الإيصاء ويسمى بالوصية العهدية – أن يقوم الموصي بتولية شخص معين او أكثر بعد موته لفرض القيام بتنفيذ وصيته كما رسمها ، أو القيام بالولاية على أولاده القاصرين والنظر في أموالهم والتصرف فيها ، بما ينميها ويحفظها لهم من الضياع والنقصان ويشرف على شؤونهم ومساعدتهم على استعمال حقوقهم وتأدية واجباتهم .
والفقهاء المسلمون قصروا كلمة الإيصاء على جعل الإنسان شخصا معينا غيره مقام نفسه بعد موته ليدبر شؤون اولاده الصغار وادارة الأموال الموصى بها أو التصرف بها في ضوء ما أوصي به . و الإيصاء مصدر من أوصى أو من وصى ومعناه الاستخلاف بعد الوفاة ، ويأتي بمعنى إثبات تصرف مضاف إلى ما بعد الوفاة ، واستعملوا في هذا المعنى الفعل (أوصى) متعديا بالى (أوصى اليه فهو وصي ) . و الإيصاء – بوجه عام – عقد بين الموصي وبين الوصي ، يكون الإيجاب من الموصي والقبول من الوصي ولكن القبول في هذا العقد لا يشترط أن يكون فور الإيجاب بل يجوز أن يكون متراخيا الى ما بعد الموت ، لأن الايجاب هنا مضاف الى ما بعد الوفاة ، ولأن ثمرات هذا العقد لا تظهر الا بعد الموت. وهي عقد غير لازم فيجوز للموصي أن يرجع عن إيصائه في أي وقت يشاء بشرط إبلاغ الوصي بذلك. لذا سنتناول تحديد مفهوم الوصاية وأحكامها شرعا وقانونا، مع بيان أركانها وشروطها وتصرفات الأولياء والأوصياء ومحاسبتهم قانونا ثم نبين انتهاءها .
مما لا شك فيه أن الأب أعلم من غيره بمن يصلح للوصاية على ولده فهو أوفر الناس شفقة ورحمة عليه وحرصا على مصالحه فله اختيار من يخلفه بعد موته في الولاية على القاصرين الذين هم في ولايته ومن يوصي إليه للقيام على شؤون الصغير يتصرف بعد وفاة الموصي . وهذا ما نصت عليه المادة (٧٥) من قانون الأحوال الشخصية بقولها : ” الإيصاء إقامة الشخص غيره لينظر فيما أوصى به بعد وفاته ” . وواضح من نص المادة (٧٥) هذه التي اختصت الأب أن يقيم فلان وصيا من بعد وفاته على أولاده القاصرين أو على الجنين الذي سيولد له أو يقيم وصيا لإدارة تركته أو لدفع مبلغ معين إلى جهة من الجهات أو لقضاء ديونه فالشخص الذي أسندت إليه هذه المهام هو موصى إليه . وتنظم محاكم الأحوال الشخصية والمواد الشخصية ذلك . . . والوصي بوجه عام هو الشخص الذي يقيمه للنظر في تركته بعد موته أو يقيمه القاضي إذا كانت هناك حاجة إليه. إن ولاية الأب على أولاده القاصرين ومن في حكمهم ولاية أصلية ذاتية، أثبتها الشارع الحكيم له بسبب الأبوة فهي حق له، وبالوقت نفسه واجب عليه وتستمر هذه الولاية ما لم يكن الأب مبذرا لماله مستحقا هو نفسه للحجر عليه. وقسم الفقهاء الولاية (2) على قسمين : ولاية على النفس ، وولاية على المال
فالولاية على النفس : يتولاها احد الافراد على شخص معين او لأمر معين كولاية الاب على اولاده الصغار وتكون في الامور المتعلقة بشخص المولى عليه كالعناية بتربية الصغار وتعليمهم وتأديبهم وحفظهم ورعايتهم وولاية تزويجهم . وهذا يستلزم وجود صلة القربى التي تمنح الحنو والعطف والحب ويفضل الاقرب نسبا الى الولد من الابعد لذا تكون الولاية حكما ” للاب ” بما له من خبرة ومسؤولية ويعد الولي الاصلي الاول ولا ينازعه في ولايته على النفس والمال احد ، وعند عدم وجود او عند عدم استيفائه شروط الولاية تنتقل الولاية الى من يليه وفقا للأحكام الشرعية كما ورد في مبحث الولاية على الزواج .
اما الولاية على المال : فتكون في المسائل المادية فقط ويتولاها الاب او الوصي من قبله الذي ينصبه الاب حال حياته ويسمى ( الوصي المختار ) وللوصي ان يقبل الوصية في حياة الموصي او يرفضها وقد يكون قريبا او غريبا ويمكن للاب ان يعين الام وصيا واذا لم يفعل فللقاضي ان ينصب وصيا قضائيا يسمى ( الوصي والمنصوب ) او ( وصي القاضي ) ويكون مدير رعاية القاصرين هو الوصي القانوني على من لا ولي له ولا وصي .
لا تثبت الوصاية للوصي بحكم القانون – كما هو الحال بالنسبة للولاية – بل تتم بالاختيار لذلك فان الوصي يعد نائبا قانونيا عن الصغير بهدف حماية ثروة القاصر واستثمارها بما يحقق منفعته وقد بين قانون رعاية القاصرين رقم (78) لسنه 1980 المقصود بالوصي في المادة (34) المذكورة انفا ” للوصي هو من يختاره الاب لرعاية شؤون ولده الصغير او الجنين ثم من تنصبه المحكمة على ان تقدم الام على غيرها على وفق مصلحة الغير فان لم يوجد احد منهما فتكون الوصاية لدائرة رعاية القاصرين حتى تنصب المحكمة وصيا ” أي ان ام القاصر مقدمة على غيرها عند فقد ابيه ولا يعتد بتنازلها عن الوصاية ما دامت اهلا لها لمخالفة هذا التنازل للنظام العام (3) .
اعادة نشر بواسطة محاماة نت .
اترك تعليقاً