الطعن 213 لسنة 22 ق جلسة 23 / 2 / 1956 مكتب فني 7 ج 1 ق 34 ص 244
جلسة 23 من فبراير سنة 1956
برياسة السيد المستشار محمد فؤاد جابر، وبحضور السادة الأساتذة: اسحق عبد السيد، ومحمد عبد الرحمن يوسف، ومحمد عبد الواحد على، واحمد قوشه، المستشارين.
———–
(34)
القضية رقم 213 سنة 22 القضائية
(أ) وصية. قانون. تنازع القوانين.
خضوع الوصية للقانون الساري وقت الوفاة. وفاة المورث بعد سريان قانون الوصية رقم 71 لسنة 1946. خضوع وصيته لحكم هذا القانون.
)ب) وصية. بيع. مرض الموت.
صدور وصية تخضع لأحكام القانون رقم 71 لسنة 1946. مجال البحث في تطبيق حكم المواد 254 مدنى قديم وما بعدها. إعمال أحكام هذه المواد على الوصية المذكورة. في غير محله.
(جـ) نقض. طعن. الخصوم في الطعن. دفع.
دعوى ليست من قبيل الدعاوى التي أوجب القانون فيها اختصام أشخاص معينين. الدفع بعدم قبول الطعن شكلا لعدم إعلان جميع أطراف الخصومة عند الطعن بالنقض. في غير محله. المادة 384/ 1 مرافعات.
————-
1 – الوصية بطبيعتها تصرف مضاف إلى ما بعد الموت فلا يكون لها وجود قانوني إلا بعد حصول الوفاة وموت الموصي مصرا عليها، تكون محكومة بالقانون الساري وقت الوفاة لا وقت تحرير الوصية. وإذن فمتى كان المورث قد توفى في وقت سريان قانون الوصية رقم 71 لسنة 1946 تعين خضوع وصيته لحكم هذا القانون.
2 – مجال البحث في تطبيق المواد 254 مدنى قديم وما بعدها إنما هو حيث يكون التصرف المطعون بحصوله في مرض الموت قد صدر منجزا، وأن مؤدى ثبوت صحة الطعن فيه بحصوله في مرض الموت اعتبار هذا التصرف وصية فاذا لم يكن التصرف – محل النزاع – تصرفا منجزا بل كان وصية سافرة من أول الأمر وتخضع لأحكام القانون رقم 71 لسنة 1946 فإنه لا يكون هناك محل لإعمال أحكام تلك المواد على واقعة النزاع.
3 – لا محل للدفع بعدم قبول الطعن شكلا لعدم إعلان جميع أطراف الخصومة في دعوى موضوعها إقرار بدين وبيع صادرين من المورث ذلك أن هذه الدعوى ليست من قبيل الدعاوى التي أوجب القانون فيها اختصام أشخاص معينين كدعاوى الشفعة والاسترداد والاستحقاق وغيرها أو كالدعاوى التي يكون موضوعها غير قابل للتجزئة أو حالة التضامن فلا محل للقياس فيها على هذا النوع من الدعاوى بل فيه تخصيص بغير مخصص وتقييد للجواز الذى أطلقه القانون بترك حق الطعن خالصا لمن يريده من الخصوم في الدعوى على من يشاء منهم وفقا لحكم المادة 384/ 1 مرافعات.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
… من حيث إن وقائع هذا الطعن – حسبما يبين من الحكم المطعون فيه ومن سائر أوراق الطعن – تتحصل في أن المطعون عليها الأولى أقامت الدعوى رقم 1667 لسنة 1947 كلى مصر على باقي ورثة زوجها المرحوم محمود فؤاد وعددهم ثمانية من بينهم الطاعنات وعلى خمسة أشخاص آخرين من مستأجري بعض أعيان التركة وطلبت الحكم على الورثة من تركة مورثهم بأن يدفعوا إليها مبلغ 1250 ج قيمة السند المحرر لمصلحتها بتوقيع المورث كما طلبت الحكم بتثبيت الحجز التحفظي المتوقع تحت يد الخمسة الآخرين من المدعى عليهم وجعله حجزا تنفيذيا مع الفوائد بواقع 8% من تاريخ المطالبة الرسمية حتى الوفاء مع المصروفات والأتعاب والنفاذ بغير كفالة. كما أقام المطعون عليه الثاني الدعوى رقم 3977 لسنة 1947 كلى مصر على الطاعنات وباقي الورثة وطلب الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع العرفي (المؤرخ 3/ 5/ 1945 الصادر لمصلحته من المورث بيع 5 أفدنه وقيراط و9 أسهم موضحة الحدود والمعالم بعقد البيع وبصحيفته الدعوى بثمن قدره مائة جنيه للفدان الواحد ذكر في العقد بأنه دفع بالكامل) – مع المصروفات والأتعاب والنفاذ – فدفع الورثة من المدعى عليهم الدعويين بأن تحرير السند في الدعوى الأولى وعقد البيع في الثانية حصل أثناء مرض موت المورث الذى كان مريضا بتضخم البروستاتا وبمضاعفات كلوية أخذت تتزايد رغم اهتمامه بمعالجتها حتى إذا حصلت له صدمة وانتابته نوبة إغماء أظهر على أثرها رغبته في تمييز زوجته حين اشتداد المرض عليه في شهري أبريل ومايو سنة 1946 وحرر بالفعل السند موضوع الدعوى الأولى لمصلحة زوجته واستبقاه في حوزته فلما أشير عليه بإجراء عملية جراحية أودعه لدى السيدة رئيفه منصور لتحتفظ به لحين تمام شفائه فإن حصل استرده منها وان لم يحصل وانتهى أجله قامت تلك السيدة بمفاوضة الورثة على تمييز الزوجة ببعض تركته لقاء خدماتها له فإن قبلوا فالأمر إليهم جميعا فيما يتم اتفاقهم عليه وان اختلفوا ولم يتفقوا على شيء سلمت السند لصاحبته، فلما بلغ ذلك مسامع أخيه منصور المدعى في الدعوى الثانية هاج وهدد أخاه بالطعن في السند ليبطله لأنه كتبه وهو في أشد حالات المرض فاسترضاه بتحرير عقد البيع موضوع الدعوى الثانية إليه وسلم إليه السند ليثبت تاريخه فأثبته بالفعل في 25/ 10/ 1946 وأعاده إليه فسلمه بدوره مع عقد البيع إلى السيدة رئيفه منصور لتكون أمينة عليهما وحريصة على تنفيذ رغبته عقب وفاته وتم إثبات تاريخ السند أثناء وجوده بالمستشفى الإسرائيلي الذى دخله لإجراء جراحة له إذ دخله في 21/ 10/ 1945 ولبث فيه حتى 25/ 11/ 1946 حيث أخرج لإصابته بتسمم بولي شديد أدى إلى وفاته في 3/ 12/ 1946 – ولما كان ذلك كذلك فإن السند باعتباره اقرارا والبيع يعتبران غير نافذين في حق الورثة إلا بأجازتهم وفقا للمواد 254، 255، 256 من القانون المدني القديم الذى يحكم واقعة النزاع – وبجلسة 23/ 3/ 1948 قضت المحكمة في كل من الدعويين بإحالتهما إلى التحقيق لإثبات ونفى ما تدون في ذلك الحكم وبعد تنفيذه قضت بجلسة 7/ 2/ 1949 برفض الدعويين مع إلزام كل مدع بمصروفات دعواه. استأنفت المطعون عليها الأولى هذا الحكم إلى محكمة استئناف القاهرة وقيد برقم 960 لسنة 66 ق – كما استأنفه المطعون عليه الثاني إلى نفس المحكمة وقيد برقم 1147 لسنة 66 ق – وبجلسة 26/ 3/ 1952 قضت المحكمة بضم الاستئنافين وبقبولهما شكلا وفى موضوعهما بإلغاء الحكمين المستأنفين واعتبار السند وعقد البيع هبة نافذة في ثلث تركة الموصي موزعة بين الموصى لهما بنسبة قيمة سند كل منهما الخ. فطعنت الطاعنات في هذا الحكم بطريق النقض بتقرير في قلم كتاب هذه المحكمة وأعلنه في الميعاد إلى المطعون عليهما وأودعن مستنداتهن في الميعاد كذلك. فدفعت المطعون عليها الأولى بعدم قبول الطعن شكلا لأن القانون يوجب إعلان جميع أطراف الخصومة عند الطعن بالنقض وإلا وجب عدم قبوله شكلا قياسا على دعوى الشفعة التي يجب إدخال البائع خصما فيها واستندت في دفعها إلى بعض أحكام هذه المحكمة في دعاوى الشفعة ثم قالت إذا كان ذلك هو الحال في دعوى الشفعة فكم يكون ضروريا في حالتنا إدخال جميع الخصوم الممثلين في الدعوى حتى محكمة النقض ليكون شكل الطعن صحيحا.
