إنشاء الرهن الرسمي:
نصت المادة (971) على أن الرهن الرسمي عقد به يكسب الدائن على عقار حقًا عينيًا يكون له بموجبه أن يتقدم الدائنين العاديين والدائنين التالين له في المرتبة في استيفاء حقه من ذلك العقار في أي يد يكون.
وهذا النص يعرف عقد الرهن الرسمي، ويتضمن التعريف مقومات الحق الذي يهدف العقد إلى إنشائه وهو حق الرهن الرسمي والواقع أن المصطلح الرهن كما يطلق على العقد يطلق على الحق العيني نفسه، والنص يقابل نص المادة الأولى من القانون الحالي، وقد استبعد من النص الحالي عبارة ” مخصص لوفاء دينه ” الواردة بعد كلمة عقار لأن هذا التخصيص هو الحكم المستفاد من عبارة ” يكون له بموجبه … ” كما أن نص المشروع لم يذكر أن استيفاء الدائن حقه يكون من ثمن العقار، توخيًا للدقة حيث أن الاستيفاء قد يكون من الثمن عندما يباع العقار جبرًا وقد يكون مما يحل محل العقار كالتعويض ومبلغ التأمين ومقابل نزع الملكية للمنفعة العامة.
وتعرض المادة (972) في فقرتها الأولى للرسمية باعتبارها ركنًا في العقد لا ينعقد بغيره، ولم يرَ المشروع أن يحدد الموظف الذي يتولى التوثيق، كما يفعل القانون الحالي الذي ينص على أن يكون الرهن بورقة رسمية موثقة لدى كاتب العدل، وإنما اكتفى بالنص على أن تكون الورقة ” موثقة وفقًا للقانون ” فالأولى ألا يكون تحديد الموظف المختص بتوثيق ورقة معينة في نصوص المدونة المدنية، أما الفقرة الثانية من النص فتعرض لنفقات عقد الرهن فتجعلها على الراهن، إلا إذا اتفق على غير ذلك كأن يتفق على أن تكون على المرتهن أو مناصفةً.
وتعرض المادة (973) للراهن وهو الذي يبرم عقد الرهن بالاتفاق مع الدائن المرتهن وقد يكون هو المدين، وهو الغالب، وقد يكون شخصًا آخر يرهن عقارًا مملوكًا له لضمان الدين وهذا هو الكفيل العيني.
ويعرض نص المادة (974) لحكم الرهن الصادر من غير مالك العقار المرهون، والقانون الحالي ينص في المادة الرابعة على أنه يجب أن يكون الراهن مالكًا للعقار المرهون، ثم ينص في المادة الخامسة على أنه إذا كان الراهن غير مالك فإن عقد الرهن يصبح صحيحًا إذا أقره المالك الحقيقي بورقة رسمية، وقد حذا في ذلك حذو نصوص القانون المدني المصري (م 1032/ 2، 1033). وإذا كان ظاهر عبارة ” يجب أن يكون الراهن مالكًا للعقار المرهون ” يفيد أن رهن ملك الغير يكون باطلاً فإن النص على أن الرهن يصح إذا أقره المالك الحقيقي يفيد على العكس أن الرهن قد انعقد لأن الإقرار لا يرد على معدوم، وقد ساد الرأي القائل إن رهن ملك الغير يعتبر باطلاً بطلانًا نسبيًا وهو ما صرحت به المذكرة الإيضاحية لمشروع القانون المصري حيث أُريد التسوية بين حكم بيع ملك الغير ورهن ملك الغير، ويكون هذا البطلان النسبي على غير مقتضى القواعد العامة، وقد آثر المشروع إعمال حكم القواعد العامة على رهن ملك الغير، فلم ينص على شرط ملكية الراهن للعقار المرهون، ثم بين في المادة (974) حكم رهن ملك الغير وهو عدم نفاذه في حق المالك إلا إذا أقره، على أن يكون الإقرار بورقة رسمية، فإذا لم يصدر إقرار فإن حق الرهن لا يترتب على العقار إلا من الوقت الذي يصبح فيه العقار مملوكًا للراهن.
هذا ولم يأخذ المشروع بالحكم الوارد في الفقرة الثانية من المادة الخامسة من القانون الحالي التي تنص على أن يقع باطلاً رهن المال المستقبل، وهو مأخوذ من نص المادة (1033/ 2) من القانون المصري، وقد أثار هذا الحكم خلافًا حول المقصود برهن المال المستقبل والحكمة من تقرير بطلانه، ففي رأي – وهو ما تفيده المذكرة الإيضاحية للقانون المصري، أنه يُقصد برهن المال المستقبل رهن العقار الغير مملوك للراهن، فهو رهن ملك الغير، ولكن العقار لم يعين بذاته، أما عن الحكمة من تقرير البطلان فهي كما قيل تعارض رهن المال المستقبل مع مبدأ تخصيص الرهن الذي يقتضي أن يكون العقار معينًا بالذات، ولهذا ذهب البعض بحق إلى نقد النص الذي يقرر بطلان رهن المال المستقبل ووجوب استبعاده اكتفاءً بالنص على وجوب تعيين العقار بالذات تعيينًا دقيقًا، وهذا هو ما أخذ به المشروع.
أما المادة (975) فتضع الحكم الوارد في المادة السادسة من القانون الحالي خاصًا بالرهن الذي صدر ممن كان يملك العقار المرهون وقت إبرام الرهن ثم زال سند ملكية الراهن بأثر رجعي، كأن أبطل أو فسخ العقد الذي تملك به، ويقرر النص – على خلاف مقتضى الأثر الرجعي لزوال ملكية الراهن – بقاء الرهن قائمًا لمصلحة الدائن المرتهن إذا كان حسن النية وقت إبرام الرهن أي كان جاهلاً السبب الذي يهدد سند ملكية الراهن بالزوال.
محل الرهن ” العقار المرهون “:
تبدأ المادة (976) في فقرتها الأولى بالنص على أن الرهن الرسمي لا يجوز أن يرد إلا على عقار، ما لم يوجد نص يقضي بغير ذلك، ولم يرد في النص عبارة ” أو حق عيني على عقار ” الواردة في نص المادة (8) من القانون الحالي، لأن الحق العيني الذي يرد على عقار هو عقار وهو ما نص عليه المشروع في الباب التمهيدي ” م 26 “.
واشترطت الفقرة الثانية من النص شرطين في العقار، الأول: أن يكون مما يصح بيعه استقلالاً بالمزاد العلني، فلا يصح رهن ما لا يصح بيعه بالمزاد العلني مثل الأموال العامة والعقارات الموقوفة، وما لا يصح بيعه استقلالاً لا يصح رهنه مثل حقوق الارتفاق، ويلاحظ أن نص المادة (8) من القانون الحالي، مثل المادة (1035/ 2) من القانون المصري – تنص على أنه يجب أن يكون العقار المرهون ” مما يصح التعامل فيه وبيعه بالمزاد العلني ” أما نص المشروع فيختلف من ناحيتين الأولى أنه لم يذكر عبارة ” يصح التعامل فيه ” لأن كل ما يصح بيعه بالمزاد العلني يصح التعامل فيه. والثانية: أن نص المشروع ذكر كلمة استقلالاً بعد كلمة بيعه، والشرط الثاني الذي أورده النص هو: أن يكون العقار معينًا بالذات تعيينًا دقيقًا من حيث طبيعته وموقعه في عقد الرهن ذاته أو في عقد رسمي لاحق، وهذا هو مقتضى مبدأ تخصيص الرهن من ناحية المرهون، وتعرض المادة (977)، وهي تقابل المادة (9) من القانون الحالي لشمول الرهن – بالإضافة إلى العقار ذاته – ملحقات هذا العقار التي تعتبر عقارًا، وبعد أن وضعت الفقرة الأولى المبدأ العام، ذكرت الفقرة الثانية ما يعتبر بوجه خاص من الملحقات، وقد حرص المشروع على النص، بعد بيان هذه الملحقات على أن ذلك كله ما لم يتفق على غيره وهي عبارة غير موجودة في النص الحالي، فليس ثمة ما يمنع من أن يتفق على أن الرهن لا يشمل ملحقات معينة كأحد العقارات بالتخصيص.
وتعرض المادة (978) للرهن الذي يرد على المباني القائمة على أرض الغير، دون الأرض، فتجيزه ثم تبين أثر الرهن إذا هدمت المباني أو إذا آلت إلى مالك الأرض، فيكون للدائن المرتهن أن يتقدم في استيفاء دينه من ثمن الأنقاض في حالة الهدم أو من التعويض الذي يدفعه مالك الأرض إذا استبقى المباني، وهو نفس الحكم الوارد في المادة (10) من القانون الحالي.
وتعرض المادتان (979، 980) للرهن الذي يرد على عقار مملوك على الشيوع، فإذا صدر الرهن من جميع الملاك، سواء كان على كل العقار المملوك على الشيوع، أو على جزء مفرز منه، أو على حصة شائعة، فيبقى الرهن نافذًا أيًا كانت نتيجة قسمة العقار بين الشركاء، بمعنى أن مركز الدائن المرتهن لا يتغير على أثر القسمة.
