الوساطة القضائية
بقلم القاضي سامر النمري محكمة صلح رام الله
مما لا شك فيه أن الوساطة القضائية هي احد الطرق البديلة لحل النزاعات المدنية والتجارية بين شخص أو أكثر أو جماعات للوصول إلى تسوية النزاع بأسرع الطرق وبأقل جهد ووقت وبأقل كلفة ممكنة و برضى المتخاصمين بمساعدة شخص محايد يعلب دور الوسيط.
وتعتبر الوساطة القضائية من الوسائل الأكثر شيوعا لحل النزاعات بهدف التوصل إلى تسوية مرضية بين الفرقاء المتنازعين وهي تؤكد على حماية مصالح الفريقين أو الفرقاء الموافقين عليها وهي وبالتالي اختيارية ولا تتبع قواعد إجرائية وإنما تستلزم حوارا مفتوحا على قدم المساواة بكل حرية وثقة والقرار فيها ذاتي دون تدخل الوسيط وإنما يقرره الفرقاء بأنفسهم .
ومن مميزات الوساطة السرية في الإجراءات ولا يجوز الاحتجاج بها أو بما تم فيها من تنازلات من قبل أطراف النزاع أمام أية محكمة أو أية جهة كانت، وتتسم الوساطة بالمرونة لعدم وجود إجراءات وقواعد مرسومة محددة وتكفل المحافظة على خصوصية النزاع القائم بينهما وأن التسوية النهائية تكون قائمة على حل مرض لطرفي النزاع والوساطة تبقي العلاقات الودية بين الخصوم قائمة وتساعد جلسات الوساطة على تجاوز العقبات وتوفير الحلول الخلاقة والإبداعية لحل النزاعات.
ومن أهم ميزات الوساطة أن هنالك حرية للخصوم للرجوع عن أي عرض أثناء جلسات الوساطة ما لم يتم تثبيته خطيا وما دامت اتفاقية التسوية هي من صنع أطراف النزاع فإن تنفيذها على الأغلب سيتم برضاهم بعكس الحكم القضائي الذي يتم تنفيذه جبرا، كما أن اختيار الوسيط يخضع لإرادة الأطراف، إذ يستطيع الوسيط الاجتماع مع أطراف النزاع كل على حدة ويحدد المراكز القانونية لكل طرف والاتفاقية التي يتوصل إليها الوسيط مع الأطراف تتم بالتراضي وتعتبر بمثابة حكم قطعي .
ومن الجدير بالذكر أن دور الوسيط يقتصر على تشجيع الفرقاء على التسوية علما بأن الوسيط عند تولي مهمته يكون خالي الذهن عن النزاع وليس لديه أي فكرة مسبقة عن كيفية تسوية النزاع عدا فكرة واحدة هي فكرة وقصد التسوية لا أكثر، خاصة وأنه ليس من متعلقات مهمة الوسيط أن يقرر ما هو الحل العادل ويقتصر دوره على المساعدة في تحديد القضية وإزالة العقبات وتحري الخيارات، أي أن فرقاء النزاع يحكمون الوساطة وليس الوسيط.
ومن هنا لا بد من تشجيع المتنازعين على حل خلافاتهم ذاتيا ويقتضي الأمر أن يكون الوسيط على علم بأصول الوساطة وإتقان مختلف طرقها وأساليبها التي تسهل التوصل إلى تسوية النزاعات وأن يتمتع بمهارات خاصة في فهم المصالح والتركيز عليها وخلق الخيارات والبدائل واستخلاص المعلومات من المحاكاة وتطوير المعايير والبحث بعمق في كافة الحلول البديلة للتوصل إلى حل مرضٍ وودي بين الفرقاء دون تحديد من الرابح أو الخاسر .
مما تقدم يتبين أن الوساطة ذات طريق سهل ومجدي في حل النزاعات عن طريق مساعدة شخص ثالث وأن اللجوء إلى الوساطة يخفف من عبء اللجوء إلى التقاضي وتدل الإحصاءات المجاورة لدينا كالأردن مثلا أن نسبة الفصل في قضايا التسوية يتجاوز الستين بالمائة كما تدل الإحصاءات العالمية على أن أربعة من أصل خمسة قضايا من قضايا الوساطة تنتهي بتسوية وبهذا نجد أن الوساطة وسيلة مهمة في تسوية مختلف أنواع النزاعات وأنها تنطوي على إمكانات واسعة واعدة يمكن القول معها دون مبالغة أنها سوف تحتل المكانة الأولى في العالم لحل مختلف أنواع النزاعات فيما لو طبقت كأحد الحلول البديلة بالشكل السليم
اترك تعليقاً