ومن حيث إن هذا الدفع لا يقوم على أساس صحيح من القانون الذى ترك حق الطعن خالصا لمن يريده من الخصوم في الدعوى يقيمه على من يشاء منهم وفقا لحكم المادة 384/ 1 من قانون المرافعات التي تقضى “بأنه لا يفيد من الطعن إلا من رفعه ولا يحتج به إلا على من رفع عليه” مع استثناء بعض الدعاوى التي أوجب القانون اختصام أشخاص معينين كدعاوى الشفعة والاسترداد والاستحقاق وغيرها أو كالدعاوى التي يكون موضوعها غير قابل للتجزئة أو حالة التضامن – ولما كانت الدعوى الحالية ليست من هذا القبيل فلا محل للقياس فيها على هذا النوع من الدعاوى – بل فيه تقييد للجواز الذى أطلقه القانون وتخصيص بغير مخصص مما يتعين معه رفض هذا الدفع.
ومن حيث إن الطعن يكون لذلك قد استوفى أوضاعه فيتعين قبوله شكلا.
ومن حيث إن الطاعنتين الأولى والثانية قررتا التنازل عن هذا الطعن فيتعين إثبات هذا النزول.
ومن حيث إن الطاعنة الثالثة تنعى بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والفساد في الاستنتاج ذلك بأن الحكم بنى على الأخذ بنتيجة التحقيقات التي أجرتها محكمة أول درجة في حين أن التحقيقات تنقضها من أساسها لأنها قطعت في أن السند وعقد البيع حررا في شهر أبريل سنة 1946 قبل نفاذ قانون الوصية (في أول أغسطس سنة 1946) – يؤكد ذلك أن الحكم المطعون فيه قرر صراحة صعوبة تحديد تاريخ هذين المحررين تحديدا دقيقا ثم استخلص ما استخلصه من ظروف الدعوى ومجمل التحقيقات وهو استخلاص إن جاز مع تجهيل سنده في دعوى جنائية فإنه لا يجوز الالتفات إليه في دعوى مدنية لا يفيد فيها القول بظروف الدعوى لأن هذه العبارة غامضة ولا تدل على شيء يمكن لمحكمة النقض مراقبته – والقول بتعذر تحديد التاريخ يكفى لانعدام حق رافعي الدعويين في الانتفاع بقانون الوصية فضلا عن أن أقوال الشهود جميعا انعقدت على أن تحرير السند حصل عقب إصابة المورث بنوبة الاغماء أثناء علاجه بمعرفة الدكتور يوسف حموده وتدل الشهادة التي كتبها على أن تاريخها في شهر أبريل سنة 1946 كما ثبت من التحقيقات أيضا أن عقد البيع كتب عقب تحرير السند مباشرة وتأكد هذا من قول شاهد النفى محمد عبد الفتاح الذى شهد بأنه لما زار المورث في مستشفى الدمرداش وكان ذلك قبل دخوله المستشفى الاسرائيلى في أكتوبر سنة 1946 قال له المورث “أنا كتبت حاجة للست علشان خدمتى” ومتى كان هذا هو الثابت في الأوراق فإن الحكم يكون قد خالفه – ويكون تحديد التاريخ الوارد فيه معدوم السند القانوني ولا يجوز أن يكون أساسا للحكم.
ومن حيث إن هذا النعي مردود بأن دفاع الطاعنة ومن شاركها من الخصوم انحصر في أن السند وعقد البيع حررهما المورث في مرض موته الذى بدأ في شهر مارس سنة 1946 وانتهى بوفاته في شهر ديسمبر من نفس السنة – وأنهما يعتبران لذلك باطلين إلا إذا أجازتهما الورثة، فأحالت محكمة أول درجة الدعويين على التحقيق لإثبات ذلك ونفيه. وثبت لها من أقوال شهود الإثبات وهم شهود الطاعنات أن المورث بدأ بتحرير السند لزوجته ولما علم بذلك أخوه (المطعون عليه الثاني) غضب وثار وهدد بالطعن على السند فاسترضاه أخوه (المورث) وحرر له عقد البيع – ثم أجمع الشهود على أن المورث استبقى السند وعقد البيع في حوزته حتى إذا ما أشير عليه بدخول المستشفى للمرة الأخيرة في أكتوبر سنة 1946 أودع المحررين طرف السيدة رئيفة منصور لتردهما إليه عقب شفائه ومبارحته المستشفى فإن أدركته منيته فقد أوصاها بأن تجمع ورثته وأن تستعطفهم في إيثار زوجته ببعض ماله لقاء خدماتها له طول حياته في صحته وفى مرضه ولأنها لم ترزق منه يولد – فإن قبل الورثة هذا الرجاء فالأمر إليهم جميعا وما يتم اتفاقهم عليه – وإن اختلفوا ولم يعملوا على تحقيق أمنيته فقد أوصى المودع لديها عند ذلك بأن تسلم السند والعقد لصاحبهما وهو ما فعلته – ومفاد ذلك أن المورث قصد إلى الوصية دون غيرها من مبدأ الأمر – وهى بطبيعتها تصرف مضاف إلى ما بعد الموت فلا يكون لها وجود قانوني إلا بعد حصول الوفاة وموت الموصى مصرا عليها وهذه الوصية تكون محكومة بالقانون الساري وقت الوفاة لا وقت تحرير الوصية وهو ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه بتطبيقه للقانون رقم 71 لسنة 1946 على واقعة الدعوى.
ومن حيث إن الطاعنة تنعى بالسببين الثاني والثالث على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب ومخالفته لقواعد تطبيق القانون الصحيحة بمقولة إن المطعون عليهما باعتبار أنهما صاحبا المصلحة في السند والعقد المطعون فيهما قد جعلا لهما تاريخين عرفيين سابقين بكثير على تاريخ إصدار قانون الوصية فليس لهما أن ينقضا ما ثبت في السند وفى عقد البيع في خصوص تاريخهما وأن يدعيا أنهما صدرا بعد قانون الوصية لمخالفة ذلك للقانون هذا من ناحية ومن الناحية الأخرى فإن قانون الوصية لم يلغ أحكام المواد 254 وما بعدها من القانون المدني الملغى فوجب ذلك إعمال أحكامها – ورغم أن هذا الدفاع بشطريه جوهري فإن الحكم المطعون فيه لم يرد عليه مما يعتبر قصورا في التسبيب ومخالفة لأحكام القانون.
ومن حيث إن هذا النعي مردود في وجهيه بأنه فضلا عن أن البحث في تحديد تاريخ المحررين والتمسك بتاريخهما العرفي دون التاريخ الثابت لأحدهما لإمكان تطبيق القانون الذى كان يحكمهما في هذا التاريخ أمر غير منتج ما دام أن المعول عليه في خصوص الوصية ونفاذها وتعيين القانون الواجب التطبيق عليها هو تاريخ الوفاة لا تاريخ السند المنشئ لها – على ما سبق بيانه في الرد على السبب السابق – وقد ثبت من الأوراق أن الوفاة حصلت في 3/ 12/ 1946 أي في الوقت الذى كان قانون الوصية الجديد رقم 71 لسنة 1946 ساريا – فإن القول أيضا بأن قانون الوصية الجديد لم ينسخ حكم المواد 254 مدنى قديم وما بعدها لا محل له لأن مجال البحث في تطبيق تلك المواد إنما هو حيث يكون التصرف المطعون بحصوله في مرض الموت قد صدر منجزا وأن مؤدى ثبوت صحة الطعن فيه بحصوله في مرض الموت اعتبار هذا التصرف وصية وهو ما يخالف الحال في صورة الدعوى إذ أن التصرف محل الطعن لم يكن تصرفا منجزا بالإقرار بالدين أو بالبيع بل كان وصية سافرة قصد إليها المورث من أول الأمر على ألا تنفذ إلا بعد وفاته – ومتى كان يبين من الأوراق وظروف الدعوى أن قصد المورث واضح الدلالة على نية الإيصاء ابتداء تعين أن تخضع وصيته لحكم القانون الساري وقت وفاته وهو القانون رقم 71 لسنة 1946 الذى طبق أحكامه بحق الحكم المطعون فيه على واقعة الدعوى.
ومن حيث إنه لذلك يتعين رفض الطعن.
اعادة نشر بواسطة محاماة نت .
اترك تعليقاً