أولاً : مدخل عن تنظيم القانون المدني للوكالة
إن الوكالة في القانون المصري تنقسم إلي قسمين :-
أ – الوكالة العامة وهي التي تكون قائمة علي الاعتبار الشخصي وتنتهي بوفاة أحد طرفيها انطلاقا من نص المادة 714 مدني
بـ – الوكالة الخاصة المخصصة لمصلحة الوكيل أو الغير وهي وكالة لا تكون قائمة علي الاعتبار الشخصي ولا يجوز إلغائها بالإرادة المنفردة لأحد طرفيها ولا تنتهي بوفاة احد طرفيها أو كلاهما
وعقد الوكالة سند الدعوى يندرج تحت الصنف الثاني ودليل ذلك المادة 69 مكرر من تعليمات الشهر العقاري والمضافة بطبعة عام 2001 والتي أتي فيها عند الحديث عن الوكالة الخاصة المرتبة لمصلحة للوكيل أو للغير ( .. كأن ينص موضوعها علي حق الوكيل في البيع لنفسه أو للغير والتوقيع علي عقد البيع النهائي .. )
ثانياً : إجماع أحكام النقض علي استمرار تلك الوكالة رغم وفاة احد أو كلا طرفيها
الحقيقة إن هذا الإجماع لم يكن فقط من نصيب أحكام محكمة النقض بل هو إجماع درجت علية المحاكم المصرة منذ فجر إنشائها بداية من المحاكم الأهلية مرورا بالمحاكم المختلطة وصولاً إلي محكمة النقض والإبرام المصرية .
وجميع تلك الإحكام قررت انه متى كانت الوكالة تنطوي علي مصلحة أكيدة للوكيل أو للغير فإنها لا تنتهي بوفاة احد طرفيها . ومن تلك الإحكام :-
” لا تنتهي الوكالة بموت الموكل إذا كانت صدرت لمصلحة الوكيل ”
استئناف 13/3/1900 عدد 12 صـ 174
و استئناف 28/12/1932 منشور بمجلة المحاماة عدد 15 رقم 142 ديسمبر 1932
واستقرت أحكام محكمة النقض علي :-
” للعاقدين أن يتفقا علي أن تستمر الوكالة رغم وفاة احدهما علي أن تنتقل التزامات المتوفى إلي ورثته , وهذا الاتفاق كما يكون صريحاً قد يكون ضمنياً ولقاضي الموضوع استخلاص الاتفاق الضمني من ظروف العقد وشروطه كأن تكون الوكالة لمصلحة الغير مثلاً ”
طعن مدني جلسة 21 مايو 1942 مجموعة القواعد القانونية رقم 163 صــ 458
وطعن مدني جلسة 22 يناير 1953 رقم 327 ســ 20 قـ
وطعن مدني جلسة 13 ديسمبر 1996 رقم 8101 ســ 64 قـ
ثالثاً : أقول جميع الفقهاء باستمرار تلك الوكالة رغم وفاة احد أو كلا طرفيها
في البداية نوضح إننا سوف نقصر القول علي بعض الفقهاء , وإن كنا نؤكد إننا لم نقف علي أي رأي مخالف لهذا القول لأي فقهية مصري ذاع صيته أو أندثر .
