مباشرة التوكيل تقود لأطماع مغرية
الوكالة المقيدة تحمي الموكل من جشع الوكيل
تحقيق: عذراء الحسيني
على الرغم من كل حملات التوعية القضائية في وسائل الإعلام المختلفة بمشاكل التوكيل والإنابة المالية إلا ان سوء استخدام التوكيل العام والقضايا المرفوعة أمام المحاكم بهذا الشأن في ازدياد، وتعتبر المرأة الأكثر معاناة في هذه القضية لكونها بحاجة إلى إيجاد من يسهل عليها إنجاز أعمالها أو شؤونها المالية ومراجعة الدوائر الحكومية.
ومنح المرأة التوكيل العام إلى أي شخص قد يعرضها إلى سرقة أموالها بسبب سوء استغلال هذا الوكيل للأمانة التي منحت له، ما يجعلها تعاني في الحصول على حقوقها المالية فيما بعد.
وعلى الرغم من أن المرأة اليوم تعلم جيداً مخاطر منحها التوكيل العام لأي شخص إلا انها تلجأ إلى ذلك رغم أنفها بسبب حاجتها إلى من ينوب عنها في أمور البيع والشراء ومراجعة الدوائر الحكومية، وتتساوى المرأة المتعلمة في خوفها من الرجل مع الأمية فالقضايا المتكدسة في المحاكم ليست مرفوعة من نساء أميات فقط بل وحتى أستاذات جامعيات وسيدات مرموقات وقعن توكيلاً عاماً لأخ أو زوج أو أب.
«الرياض» تلقي بضوئها في هذا التحقيق وتعرض حالات وقصصاً حقيقية من ملفات لا تزال منظورة في المحاكم اخترناها من مكاتب المحامين والتي معظمها من النساء «رغبن في التحفظ على أسمائهن لوضعهن الاجتماعي»، ويبين مخاطر التوكيل والجوانب السلبية فيه وكيف نحمي أنفسنا من مخاطره.
بداية تقول سيدة ثرية تملك عقاراً طلبت من وكيلها بيعه رغم عروض الشراء التي تلقاها، إلا ان جشعه أغراه بالاستفادة من هذه الصفقة فقام بإعاقة عملية البيع حيث كان يشترط على المشتري والسعاة الذين يحضرون ثلاثة أرباع السعي ما أدى إلى تعثر عملية البيع، وعندما تسأله مالكة العقار عن سبب إحجام الناس عن شراء عقارها يبرر بعدم تلقيه عرضاً جاداً من مشتر جاد إلى أن أطال في فترة العرض، ثم أقنعها بأنه يرى بأن حل هذه المشكلة في تخفيض سعر العقار لإغراء المشترين، وبعد أن وافقت على هذا الحل الأخير باع العقار بسعر لاسوق وأوهمها بأنه باعه بالسعر المخفض وهو أقل من سعر السوق بكثير وأخذ الفرق لنفسه.
وتضيف سيدة متزوجة ولديها عدة أبناء ترك لها والدها إرثاً كبيراً من عقارات وأموال في البنوك وأراض، وهي الابنة الوحيدة إضافة إلى شقيقين وبعد أن توفي والدها طلب منها شقيقها الأكبر توكيلاً لإدارة أموالها بعد أن أقنعها بأن ذلك في مصلحتها ومصلحة العائلة، وحرصاً منه على ألا تضيع الأموال وتتجمد، واتفق معها على أن يمنحها شهرياً جزءاً من الأرباح يكفيها ويفي بجميع متطلباتها، وفعلاً أصبحت لمدة 15 عاماً تأخذ شهرياً مبلغاً من المال تفي به التزاماتها الشرائية، ولكنها أحبت أن تشتري قطعة أرض بجانب بيتها لتنشئها كاستراحة وتبني بها عدة ملاحق إلا انها فوجئت بأخيها ينفي أن يكون لها أي حقوق لديه عندما طالبته بتصفية الورث، وصدمت من تصرف أخيها الأكبر الذي سرق حقوقها وأموالها التي أصبحت تقدر بالملايين بعد كل هذه السنوات.
وأبانت سيدة أخرى انها اكتشفت أن زوجها الذي وكلته على إدارة أموالها يتلاعب في حساباتها بالبنوك وإدارة مشاريعها ويضارب بسوق الأسهم، بل انه اشترى عدة سيارات دون علمها، ومضت السنين والزوجة لا علم لها بما يدبر الزوج، ولكن فور علمها من معارف لها بأنه ينوي الزواج انتفضت وغضبت وحاول أن تثنيه عن نيته بالزواج إلا انه رفض إلحاحها، فذهبت لتلغي التوكيل ولكن بعد فوات الأوان، فالزوج باع العديد من عقاراتها واستولى على أموالها وأصبح إلغاء التوكيل لن يفيدها بشيء، ولم يبق أمامها سوى خيارين كلاهما صعب، اما أن تشكو زوجها وتخسر بيتها وربما أولادها، أو أن تستسلم وتتحمل لتبقى في بيتها ومع أولادها.
