الطعن 334 لسنة 58 ق جلسة 30 / 12 / 1992 مكتب فني 43 ج 2 ق 297 ص 1458
جلسة 30 من ديسمبر سنة 1992
برئاسة السيد المستشار/ ريمون فهيم إسكندر نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عبد الناصر السباعي، إبراهيم شعبان نائبي رئيس المحكمة، محمد إسماعيل غزالي وسيد محمود قايد.
————-
(297)
الطعن رقم 334 لسنة 58 القضائية
(4 – 1) عقد “أثر العقد” “الوضع الظاهر”. شيوع “إدارة المال الشائع”. إيجار “إيجار الأماكن”. التزام. بيع “التزامات البائع”. ملكية.
(1) الوضع الظاهر. قاعدة واجبة الإعمال متى توافرت موجباتها. مؤدى ذلك. الإيجار المبرم بين صاحب الوضع الظاهر والغير حسن النية. نفاذه في مواجهة صاحب الحق. شرطه. أن يسهم الأخير بخطئه في ظهوره بمظهر صاحب الحق مما يدفع الغير حسن النية إلى التعاقد معه.
(2)تأجير المال الشائع. حق للأغلبية المطلقة للشركاء بحسب الأنصباء. م 828 مدني.
(3) عدم اشتراط وجود العين المؤجرة وقت التعاقد. كفاية إمكانية وجودها مستقبلاً. م 131/ 1 مدني.
(4) عقد البيع غير المسجل. أثره. التزام البائع بتسليم العقار المبيع رغم أنه لا يترتب عليه نقل ملكيته إلى المشترى. مؤداه للأخير. حق الانتفاع به بكافة أوجه الانتفاع ومنها التأجير.
(5) إيجار “إيجار الأماكن” “حظر إبرام أكثر من عقد إيجار”.
حظر إبرام أكثر من عقد إيجار واحد للمبنى أو الوحدة منه. م 16/ 3 ق 52 لسنة 1969. مؤداه. بطلان العقود اللاحقة للعقد الأول بطلاناً مطلقاً متعلقاً بالنظام العام ولو صدرت من مؤجر آخر طالما أن العقد الأول صادراً ممن يملك حق التأجير. لا محل لإجراء المفاضلة بينهما. علة ذلك.
————-
1 – المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه ولئن كانت العقود لا تنفذ إلا في حق عاقديها، وأن صاحب الحق لا يلتزم بما يصدر عن غيره من تصرفات بشأنها، إلا أنه باستقراء نصوص القانون المدني يبين أن المشرع قد اعتد في عدة تطبيقات هامة بالوضع الظاهر لاعتبارات توجبها العدالة، وحماية حركة التعامل في المجتمع وتنضبط جميعاً مع وحدة علتها واتساق الحكم المشترك فيها بما يحول دون وصفها بالاستثناء، وتصبح قاعدة واجبة الإعمال متى توافرت موجبات إعمالها واستوفت شرائط تطبيقها، ومؤداها أنه إذا كان صاحب الحق قد أسهم بخطئه – سلباً أو إيجاباً – في ظهور المتصرف على الحق بمظهر صاحبه مما يدفع الغير حسن النية إلى التعاقد معه للشواهد المحيطة بهذا المركز والتي من شأنها أن تولد الاعتقاد الشائع بمطابقة هذا المظهر للحقيقة مقتضاه نفاذ التصرف المبرم بعوض بين صاحب الوضع الظاهر والغير حسن النية في مواجهة صاحب الحق.
2 – مفاد نص المادة 828 من القانون المدني أن حق تأجير المال الشائع يثبت للأغلبية المطلقة للشركاء محسوبة على أساس الأنصباء، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد استخلص سائغاً بما له من سلطة تامة في فهم الواقع في الدعوى أن مورث الطاعنين ثانياً قد أبرم عقد الإيجار المؤرخ 23/ 5/ 1975 بصفته وكيلاً ظاهراً عنهم وكان البين من الأوراق أن المذكورين يمتلكون أغلبية الأنصباء في العقار الكائن به الشقة محل النزاع فإن النعي بهذا الوجه يكون على غير أساس.
3 – النص في المادة 131/ 1 من القانون المدني على أنه “يجوز أن يكون محل الالتزام شيئاً مستقبلاً” فإنه لا يشترط – في الأصل – لصحة عقد الإيجار أن تكون العين المؤجرة موجودة وقت التعاقد بل يكفي أن تكون ممكنة الوجود مستقبلاً.
4 – المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أن عقد البيع غير المسجل وإن كان لا يترتب عليه نقل ملكية العقار المبيع إلى المشترى إلا أنه يولد في ذمة البائع التزاماً بتسليم المبيع، ويترتب على الوفاء بهذا الالتزام أن يصبح المبيع في حيازة المشتري وله أن ينتفع به بجميع وجوه الانتفاع ومنها التأجير.