يقول الدكتور / محمد كامل مرسي – رئيس اللجنة القائمة بوضع التقنين المدني الحديث – ” تبقي الوكالة بعد وفاة الموكل أو الوكيل إذا وجد اتفاق بذلك هذا الاتفاق قد يكون صريح أو ضمنياً إذا كانت الوكالة قد عملت في مصلحة الموكل وشخص أخر أو من مصلحة الموكل و الوكيل ”
شرح القانون المدني الجديد – العقود المسماة – عقد الوكالة – صــ 320 – طبعة 1949
يقول الدكتور / عبد الرازق السنهوري بعد أن قرر أن الأصل هو انتهاء الوكالة بوفاة احد طرفيها ذكر الاستثناء ” فلا تنتهي الوكالة بموت الموكل بل يلتزم بها ورثته في حدود التركة كذلك لا تنتهي بموت الموكل إذا كانت في مصلحة الوكيل أو من مصلحة الغير “
الوسيط شرح القانون المدني – جـ 7 – المجلد الأول – صـ 659 – طبعة دار التراث
يؤكد الدكتور المستشار / قدر ي عبد الفتاح الشهاوي ” لا تنتهي الوكالة بموت الموكل إذا كانت في مصلحة الوكيل أو في مصلحة الغير ”
أحكام عقد الوكالة – صـ 506 – طبعة 2001
المستشار / إبراهيم سيد أحمد تبني الرأي سالف التأكيد وأيد هذا بالعديد من أحكام النقض
عقد الوكالة فقهاء وقضاءً – صـ 119 – طبعة دار الكتب القانونية بالمحلة 2005
رابعاً : تعليمات الشهر العقاري وفتاوى مجلس الدولة
لقد جاء بالمنشور الفني للشهر العقاري رقم 10 لسنه 2001 ” أن الوكالة الخاصة المرتبة لمصلحة الوكيل أو الغير والتي ينص موضوعها علي حق الوكيل في البيع لنفسه او للغير والتوقيع علي عقد البيع النهائي وقبض الثمن لا يجوز إلغاؤها إلا بحضور الطرفين “
وجاء بالمنشور الفني للشهر العقاري رقم 15 لسنه 2006 ” فإذا كان المشرع بموجب نص صريح قد غل يد الموكل عن إنهاء الوكالة أو تقييدها في هذه الحالة – يقصد حالة أن يكون التوكيل مرتب لمصلحة الوكيل أو الغير – علي الرغم من أهليته لذلك فأنة ولذات الحكمة يعد ومن المتعين القول بأنه لا اثر لفقد الأهلية لدي الموكل عند مزاولة الوكيل التصرف إذا كانت الوكالة لصالحة أو لصالح الغير “
وجاء بفتوى مجلس الدولة المؤرخة 28/2/200 ملف رقم 88/1/69 بصـ 3 منها ” وان الوكالة شانها شان سائر العقود ينصرف أثرها إلي طرفيها والي خلفهما العام دون إخلال بالقواعد المتعلقة بالميراث ”
وجاء بصـ 4 من ذات الفتوى ” ففي هذه الحالة لا تنتهي الوكالة بموت الموكل بل يلتزم بها ورثته في حدود التركة وكذلك الأمر إذا كانت الوكالة لمصلحة الوكيل أو الغير “
ونحن بدورنا نعلق علي فتوى مجلس الدولة وان كان الموضوع المطروح عليها من اجل الفتوى هو حالة فقد الأهلية وقررت فيها انه لا اثر لفقد الأهلية – وفقد الأهلية ما هو إلا موت قانوني للشخصية – أقول قررت بأنه لا اثر لفقد الأهلية علي استمرار الوكالة .
ولكنها في معرض تناولها للأمر أوضحت بما لا يدع مجالا للشك من كونها تبنت أن الوكالة المرتبة لمصلحة الوكيل أو الغير لا تنتهي أيضا بالوفاة وذلك عن قولها بان المشرع منع صراحة الموكل من إلغاء تلك الوكالة بإرادته الحرة وبكامل أهليته فانه من المتعين القول بأنه لا اثر لفقد الأهلية .. ونحن نقول بلا شك وتأيدنا أقول الفقهاء وأحكام النقض بأنه لا اثر للوفاة حيث انه بحياته كان يمنع علية إلغاء الوكالة بسلوكه الايجابي فكيف بالوفاة – وهي سلوك لا إرادي – يتم انتهاء الوكالة ؟؟!!
خامساً : المذكرة الإيضاحية للقانون والمصدر التاريخي للقاعدة
إن المصدر التاريخي لآي قاعدة كفيل بان يوضح مقاصد المشرع عند غموض تلك المقاصد , وأوضحت المذكرة الإيضاحية للقانون المدني أن المصدر التاريخي للوكالة هي مبادئ الشريعة الإسلامية وان أعضاء اللجنة كان مرجعهم هو مؤلف مرشد الحيران . وانه بالرجوع لهذا المصنف الماتع لنجدة ينص علي ” تستمر الوكالة الخاصة المرتبة لمصلحة الوكيل أو الغير رغم وفاة أحد طرفيها “
مرشد الحيران إلي معرفة أحوال الإنسان في المعاملات الشرعية – محمد قدري باشا – صـ 110 – الطبعة الثالثة 1909
في الختام تلك الوكالة الخاصة المخولة لمصلحة اكيدة للوكيل او الغير هي بمسابة عقد بيع ابتدائي
وذلك لان المشرع صانها بمثل ما صان عقود البيع ورتب لها احكام هي عين ما رتب لعقود البيع
اترك تعليقاً