الولاية علي الابناء
الأصل في الولاية أن تكون للأب على أبنائه القصر الذين لم يبلغوا سن الرشد (21 عاماً) أو بلغوها ولكن بهم عاهة عقلية تجعلهم غير قادرين على التصرف وذلك طبقاً للشريعة الإسلامية التي تطبق علي المسلمين والمسيحيين سواء. وعلي هذا فإن الولاية تشمل كافة الأمور الخاصة بالقاصر، كالولاية على النفس والمال، إلا إنها في بعض الأحيان قد تؤدى إلي تعرض القاصر إلى العديد من المشاكل خاصاً في حالة حدوث الخلافات الأسرية. وهذا الأمر اصبح كثير التكرار لاسيما فيما يخص التعليم حيث أن ولاية الأب على الأبناء دراسيا تستمر حتى نهاية المرحلة ما قبل الجامعية.
ومن خلال العديد من المشاكل التي وردت إلى مكتب شكاوى المرأة ومتابعتها لوحظ الآتي:
بما أن الأب هو المسؤول الوحيد عن التصرف في الأوراق الدراسية للأبناء، فإنه في حالة حدوث خلافات أسرية يلجاء بعض الآباء، كوسيلة للضغط على الأم، إلى استغلال ذلك الحق عن طريق نقل الأبناء من مدرسة لأخرى أو تغيير نوع دراستهم أو حتى حرمانهم من الدراسة نهائياً. فمثلاً إذا حدث أن تركت الزوجة منزل الزوجية، غالباً بسبب طرد الزوج لها هي وأبنائها، وانتقلت للإقامة معهم في مكان آخر بعيد عن مسكن الزوجية، تتعاظم المشكلة حيث لا تستطيع الأم في هذه الحالة نقل أبنائها إلى مدرسة قريبة من سكنهم الجديد إلا بموافقة الأب الذي غالبا ما يرفض ويبدأ في مسلسل المساومات لتتنازل الزوجة عن حقوقها الشخصية مقابل ضمانها مستقبل أبنائها.
ويؤدى سلوك هؤلاء الآباء إلى خلق عبئاً مادياً ونفسياً على الأبناء والأمهات على حد سواء حيث تضطر الأم إلي توصيل الأبناء يوميا إلى مدارسهم البعيدة وغالبا ما تكون هذه الأم عاملة. وقد تتعارض مواعيد عمل الأم مع مواعيد مدارس الأولاد فيضطر الأبناء لانتظار أمهم في الشارع مما قد يعرضهم لأخطار الحوادث والانحراف. وهذا بلا شك يؤدى إلي ضياع وقت وجهد الأبناء ويؤثر على تحصيلهم الدراسي كما يؤثر سلبياً علي وظيفة الأم ويعرضها لفقدانها.
وإذا حاولت الأم إصلاح ما أفسده الأب، حماية لمستقبل أبنائها، تجد انه يجب أن تكون حاصلة على حكم بحضانة أبنائها حتى يكون لها حق التصرف في أوراقهم الدراسية . وفى سبيل حصولها على هذا الحكم بالحضانة تضيع سنين دراسية على الأبناء حيث أن اقل فترة تستغرقها دعوى الضم أو امتداد الحضانة هي سنة تقريباً.
ولا يشمل هذا الأمر الأطفال اللاتي هم في سن حضانة الأم فقط إنما يتجاوزهم ليشمل الأطفال اللاتي هم في سن حضانة الأب ولكن حضانتهم الفعلية تكون مع الأم حيث يقوم الأب بالحصول علي حكم بحضانة الأطفال حتى يسقط عنه نفقة الصغار ثم يتركهم في حضانة الأم. في مثل هذه الحالة لا تستطيع الأم علي الإطلاق التصرف في الأوراق الدراسية لأبنائها الذين تركهم الأب وغالباً ما يكون ممتنع أيضاً عن الإنفاق عليهم حيث أنها تكون قد لجأت لرفع دعوى نفقة للصغار ولم ينفذ الأب الحكم فتضطر لرفع دعوى حبس وأحيانا كثيرة يتهرب الأب أيضاً من حكم الحبس.
والسؤال الذي يطرح نفسه هو كيف تترك مستقبل الأبناء في يد أباء لا ينفقون على أبنائهم ويتهربون من مسئوليتهم أو يقومون برفع دعوى تقليل نفقة أو بتوكيل محامى في دعوى الحبس المقامة ضدهم. والغريب في الأمر أن هؤلاء الأباء يقومون بدفع أتعاب للمحامى ولا يقومون بدفع مصروفات أبنائهم. فهل يعقل أن يكون لمثل هذا الأب الحق في تحديد مستقبل أبنائه ويكون نصيب الأم التي ترعى الأبناء هو التهميش والتقليل من شأنها؟
اترك تعليقاً