5 – النص في الفقرة الثانية من المادة 16 من القانون رقم 52 لسنة 1969 – الذي أبرم عقدي إيجار الطاعنة الأولى والمطعون ضده الأول في ظله – على أنه “ويحظر على المالك القيام بإبرام أكثر من عقد إيجار واحد للمبنى أو الوحدة منه” يدل – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – على بطلان عقود الإيجار اللاحقة على العقد الأول بطلاناً مطلقاً متعلقاً بالنظام العام وهو بطلان يلازمها حتى لو صدرت من مؤجر غير الذي أصدر العقد الأول طالما كان العقد الأول صادراً ممن يملك حق التأجير ومستوف لشرائط صحته، ذلك أن مطلق البطلان الذي وصم به القانون العقود اللاحقة منذ نشوئها مؤداه إخضاعها لذات الحكم سواء أكانت صادرة والعقد الأول منها من مؤجر واحد أو اختلف المؤجر فيها عن المؤجر الأول وأنه لا مجال للاستناد إلى الحيازة في المفاضلة بين المستأجرين بالتطبيق لنص المادة 573 من القانون المدني لأن مناط هذه المفاضلة أن تكون العقود كلها صحيحة ونافذة.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن المطعون ضده الأول أقام على الطاعنين – عدا الأولى – والمطعون ضدهن الثانية والثالثة والرابعة الدعوى رقم 550 لسنة 1980 أمام محكمة الجيزة الابتدائية طالباً الحكم بتمكينه من الشقة المبينة بالصحيفة وتسليمها له. وقال شرحاً لدعواه إنه بموجب عقد مؤرخ 23/ 5/ 1975 ثابت التاريخ في 16/ 2/ 1976 استأجر هذه الشقة من المرحوم…… – مورث الطاعنين عدا الأولى والمطعون ضدهن من الثانية للأخيرة – على أن يتم تسليمها له فور الانتهاء من البناء وإذ امتنع المؤجر عن تسليم العين في الموعد المحدد فقد أقام الدعوى. وتدخلت الطاعنة الأولى في الدعوى طالبة رفضها تأسيساً على أنها المستأجرة للشقة محل النزاع من الطاعنة الثانية، حكمت المحكمة بقبول تدخل الطاعنة الأولى خصماً في الدعوى ورفض طلباتها وبإلزام باقي الطاعنين والمطعون ضدهن من الثانية للأخيرة بأن يسلموا المطعون ضده الأول الشقة محل النزاع، استأنف الطاعنون والمطعون ضدهن من الثانية للأخيرة هذا الحكم بالاستئناف رقم 570 لسنة 103 ق القاهرة، وبتاريخ 26/ 11/ 1987 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف، طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعى الطاعنون بالسبب الأول منهما على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون من ثلاثة أوجه وفي بيان الوجه الأول يقولون إن الثابت من المستندات المقدمة منهم أمام محكمة الموضوع أن المرحوم…… – المؤجر للمطعون ضده الأول – ليس مالكاً للعقار الكائن به الشقة محل النزاع أو وكيلاً أو نائباً عنهم، كما أن الطاعنين – ثانياً – ليسوا وحدهم الملاك للعقار بل يمتلك معهم فريقاً آخر حصة مقدارها 6 شيوعاً في العقار، وإذ عول الحكم في قضائه على عقد الإيجار الصادر للمطعون ضده الأول من المؤجر سالف الذكر رغم بطلانه لما سبق على سند من أن المؤجر كان وكيلاً وكالة ظاهرة عن زوجته الطاعنة الأولى – ثانياً – وهو ما لا يتفق وصحيح القانون الذي استلزم في الوكالة أن تتم بعقد مشهر وفي الإنابة أن يعلن العاقد أنه يتعاقد بصفته نائباً فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه ولئن كانت العقود لا تنفذ إلا في حق عاقديها، وأن صاحب الحق لا يلتزم بما يصدر عن غيره من تصرفات بشأنها، إلا أنه باستقراء نصوص القانون المدني يبين أن المشرع قد اعتد في عدة تطبيقات هامة بالوضع الظاهر لاعتبارات توجبها العدالة، وحماية حركة التعامل في المجتمع وتنضبط جميعاً مع وحدة علتها واتساق الحكم المشترك فيها بما يحول دون وصفها بالاستثناء، وتصبح قاعدة واجبة الإعمال متى توافرت موجبات إعمالها واستوفت شرائط تطبيقها، ومؤداها أنه إذا كان صاحب الحق قد أسهم بخطئه – سلباً أو إيجاباً – في ظهور المتصرف على الحق بمظهر صاحبه مما يدفع الغير حسن النية إلى التعاقد معه للشواهد المحيطة بهذا المركز والتي من شأنها أن تولد الاعتقاد الشائع بمطابقة هذا المظهر للحقيقة مقتضاه نفاذ التصرف المبرم بعوض بين صاحب الوضع الظاهر والغير حسن النية في مواجهة صاحب الحق، كما وأن من المقرر أن مفاد نص المادة 828 من القانون المدني أن حق تأجير المال الشائع يثبت للأغلبية المطلقة للشركاء محسوبة على أساس الأنصباء، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد استخلص سائغاً بما له من سلطة تامة في فهم الواقع في الدعوى أن مورث الطاعنين – ثانياً – قد أبرم عقد الإيجار المؤرخ 23/ 5/ 1975 بصفته وكيلاً ظاهراً عنهم وكان البين من الأوراق أن المذكورين يمتلكون أغلبية الأنصباء في العقار الكائن به الشقة محل النزاع فإن النعي بهذا الوجه يكون على غير أساس.
وحيث إن حاصل النعي بالوجهين الثاني والثالث أن عقد الإيجار المؤرخ 23/ 5/ 1975 قد حرره مورث الطاعنين – ثانياً – قبل أن يكون للشقة محل النزاع وجود، إذ كان العقار الكائنة به لا زال أرضاً فضاء، فضلاً عن أن عقد شرائهم لهذه الأرض لم يكن قد تم تسجيله بعد، وانتقلت إليهم ملكيتها، الأمر الذي ينتفي معه حقهم في تأجير العين، ولا يكون بالتالي هذا الحق لمورثهم – بفرض صحة ما خلص إليه الحكم على خلاف الحقيقة – من وكالته عنهم وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي بشقيه غير سديد، ذلك أنه تطبيقاً للنص في المادة 131/ 1 من القانون المدني على أنه “يجوز أن يكون محل الالتزام شيئاً مستقبلاً”. فإنه لا يشترط – في الأصل – لصحة عقد الإيجار أن تكون العين المؤجرة موجودة وقت التعاقد بل يكفي أن تكون ممكنة الوجود مستقبلاً، لما كان ذلك وكان من المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أن عقد البيع غير المسجل وإن كان لا يترتب عليه نقل ملكية العقار المبيع إلى المشترى إلا أنه يولد في ذمة البائع التزاماً بتسليم المبيع، ويترتب على الوفاء بهذا الالتزام أن يصبح المبيع في حيازة المشتري وله أن ينتفع به بجميع وجوه الانتفاع – ومنها التأجير – ومن ثم فإن النعي يضحي على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقولون إن الحكم فاضل بين عقدي إيجار الطاعنة الأولى والمطعون ضده الأول واعتد بعقد الأخير تأسيساً على ثبوت تاريخه في حين أنه يشترط لهذه المفاضلة أن يكون عقدي الإيجار صحيحين صادرين من مالك واحد، ولما كان عقد المطعون ضده الأول باطلاً لصدوره من غير مالك، وكانت الأفضلية لعقد الطاعنة الأولى باعتبارها الأسبق في وضع يدها على العين تطبيقاً لنص المادة 523 من القانون المدني فإن الحكم إذ خالف هذا النظر يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن النص في الفقرة الثالثة من المادة 16 من القانون رقم 52 لسنة 1969 – الذي أبرم عقدي إيجار الطاعنة الأولى والمطعون ضده الأول في ظله – على أنه “ويحظر على المالك القيام بإبرام أكثر من عقد إيجار واحد للمبنى أو الوحدة منه” يدل – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – على بطلان عقود الإيجار اللاحقة على العقد الأول بطلاناً مطلقاً متعلقاً بالنظام العام وهو بطلان يلازمها حتى لو صدرت من مؤجر غير الذي أصدر العقد الأول طالما كان العقد الأول صادراً ممن يملك حق التأجير ومستوف لشرائط صحته، ذلك أن مطلق البطلان الذي وصم به القانون العقود اللاحقة منذ نشوئها مؤداه إخضاعها لذات الحكم سواء أكانت صادرة والعقد الأول منها من مؤجر واحد أو اختلف المؤجر فيها عن المؤجر الأول وأنه لا مجال للاستناد إلى الحيازة في المفاضلة بين المستأجرين بالتطبيق لنص المادة 573 من القانون المدني لأن مناط هذه المفاضلة أن تكون العقود كلها صحيحة ونافذة، ولما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر، واعتد بعقد الإيجار المؤرخ 23/ 5/ 1975 استناداً إلى نفاذه في حق الطاعنين – ثانياً – طبقاً لأحكام الوكالة الظاهرة – على نحو ما سلف بيانه في الرد على الوجه الأول من السبب الأول – وإلى أن هذا العقد الثابت التاريخ في 16/ 2/ 1976 – وعلى نحو ما ذهب الحكم الابتدائي الذي أحال إلى أسبابه الحكم المطعون فيه – وهو العقد الأول وإن عقد الطاعنة الأولى لا حق عليه ومن ثم فإن النعي يكون على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.
اعادة نشر بواسطة محاماة نت .
اترك تعليقاً