التعريف بالوفاء :
الوفاء هو الطريق الطبيعي لتنفيذ الالتزام ايا كان محله سواء كان القيام بعمل او الامتناع عن عمل او تقديم مبلغ من النقود . ويذهب بعض من الفقة الى تعريف الوفاء بانة (دفع مبلغ الشيك للحامل الذي يتقدم الى البنك مطالبا بالوفاء)(1). ويرى فيه اخرون بانه (دفع المبلغ المحدد في الصك من قبل البنك المسحوب عليه للمستفيد)(2). ومن هنا يتضح بان الوفاء ليس الاوسيلة اساسية لتنفيذ الالتزام بالاوراق التجارية ومن ثم انقضاءه . ويقع الوفاء عادة بالنقد .بيد ان جانب من الفقة(3). يذهب الى ان الوفاء قد لا يكون بالنقد وانما من خلال ورقة تجارية ونعني بذلك (الشيك) ، بيد ان هذه الطريقة لا يمكن ان تتم الا اذا توفر شرطان مترابطان هما :
اولا” : قبول الدائن على ان يكون الوفاء بشيك .
ثانيا” : ان يجيز القانون ذلك صراحة . ونتناول بالتتابع كل شرط من هذين الشرطين
اولا” : قبول الدائن على ان تكون الوفاء بشيك :
قد يحصل ان يجد المدين نفسه عاجزا” عن اداء دينه نقدا” فيضطر ان يعرض على الدائن شيكا” يتضمن مقدار الدين الذي له قبل المدين . بيد ان الدائن يمكن ان يقبل الشيك بدلا عن النقود وفاءا” لدينه او قد لا يقبل ذلك (4). وهنا يثار التساؤل حول مدى امكانية الزام الدائن بقبول هذا الاسلوب في تسوية الدين ؟ ينص القانون على ان الوفاء يكون بالشيء المتفق عليه و لا يمكن اجبار الدائن على قبول شيء غيره ولو كان مساويا” له في القيمة او اعلى منه قيمة (5).. منه جانب اخر فان الوفاء من خلال سحب شيك قد لايلائم الدائن الذي يرغب في الحصول على حقه نقدا(6). دون ان يتحمل المخاطر التي تصاحب الشيك وتكاليف تنفيذه .واياً كان الامر فان قبول الدائن على ان يكون الوفاء بشيك. يجعل منه التزام المدين منقضياً . من جانب اخر ، فان هذه الصورة من الوفاء لاترتب اثارها القانونية ما لم يوافق الدائن على ذلك . هذا ولابد من التنويه بان ضرورة موافقة الدائن تنطبق على من كلفه هذا الاخير بتحصيل حقه. فاذا قبل الوكيل شيكا” بدل النقود وفاءا” للدين دون علم الدائن وموافقته فانه يعد مخطئا” ما لم يستخلص من عقد الوكالة ان هذا الاسلوب جائز(7). واذا حصلت موافقة الدائن على قبول الشيك، فان هذا الاخير يجب ان يحرر باسمه او لامره او للحامل(8).واذا تسلم الدائن شيكا دون أي اعتراض او رفض او تحفظ فان التسلم يعد قبولا منه .فاذا نوى اعادته وجب عليه ان يقوم بذلك قبل الميعاد القانوني لتقديم الشيك، فاذا انقضى الميعاد ولم يسلمه صار مسؤولا قبل المدين (9).
ثانيا : ان يجيز القانون الوفاء بالشيك :
لكي يكون الوفاء بالشيك صحيحا ومبرءا لذمته المدين يجب ان يقره القانون . ذلك ان الاخير قد لايجيز الوفاء بالشيك في حالات عديده .ومن هذه الحالات على سبيل التمثيل في القانون المصري الذي يشترط احيانا ان يكون الوفاء بالنقود لاغيرها ، كما هو الامر في اداء قيمة اسهم شركات المساهمة. اذ يقع وفاء اسهم راس المال بالعملة القانونية فقط(10) . ويقرر المشرع العراقي عندنا من خلال نص المادة (179) من قانون التجارة العراقي النافذ رقم (30) لسنه 1984 انه (للدائن في المسائل التجارية ان يلزم المدين بدفع الدين بشيك اذا جاوز مقدار الدين عشرة الاف دينار) (11). يستشف من المادة ان المشرع العراقي يحبذ تسويه الديون الكبيرة عن طريق الشيكات الا انه لم ينظم احكام الوفاء بالشيك بوضع القواعد الكفيلة بتسهيل مهمة تغطيته(12).
________________________________
1- انظر د . محمد حسني عباس / الاوراق التجارية في التشريع الكويتي / القاهرة / 1971 / ص283 .
2- انظر د . عزيز العكيلي /الوجيز في شرح قانون التجارة الكويتي /مكتبة المنهل /الكويت / ص376.
3- انظر د . محمد صالح بك/الوفاء بالشيك ومقابل الوفا/مجلة القانون والاقتصاد/العدد الاول/لسنة 1939 /ص157
4- انظر د . محمد محمود ابراهيم /الموجز في الاوراق التجارية / القاهرة / 1982 /ص230
5- انظر نص المادة (399) من القانون المدني العراقي رقم 40 لسنة 1951 التي تنص (اذا قبل الدائن في استيفاء حقه شيئا” اخر غير الشيء المستحق قام هذا مقام الوفاء 11 ، انظر كذلك نص المادة (390) من القانون ذاته التي تنص (اذا كان الدين مما يتعين بالتعين فليس للمدين ان يدفع غيرة بدلا” عنه بدون رضاء الدائن حتى لو كان هذا البدل مساويا” في القيمة شيء مستحق او كانت له قيمة اعلى) .
6- انظر د . علي جمال الدين عوض /مرجع سابق ذكره /ص102 .
7- انظر د . محمد صالح بك /مرجع سابق ذكره /ص110 ، انظر كذلك د . علي جمال الدين عوض ، المجلة /مرجع سابق ذكره /ص102 .
8- انظر د. علي سلمان العبيدي /الاوراق التجارية في التشريع العراقي ، ط1/مطبعة الزهراء 1973 /ص487 ، انظر كذلك د.محمد صالح ، مرجع سابق ذكره، ص102.
9- انظر، د.محمد فريد العريني، القانون التجاري اللبناني، الدار الجامعية،1985،ص105،انظر كذلك د. عبد الحميد الشواربي، الاوراق التجارية في ضوء الفقه والقضاء، منشاة المعارف بالاسكندرية،1988،ص90.
10- انظر د.محمد صالح، مرجع سابق ذكره ، ص110.
11- انظر، نص المادة (101)من قانون التجارة رقم 49لسنه 1970.
12- انظر ، د. فائق الشماع و د.فوزي محمد سامي ، القانون التجاري، الاوراق التجارية- الدار الوطنية للطباعة والنشر، الموصل، 1986،ص284.
مقابل الوفاء (الرصيد) :
ان وجود العلاقة القانونية او الاتفاق بين الساحب والمسحوب عليه المصرف ، والتي يصبح بموجبها الساحب دائنا والمسحوب عليه مدينا بدين نقدي لا يكفي ما لم تتوفر بجانبه الوسيلة اللازمة لتنفيذه ، الا وهي وجود الرصيد(1). والرصيد لا يخرج عن كونه ديناً نقدياً للساحب لدى المسحوب عليه. وبوجوده يوضع الاتفاق موضع التنفيذ. ونود الاشارة الى انه لا يهم معرفة مصدره ان كان ناتجاً عن بيع او فتح اعتماد او وديعة. ولا يهم كذلك معرفة طبيعته تجارية كانت او مدنية. وللرصيد في الواقع شروط لا بد من توافرها ، ويمكن حصر هذه الشروط بالاتي:-
1. ان يكون مبلغا من النقود ، وان يكون كافيا لوفاء قيمة الشيك ،بعكسه لا يجبر الحامل على قبول الوفاء الجزئي ، بل يظل ملتزما تجاه الساحب(2).
2. ان يكون موجودا ومستحق الاداء لدى الاطلاع. ولا بد من التنويه هنا بأنه في الواقع العملي يكفي وجود الرصيد وقت التقديم ، اما وقت الاصدار فان اثبات عدم وجوده يواجه بصعوبات كثيرة.
3. ان يكون قابلا للتصرف فيه ، وقد اوضحنا ذلك بان يكون بمقتضى الاتفاق الصريح او الضمني بين المصرف والعميل(3).
4. يجب ان يكون مؤكدا أي غير معلق على شرط ، وان لايكون ايضا محلا للنزاع.
5-يجب ان يكون مستحق الاداء وقت الاصدار ، أي لا يكون مصحوبا او مضافا الى اجل او مدة(4).
_______________
[1]- انظر، د. علي جمال الدين عوض ، المجلة ، مرجع سابق ذكره ، ص24.
2- انظر، د. امين محمد بدر ، الاوراق التجارية في التشريع المصري ، مرجع سابق ذكره ، ص473.
3- انظر، الياس ناصيف، مرجع سابق ذكره ، ص391.
4- انظر، د. محمد محمود المصري ، مرجع سابق ذكره ، ص135.
اعادة نشر بواسطة محاماة نت .
اترك تعليقاً