تتضمنها: قد يتم تعديلها أثناء نظر الدّعوى.
4) ضرورة أن يتم التجهيز لاجتماع رسمي في مرحلة مبكرة لتحديد الوقائع المُسلَّم بها من عدمها، أي حصر نقاط الخلاف والنقاط المُسلَّم بها سلفاً، ويسمى هذا الاجتماع باجتماع إدارة الدّعوى (CMC) .
5) أثناء الاجتماع ذاته تتولى المحكمة مناقشة مواضيع ومتطلبات الدّعوى مع الخصوم والمحامين، كما تقوم المحكمة بتنظيم جدول زمني لما قبل المحاكمة.
6) قبل الدخول بموضوع الدّعوى والسير بها، يقوم أطراف الخصومة بإعداد تقرير يُقدَّم إلى المحكمة باستخدام نموذج معلومات خاص حول مراقبة الدّعوى تظهر من خلاله نيّة الأطراف حول الالتزام بالجدول الزمني لما قبل المحاكمة.
7) يقوم القاضي بمراقبة سير المحاكمة بدون الاستماع لأطراف الخصومة ويكون له حق إصدار الأوامر والتوجيهات الكافية لضمان حسن سير الدّعوى وتحقيق الهدف الأساسي منها.
وعند النظر إلى الدّعوى المدنيّة في القانون الإنجليزي بشكل عام ودون تحديد لنوع الدّعوى أو تفاصيلها أو المحكمة المختصة بنظرها نجد أن قواعد الإجراءات المدنيّة قسّمت الإجراءات التي يجب اتباعها في الدّعوى المدنيّة إلى عدة مراحل منها إجراءات يتم اتخاذها قبل تحريك الدّعوى أمام المحكمة بشكل رسمي أي قبل تسجيل الدّعوى ومنها ما يتم بعد تسجيل الدّعوى أمام المحكمة وقبل أن تبدأ إجراءات المحاكمة، ومنها الإجراءات التي تتم أمام قاضي الموضوع أثناء فترة المحاكمة، ويمكن تقسيم هذه المراحل إلى ما يلي :
1) مرحلة ما قبل الشروع بالدّعوى: وتتضمن الإجراءات التالية:
أ) يتعرف المحامي على موضوع الدّعوى من موكله، كما يتعرف على طلبات الموكل.
ب) في نهاية المقابلة الأولى بين المحامي وموكله، يشرح المحامي للموكل الخطوات التي يتوجب اتباعها، ومراحل الدّعوى، والمحكمة التي ستُرفع الدّعوى أمامها، والوقت المحتمل للانتهاء منها، والتكاليف المحتملة للدعوى، والأشخاص الذين سيتم رفع الدّعوى ضدهم، والأشخاص الذين يُحتمل إدخالهم أو تدخلهم في الدّعوى، ويتم الاتفاق على البيّنات التي سيتم تقديمها للمحكمة، كما يشرح المحامي للموكل الطرق البديلة عن التقاضي لفضّ النزاع مع بيان فوائدها للموكل، كما يوضح للموكل الإجراءات الواجب اتخاذها قبل اللجوء للمحكمة ومنها تبادل المعلومات والوقائع والبيّنات مع الخصم، لأن تبادل مثل هذه المعلومات قد يؤدي إلى الاتفاق على حل النزاع بوقت أسرع ونفقات أقل.
ج) إرسال رسالة بالطلبات إلى المدّعى عليه (رسالة الدّعوى): يقوم محامي الطرف المدّعي بإرسال رسالة تتضمن وقائع الدّعوى وطلبات المدّعي فيها والأسس القانونيّة للدعوى مرفقاً بها قائمة بالبيّنات التي يعتمد عليها موكله في الدّعوى، ويقترح في هذه الرسالة اللجوء إلى أحد الحلول البديلة لفضّ النزاعات بدلاً من التقاضي أمام المحكمة، ويطلب من المدّعى عليه أن يُجيب عن هذه الرسالة برده خلال مده يحدّدها في الرسالة، وينصحة بأن يحصل على استشارة من أحد المحامين قبل الرد على الرسالة. ويستعمل وكيل المدّعي نماذج خاصة متوافرة في المحاكم لهذه الرسالة، ويتم تبليغها للمدّعى عليه بوساطة القسم المختص بالتبليغات في المحكمة.
د) رسالة الرد على رسالة الدّعوى: يتم الرد على الرسالة بعد تبليغها للمدّعى عليه، وبعد أن يقوم بتحديد موقفه من الوقائع والبيّنات الواردة فيها، وهنا يجب على المدّعى عليه أن يجيب عن كافة البنود الواردة في رسالة الدّعوى خلال المدة المحددة فيها، كما يجب عليه أن يرفق معها قائمة بالبيّنات التي يستند عليها في رده، كما يحدد موقفه من الحلول البديلة.
وهنا تجدر الملاحظة إلى أن رسالة الدّعوى يتم تسجيلها في المحكمة المختصة في سجل خاص ويتم تبليغها للمدّعى عليه بوساطة هذه المحكمة، كما يتم تسجيل رسالة الرد في نفس المحكمة.
وفي حال تمّ إنهاء النزاع في هذه المرحلة سواء ودياً أو بالطرق البديلة لفضّ النزاعات يُشار إلى ذلك في السّجل وفي الملف الذي يتم فتحه لرسالة الدّعوى وجواب المدّعى عليه، وينتقل الأطراف إلى المرحلة التالية في حال فشل حل النزاع .
2) مرحلة افتتاح الدّعوى رسمياً في المحكمة: وتبدأ هذه المرحلة بتسجيل الدّعوى أمام المحكمة المختصة، باستعمال النماذج المخصصة لهذه الغاية، ويتم تصنيف الدعاوى بحسب قيمتها فتصنف الدعاوى التي تقل قيمتها عن خمسة الآف جنية إسترليني في فئة الدعاوى الصغيرة وهي دعاوى محدودة القيمة وبسيطة الإجراءات، والدعاوى التي تتراوح قيمتها بين خمسة الآف و خمسة عشر ألف جنية توضع في مسار القضايا السريعة، والدعاوى التي تزيد قيمتها عن خمسة عشر ألف جنية توضع في مسار الدعاوى متعددة الإجراءات، وبطبيعة الحال تختلف الإجراءات المتبعة في المحاكمات بين هذه المسارات الثلاثة، وبعد عملية التصنيف والتسجيل يتم تبليغ الدّعوى للمدّعى عليه، الذي يحق له الرد عليها بجواب خطي للدفاع عن نفسه أمام المحكمة ذاتها .
وهنا تجدر الملاحظة إلى أنّ وكيل المدّعي يطلب من المحكمة إصدار نموذج للدعوى (نموذج لائحة الدّعوى) قبل أن يرسل رسالة الدّعوى للمدّعى عليه فتقوم المحكمة بإصدار النموذج وتُسلِّمه لوكيل المدّعي الذي عليه تقديم الدّعوى إلى المحكمة باستخدام ذلك النموذج خلال أربعة أشهر من تاريخ الإصدار، ويحق للمحكمة تمديد هذه المهلة إن رأت مبرراً للتمديد وبناءً على طلب يقدمه وكيل المدّعي قبل انتهاء المهلة الأصلية .
3) مرحلة إدارة الدّعوى: وفي هذه المرحلة تبدأ المحكمة بفرض سيطرتها على الدّعوى من خلال قسم إدارة الدّعوى، فيصدر القاضي الذي تُحال الدّعوى إلى قسمه -حسب قائمة الدور في المحكمة كما سنرى لاحقاً- تعليماته وأوامره لأطراف الدّعوى من أجل التحضير للمحاكمة، ويقوم القاضي بتنظيم جدول الإجراءات دون التقيد برأي الأطراف ودون تحديد جلسة للاستماع لرأيهم في الموضوع، أما في القضايا المعقدة ذات الإجراءات المتعددة فيتم تحديد الجدول الزمني بالاشتراك مع أطراف الدّعوى بشكل نسبي وفي ظروف معينة، ويتم عقد جلسة لتبادل البيّنات والاتفاق على البيّنات التي يمكن الاستعانة بها في الدّعوى لكل طرف واستبعاد البيّنات غير الضرورية كما يتم تبادل شهادات الشهود، وكذلك يتم تحديد الإجراءات التي يتم اتباعها ومواعيد هذه الإجراءات. وفي هذه المرحلة أيضاً وبغض النظر عن مسار الدّعوى تُصدر المحكمة قرارها في الطلبات الأولية المستعجلة لأطراف الدّعوى .
4) مرحلة المحاكمة: وفيها يتم تقديم البيّنات والمرافعات إلى المحكمة التي سوف تُصدر قرارها الفاصل بالنزاع بدون التقيّد بالقواعد الإجرائية الخاصة بالبيّنات والمرافعات بل بناءً على اجتهادها الخاص وذلك في الدعاوى المحدودة، أما في الدعاوى السريعة ومتعددة الإجراءات فيتقيد القاضي خلال نظر الدّعوى بالقواعد الإجرائية .
كما أوجبت قواعد الإجراءات على محامي المدّعي إعداد ملف الدّعوى الأساسي، وقبل حلول الموعد المحدد قانوناً لاجتماع إدارة الدّعوى يتوجب على المحامي المذكور إعداد ملف آخر لإدارة الدّعوى، على خلاف القانون الأردني الذي أناط هذه المهمة بإدارة الدّعوى المدنيّة ، ويجب أن يحتوي ملف إدارة الدّعوى المدنيّة على نموذج خاص لإدارة الدّعوى ويستعمل لتفريغ البيانات عليه كما يجب أن يحتوي الملف ذاته على قائمة بعناصر الدّعوى ووقائعها، ويشمل أيضاً البرنامج الزمني لما قبل المحاكمة، وقد تطلب التشريع ذاته لزوم تسليم ملف الدّعوى خلال سبعة أيام على الأقل من تاريخ الاجتماع .
وبعد الانتهاء من إعداد ملف إدارة الدّعوى بيّنت الماده 10/2 من دليل الممارسة إجراءات عقد اجتماع إدارة الدّعوى على النحو الذي سيتم بيانه في المبحث الثاني من هذا الفصل .
اترك تعليقاً