بعد عرض هذه الحالات المأساوية لنساء وقعن ضحايا للتوكيل العام كان لابد لنا أن نعرف الرأي القانوني حول مخاطر التوكيلات والآثار السلبية التي تنجم عنها وأنواعها وكيفية حماية أنفسنا.
الوكالة العامة خطر
يعّرف المحامي والمستشار القانوني إبراهيم فهد الفهيد الوكالة بقوله: «انها إنابة الإنسان غيره فيما يقبل الإنابة – أي تفويض شخص غيره بمباشرة بعض التصرفات القابلة للتفويض نيابة عنها» وأنواعها:
وكالة عامة مطلقة وفيها يطلق الموكل يد الوكيل فيما يملك وهذا النوع من الوكالات فيه خطورة شديدة على الموكل، وإذا حدث نزاع بين الموكل ووكيله يتدخل الشرع والعرف في تقييدها وعادة لا يلجأ أحد إلى هذا النوع من الوكالات.
٭ وكالة خاصة أو حصرية أو مقيدة وهي أن يفوض الموكل وكيله في تصرف معين أو عدة تصرفات وهذا النوع من الوكالات هو السائد وقد تحدث تجاوزت من الوكيل أو خيانة أمانة، ولكي يتجنب الموكل ذلك يجب عليه أن يحتاط لنفسه إذا لم يثق بوكيله.
وكالة مؤقتة أو غير مؤقتة أي محددة بفترة زمنية معينة أو غير محددة.
وعن أهم شروط الوكالة التي تتعلق بالموكل، أوضح الفهيد انه لابد أن يكون الموكل مالكاً للتصرف وللشيء الذي يريد التصرف فيه أو كان له ولاية عليه، وأن يكون بكامل الوصاف المعتبرة شرعاً «العقل والبلوغ والرشد» وهذه نفس الشروط المتعلقة بالوكيل، أما عن الشروط التي تتعلق بالموكل فيه «محل الوكالة» بأن يكون الشيء مملوكاً للموكل وأن يكون التصرف الموكل فيه قابلاً للإنابة فكل عمل لا يقبل الإنابة لا تجوز فيه الوكالة «كالصلاة والحلف والطهارة».
وعن أكثر شرائح المجتمع التي تقع ضحية لتجاوزات الوكيل، يجيب إبراهيم الفهيد بأن شريحة النساء الأكثر ضحايا من الرجال نظراً لحاجتهن الماسة للوكيل، وجهلهن لبعض الأنظمة والإجراءات والمعلومات، وصعوبة متابعتها لبعض الأمور ورقابتها لأعمالها ومن هؤلاء النساء سيدات أعمال ومالكات العقارات والأسهم إضافة إلى بعض الزوجات من خارج الفئات المذكورة.
أما عن الاحتياطات الواجب اتخاذها للسيطرة على تجاوزات ضعاف النفوس من الوكلاء وخيانتهم للأمانة قال المحامي الفهيد بأنه يجب على الموكل امرأة كانت أم رجلاً إذا وكل شخصاً أن تكون الوكالة مقيدة وخاصة بتصرفات معينة غير مؤثرة سلبياً على الموكل، ولا يمكن للوكيل استغلالها لمصلحته ومن هذه التصرفات استلام وتسليم المستندات والمذكرات، ومراجعة الدوائر الحكومية والخاصة، والمرافعة وإبداء وجهات النظر، ومتابعة استخراج التأشيرات أو رخص المحلات التجارية أو السجلات التجارية.
وينصح المحامي القانوني إبراهيم الفهيد الموكلين بأن يكونوا أكثر حذراً في منح الموكل للوكيل في تصرفات أكثر خطورة وان تكون هذه التصرفات محصورة بأعمال معينة، وان يشترط الموكل على الوكيل بألا يباشرها إلا بعد أخذ موافقته عليها وقت إجراء التصرف. وان استطاع حجبها عنه فهو أفضل، ومن هذه التصرفات: البيع أو الشراء أو نقل الملكية وفي حالة الصلح أو التنازل.
وختم المستشار القانوني إبراهيم الفهيد قوله بتحذيره لحالات لا تمنح للوكيل بأي حال من الأحوال ومنها:
التوقيع نيابة عن الموكل، استلام مبالغ نقدية نيابة عن الموكل، السحب من رصيد الموكل بالبنك، أخذ قروض من البنوك وغيرها أو استخراج بطاقات ائتمانية.
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً