الوصية الواجبة .. ومصطلح المهدود في القانون الليبي
سالني احدهم على مصطلح المهدود المتداول شعبيا ولماذا يحرم من الميراث ، والمهدود وهو الحفيد الذي لايرث جده ، فكيف عالج وضعه القانون الليبي ، فاصل هذه الكلمة مثل شعبي يقول ( اللي ربي ايهده .. ايموت بوه قبل جده )) بمعنى انه يحرم من ميراث جده بسبب وفاة ابيه ، فهي يضار مرتين الاولى هي بفقد الأب والثانية بالحرمان من الارث .
لقد اخذ المشرع الليبي باجتهاد فقهي حل مشكلة المهدود وقد اخذت به تشريعات العديد من الدول العربية والاسلامية ، حيث اصدر القانون رقم 7 لسنة 1994 بشأن احكام الوصية ونشر في الجريدة الرسمية بتاريخ 21/3/1994 حيث نصت المادة 37 منه على (( من توفي وله أولاد ابن مات أبوهم قبله أو معه وجبت في ماله لأولاد الابن ولأولاد ابن الابن وإن نزل واحد كان أو أكثر وصية بمقدار ما كان يرثه أبوهم عن أصله المتوفى على فرض حياته إذا كان لا يزيد عن ثلث التركة, فإن زاد لا يدفع لهم إلا الثلث وصية واجبة. )) ثم نصت المادة 38 على أ ن (( تقسم الوصية الواجبة بين المستحقين قسمة الميراث للذكور مثل حظ الأنثيين ويحجب فيها كل أصل فرعه دون غيره ويأخذ كل فرع نصيب أصله فقط. ثم نصت المادة 39 على (( لا يستحق هؤلاء الأحفاد وصية واجبة إن كانوا وارثين لأصل أبيهم جدا كان أو جدة أو كان قد أوصى لهم أو أعطاهم في حياته ما يساوي نصيبهم فيما يستحقونه بالوصية الواجبة فإن نقص ما أوصى لهم به أعطاهم أقل من ذلك استوفوا ما نقص. )) ثم نصت المادة 40 على (( الوصية الواجبة مقدمة على الوصايا الاختيارية في الاستيفاء من ثلث التركة.)) وهذه النصوص تكاد ان تكون مطابقة للمواد 76 ، 77 ، 78 ، 79 من قانون الوصية رقم 71 لسنة 1946 في جمهورية مصر العربية والمادة 182 من القانون رقم 61 لسنة 1976 في شان الاحوال ا لشخصية بالمملكة الاردنية ، وكذلك القوانين المماثلة في تونس والمغرب والامارات والكويت . وعلى كل حال، فإن الوصية الاختيارية بإجماع الفقهاء مرغوبة ومستحبة لأنها عمل من أعمال الخير وقد أجمع الأئمة الأربعة وجمهور الفقهاء على أن الوصية للأقربين أفضل من الوصية لسواهم. لقوله تعالى “وإذا حضر القسمة أولوا القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم منه وقولوا لهم قولا معروفا” وقد اعتبر ابن حزم بأن الوصية فرض وواجب على كل من ترك مالا لأن الرسول أمر بذلك ليصل إلى أن الله فرض على كل مسلم أن يوصي لقرابته الذين لا يرثون إما بسبب اختلاف الدين أو لوجود من يحجبهم عن الميراث أو لكونهم أصلا من غير الورثة. لقد كان هذا القانون مزيجا من آراء الفقهاء الذين قالوا بأن آية الوصية لم تنسخ وأنها واجبة لمن لا يرث من الأقربين وأخذا برأي ابن حزم المبني على قاعدة شرعية مفادها أن لولي الأمر أن يأمر بالمباح لما يراه من المصلحة العامة ومتى أمر به وجبت طاعته، وفي رأي بعض الفقهاء أن أمره ينشئ حكما شرعيا مضافا إليها ما أثبته من وجوب الوصية وعدم نسخ آية الوصية. فالأصل عند جمهور الفقهاء أن الوصايا اختيارية يبر بها الشخص من أراد أو يجبر بها ما فاته من أعمال البر في حياته، لكن في أحوال غير قليلة كثرت منها الشكوى، يموت الشخص في حياة أمه أو أبيه أو يموت معهم، فتحرم ذريته من ميراثه الذي كان يستحقه لو عاش إلى وفاة والديه وذلك بسبب وجود من يحجب أبناءه من الميراث. أما بخصوص السند الشرعي للوصية الواجبة فهو مروي عن جمع عظيم من فقهاء التابعين ومن بعدهم من أئمة الفقه والحديث، ومنهم ابن حزم فرأيه مبنى على القول بإعطاء جزء من مال المتوفى للأقربين غير الوارثين من الأحفاد على أنه وصية واجبة بمثل نصيب أبيهم أو أمهم في حدود الثلث، وتقسيمه بينهم قسمة الميراث. فإذا توفى شخص وله أحفاد لا يرثون منه، ولم يوص لهم بشيء قام القاضي مقامه بإعطائهم جزء من تركته في الحدود التي ذكرناها كوصية واجبة ،وهذا القول مبني أيضا على قاعدة شرعية هي « أن لولى الأمر أن يأمر بالمباح لما يراه من المصلحة العامة ومتى أمر به وجبت طاعته. وفي رأي بعض الفقهاء ينشئ حكما شرعيا . أما أصل الوجوب قوله تعالى: «كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا الوصية للوالدين والأقربين بالمعروف حقا على المتقين». وهذا القانون حل الكثير من المشاكل الا اننا علمنا بصدور قانون من المؤتمر الوطني بعد انتهاء ولايته وقيام مجلس النواب بالغاء الوصية الواجبة ولم يعمم هذا القانون على المحاكم في شرق البلاد فاصبح في المنطقة الشرقية يطبق القانون 7 لسنة 1994 وفي المنطقة الغربية اختلفت المحاكم بعضها يطبق هذا القانون وبعضها يطبق قانون المؤتمر الوطني ، ورغم اننا نحن تفتخر بوحدة المؤسسة القضائية وعدم انقسامها في ليبيا ، الا انه ترتب على هذا التشريع انقسام في التشريع لايخدم البلاد باي حال ثم ماهو الضير في إبقاء العمل باجتهاد مختَلف عليه لكنه يتماشى ومقاصد الشريعة ويحقق مصلحة للعباد ويبعد الغل والحسد والحقد من القلوب؟ وهل القانون الملغى لا يتماشى ومقاصد الشريعة والقانون الحالي يتماشى معها؟ وإذا كان لا يتماشى فما الدليل القطعي على ذلك وما الدليل الذي لا يقبل النقض على تماشي هذا القانون معها . قطعا لا يمكن القول بذلك اللهم إلا إذا كانت الرغبة في إفقار أبناء الابن تعتبر ضرورة وأن حرمانهم من الخير والتضييق عليهم وزرع بذور الشر بينهم وبين أمامهم باجتهاد مشكوك في صحته ومخالف لاجتهاد سابق صحيح فيه مصلحة وأنه يتفق ومقاصد الشريعة ….
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً