الوقف الأهلي وأحكامه في القانون اليمني

بحث حول أحكام الوقف الأهلي في اليمن

بحث حول أحكام الوقف الأهلي

أ‌- الطبيعة القانونية للوقف:
نصت المادة (3) من قانون الأوقاف على أنه :
( الوقف هو حبس مال والتصرف بمنفعته أو غرامة على سبيل القربة تأبيداً وهو نوعان وقف أهلي ووقف خيري).
بينما نصت المادة (4) منه على أن:
(الوقف الأهلي: هو وقف على النفس أو الذرية والوقف الخيري هو ما وقف على جهات الخاصة أو العامة).
والفقهاء ذكروا أن الوقف الأهلي أو الذري هو الذي يوقف ابتداء الأمر على نفس الواقف أو أي شخص أو أشخاص معنيين ولو جعل أخره لجهة خير ويعرف بأنه هو ما يكون الاستحقاق فيه من أول الأمر على معين واحد أو أكثر أكان المعين معينا بالذات كأحمد أو خالد أو معيناً بالوصف كأولاده أو أولاد عبدالله سواء كانو قرابة أم أجانب ثم من بعد هؤلاء المعنيين على جهة به .
أحكام الوصايا والأوقاف في الشريعة والقانون – أحمد فرج ص 241

وقد عرف د. غالب القرشي في كتابة الاوقاف والوصايا بين الشريعة والقانون الوقف الذري بأنه هو ما كان على النفس أو الذرية.

وبالنظر إلى موضوع الوقف الأهلي نجد أن موضوع الوقف والمصرف هم الذرية الأولاد وأولادهم لذا فإن هذا الوقف هو وقف أهلي ذري يترتب على ذلك أنه يخضع لأحكام الوقف المنصوص عليها في القانون.
ب‌- وظيفة ناظر الوقف:
تتمثل وظيفة الناظر في حفظ الوقف وعمارته وايجاره وزراعته والمخاصمة منه وتحصيل الغلة من أجرة او زرع او ثمر وقسمتها بين المستحقين وحفظ الأصول والغلات على الدوام لأن المعهود في مثله وعليه الاجتهاد في تنمية الوقوف وصرفه في جهاته عن عمارة وإصلاح وإعطاء مستحق.
وهبة الزحيلي –الوصايا والوقف في الفقه الإسلامي صـ503

إذا على الناظر القيام بالوظائف التالية:
1- حفظ الوقف وعمارته.
2- المخاصمة منه ومن أجله.
3- الاجتهاد في تنمية الوقف..
غير أن القانون قد أكد على أهم شرط في المادة (51) من قانون الاوقاف والتي نصت على أنه (يشترط في متولي الوقف ……… العمل بما نص عليه القانون).
ج- الاثار المرتبة عن إخلال الناظر” ولي الوقف” بوظيفته:
ذكر الأمام المرتضى في التاج المذهب ج3 ص321 أن من الشروط التي اشترطها الفقهاء في الناظر على الوقف او القيم عليه العدالة، أي أن يكون أميناً عدلاً قادراً على التصرف فيما هو ناظر عليه سواءً أكان المولي الواقف أم الناظر والأصل في اعتبار توافر العدالة في الناظر على الوقف: انه ولىّ على مال غيره وراعى لمصلحة الوقف والمستحقين وليس من النظر ورعاية المصلحة أن يكون المتولي –الناظر- خائناً غير عادل إذ في توليته وهو خائن تمكين له من الضرر والإيذاء إذا ولاه وقد ذكر أيضاً:
أنه لا يجوز للإمام أو الحاكم أن يعترضا ممن له ولاية الوقف من واقف أو منصوب أو موقوف عليهم معين مهما قام بواجبة إلا لخيانة تظهر منهم فيعزلون للخيانة أو بإعانة أي بإقامة من يعينه ويكون وكيلاً لا ولياً.
وقد جاء في شرح الأزهار صـ499
أنه إذا ترك الوصي أو المتولي أرض اليتيم أو المسجد أو الوقف بغير زراعة حتى صلبت فإن كان منع من يزرعها فهو غاصب وإن لم يمتنع بل تركها لغير عذر فهو عاصٍ ولا يضمن قبل وتبطل ولايته.

وقد رتب القانون على مخالفة ولي الوقف ما نص عليه الواقف بطلان ولاية الواقف وعلى ذلك نصت المادة(51) أوقاف بقولها:
(يشترط في متولي الوقف أن يكون مسلماً مكلفاً عدلاً حسن السيرة والسلوك قادراً على التصرف والعمل بما نص عليه الواقف، وإذا فقد المتولي شرطاً من هذه الشروط بطلت ولايته).
د- حقوق الموقوف عليهم(مصرف الوقف)
جاء في شرح الأزهار ج3 صـ460-461ـ
أنه تصح قسمة الوقف معايشة بين أهل المصرف وتكون بمعنى الإجارة ولا يشترط استواء المنافع وهل هي لازمه أم لكل واحد من المتعايشين نقضها قولان للمذاكرين:
رجح الفقيه في تعليقه أنها ليست لازمه ورجح السيد الهادي بن يحي أنها لازمه قال في الحفيظ:لا تصح قسمة الوقف إلا معايشة إلى أخر مدة المتعايشين ولكل واحد منهم الرجوع بما غرم على الأخر ولو فيما رسم له.

وقال الأمام عز الدين: أن قسمة الوقف لا تصح إلا معايشة كما في الحفيظ وأطلق في البيان صحة قسمة الوقف على الجماعة وظاهر عدم صحة الرجوع عنها وعند بالله لا يصح إلا ان تقع في المنافع فقط صح.

قلت: وجميع ما ذكر لا يستقيم إلا في الوقف الذي ينتقل بالوقف وأما الذي يشتغل بالأرث فقياس المذاهب أنها تصح القسمة فيه على وجه الدوام بدليل ما ذكروا أن القسمة لا تنتقل إلا بعد موت القاسم.
وقد تضمن قانون الاوقاف في الفصل السادس أحكام خاصة بالوقف الأهلي جاء فيه:
مادة(46) (الأوقاف الأهلية القديمة التي لا تتفق شروطها مع الشروط المنصوص عليها في هذا القانون إذا كانت قد صدرت فيها أحكام شرعية بصحتها أو كان الورثة قد تراضوا عليها وقضى عليها أربعون عاماً تبقى على ما هي عليه، ولا تنقضي إلا بتراضي أهل المصرف أو أغلبهم بحسب الاستحقاق وأوفرهم صلاحاً ويقدم من خلال الجهة المختصة للحاكم لتحقيقه والأذن بنقض الوقف إذا تحققت المصلحة)
مادة(47) (إذا حكمت المحكمة بنقض الوقف الأهلي القديم طبقاً لما هو مبين بالمادة السابقة تؤول ملكيه أعيان الوقف للموقوف عليهم كل بقدر استحقاقه الحالي ومن مات من طبقة المستحقين الحاليين وله ورثة عند وفاته فيحل ورثته وورثة من مات منهم محله بقدر استحقاقه لو كان حياً كلاً بقدر نصيبه في الميراث)
مادة(48) (إذا اختلف الموقوف عليهم في الوقف الاهلي القديم المنصوص عليه في المادة(46) على الاستحقاق أو القسمة فيما بينهم ولم يكن قد صدر في الاستحقاق حكم سابق يجب اتباعه عين الحاكم استحقاق كل منهم على الفرائض الشرعية إن علمت وإن التبس الأمر فعل رؤس الموجودين ذكراً أو أنثى وأجرى القسمة بينهم طبقاً لما هو منصوص عليه في المادة(47) مع عدول يختاروهم إذا لزم ويفضل من بعض الورثة أو أغلبهم على اختياره).
ومن ذلك نستخلص الآتي:
1- يحق للموقوف عليهم أو أغلبهم نقض الوقف وفي هذه الحالة إذا أجابه المحكمة طلبهم ذلك فإن ملكية العين تؤول إليهم كلاً بحسب استحقاقه وهو أمر خاضع لتقدير المحكمة في قسمة العين بحسب الفروض الشرعية أو بحسب عدد الرؤوس.
2- يحق للموقوف عليهم جميعهم أو أحدهم طلب قسمة الأرض معايشة.
3- يحق للموقوف عليهم طلب عزل الولي للخيانة والتفريط والإهمال وتكون لهم في هذه الحالة الحق في ولاية الوقف وفقاً لنص المادة( 49) التي تقضي بأن( الولاية على الوقف للواقف ثم لمنصوبة وصياً أو ولياً ثم للموقوف عليه….ويجوز لذا الولاية إسناد الولاية لمن يرى فيه الصلاح بغير عوض)
اتفق الفقهاء على مراعاة شرط الواقف عند اختياره متولياً على الوقف.
فقال الشافعية والحنابلة ومن وافقهم: بأنه يجوز عملاً بشرط الواقف أن ينصب الواقف متولياً لبعض الأمور دون بعض بأن يجعل إلى واحد العمارة وتحصيل الغلة وإلى أخر حفظها وقسمتها على المستحقين أو يشرط لواحد الحفظ واليد ولاخر التصرف ولو فرض إلى اثنين لم يستقل أحدهما بالتصرف ولو قال وقفت على أولادي على أن يكون النظر لعدلين منهم فإن لم يكن فيهم الأعدل واحد ضم إليه الحاكم عدلاً أخر.
د.إسماعيل عبد الله الوظاف أحكام الوقف صـ127

قال الزيدية: ولاية الوقف الي الواقف له لأنه أولى من غيره جزاءً لإحسانه ثم إلى منصوبة بعد موته وصياً أو ولياً –أي سواءً كان وصياً للواقف في الوقف وغيره أو ولياً للواقف في الوقف فقط.
فلو أقام متولياً وجعل له وصياً فهما سواء في ولايته ثم إلى الموقوف عليه- أي إذا كان الواقف غير باق ولا وصي ولا متولي له من جهته انتقلت الولاية إلى الموقوف عليه أو ووارثه إذا كان قد مات، بشرط أن يكون الموقوف عليه آدمياً معيناً يصح تصرفه إما واحداً أو متعدداً منحصراً.
ولا ولاية لوارث الواقف إلا فيما أوصى بوقفه بعد موته أو كان الوارث موقوفاً عليه أو وصياً للواقف لا أن نفذ الواقف في حياته ومات ولا وصى له فلا ولاية لورثته لأن الولاية لا تورث إذ هي صفة حاصلة من جهة المولي على التعين كالجرح والعدالة.
التاج المذهب4/319-327-البحر الزخار

وقد جاء في البحار الزخار: أنه لا يجوز للإمام والحاكم أن يعترضا ممن له ولاية الوقف من واقف أو منصوب أو موقوف عليه معين مهما قام بواجبه إلا لخيانة تظهر منهم فيعزلون للخيانة أو بإعانة أي بإقامة من يعينه ويكون وكيلاً لا ولياً ولا يعزلان المتولي إذ هما للمصالح.
فقد أجاز القانون عزل الولي إذا لم يعمل وفقاً لما نص عليه الواقف أو لتخلف أحد الشروط التي اشترطها في الولي في المادة(51) سالفة الذكر.
الاستنتاجات:
مما سبق ذكره وبيانه نستنتج الآتي:
1- لا يجوز لولي الوقف أن يبيع الوقف بمفرده.
2- إذا التجاء إلى القضاء طالباً ذلك يجب على المحكمة أن تختار ولياً أخر إلى جانبه.
3- يجوز لولي الوقف أن يولي من يشاء أو أن يتنازل عن الولاية لمن يشاء وفقاً لنص المادة.
4- لا تؤول ولاية مؤرث طالبي الرأي على الوقف إرثاً ولكن يحق لهم التمسك بها باعتبارهم موقوف عليهم (مصرف الوقف).

إعادة نشر بواسطة محاماة نت

المحامي اليمني أمين حفظ الله الربيعي

شارك المقالة

1 تعليق

  1. اشكركم من اعماق قلبي لجهدكم الذي بذلتموه لايصال المعلومات الصحيحة لعقولنا القاصرة
    ونريد الاشتراك معكم لكي يصلنا كل جديد منكم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر بريدك الالكتروني.