وإذا رهن أحد الشركاء حصته الشائعة في عقار، كلها أو بعضها ثم حصلت القسمة، فإن كان الرهن واردًا على كل حصة الشريك الراهن فإن الرهن يثقل ما وقع في نصيب الراهن مفرزًا وتتحرر منه الأجزاء التي وقعت في نصيب الشركاء الآخرين، وإن كان الراهن قد رهن بعض حصته كأن كان يملك النصف ورهن الربع، فإن الرهن يثقل جزءًا مما يقع في نصيب الراهن يعادل في قيمته ربع قيمة العقار كله ويعين هذا الجزء بأمر على عريضة ويحتفظ الرهن الذي تغير محله على النحو السابق بمرتبته إذا أُجري له قيد جديد خلال ستين يومًا من الوقت الذي يخطر فيه أي ذي شأن الدائن المرتهن بتسجيل القسمة، إلا أن احتفاظ الرهن بمرتبته على هذا الوجه لا يضر برهن صدر من جميع الشركاء ولا بامتياز المتقاسمين، فإذا كان الجزء الذي اختص به الشريك الراهن في القسمة قد رهنه جميع الشركاء وقيد هذا الرهن بعد قيد الرهن الذي صدر من الشريك على حصته الشائعة فالدائن المرتهن من جميع الشركاء يتقدم على المرتهن من الشريك وهو حكم منطقي لأن الفرض أن وجود الرهن الصادر من جميع الشركاء قد روعي عند إجراء القسمة، كما أن امتياز المتقاسمين يتقدم على الرهن بالرغم من احتفاظ هذا الرهن بمرتبته السابقة على إجراء القسمة. وقد أكمل المشروع نقصًا في القانون الحالي الذي لم ينص في المادة (11/ 1) الخاصة برهن الشريك حصة شائعة، على كيفية تعيين الجزء الذي يتحول إليه الرهن ولا على احتفاظ الرهن بمرتبته ولا على عدم الإضرار بالرهن الصادر من جميع الشركاء وامتياز المتقاسمين.
الدين المضمون بالرهن:
تنص المادة (981) التي تطابق المادة (12) من القانون الحالي على أنه يجوز أن يترتب الرهن ضمانًا لدين معلق على شرط أو دين مستقبل أو دين احتمالي ثم أوردت أهم التطبيقات العملية في هذا الخصوص، فيجوز أن يترتب الرهن ضمانًا لاعتماد مفتوح حيث نكون بصدد دين مستقبل، أو لفتح حساب جارٍ حيث نكون بصدد دين احتمالي، وإعمالاً لمبدأ تخصيص الرهن، من حيث الدين المضمون، والذي يقتضي أن يكون الدين محددًا جعل النص صحة الرهن الذي يترتب ضمانًا لاعتماد مفتوح أو لفتح حساب مشروطة بأن يتحدد في عقد الرهن مبلغ الدين الذي يضمنه الرهن أو الحد الأقصى الذي ينتهي إليه هذا الدين.
وتعرض المادة (982) التي تطابق المادة (13) من القانون الحالي لمبدأ عدم تجزئة الرهن، فكل جزء من العقار أو العقارات المرهونة ضامن لكل الدين وبالتالي إذا باع الراهن جزءًا من العقار المرهون كان للدائن المرتهن أن ينفذ بكل الدين على العقار المبيع ولا يقتصر على جزء من الدين يتناسب مع قيمة هذا العقار، ومن ناحية أخرى، فكل جزء من الدين مضمون بالعقار أو العقارات المرهونة كلها فلو وفى المدين الجزء الأكبر من الدين فإن العقار أو العقارات المرهونة تبقى مع ذلك ضمانة للجزء الباقي من الدين، على أن مبدأ عدم التجزئة هذا لا يتعلق بالنظام العام وبالتالي يصح الاتفاق في عقد الرهن أو في اتفاق لاحق على تجزئة الرهن على نحو ما.
وتعرض المادة (983) الموافقة لحكم المادة (14) من القانون الحالي لتبعية الرهن للدين المضمون، فالرهن لم ينشأ إلا لضمان الدين فيكون تابعًا له، فإذا اتجهت إدارة المتعاقدين عند إنشاء الرهن إلى ضمان دين على أنه موجود ثم تبين أنه غير موجود لأنه مترتب على عقد باطل، كان الرهن نفسه باطلاً بالتبعية، وإذا وجد الدين ثم انقضى لسبب ما انقضى الرهن بالتبعية.
ويكون الرهن تابعًا للدين في صحته وانقضائه ولو كان الراهن غير المدين، أي كفيلاً عينيًا وعلى ذلك يستفيد هذا الراهن من كل ما يؤثر في وجود الدين المضمون وزواله فله أن يتمسك بجميع الأوجه التي يستطيع المدين نفسه أن يتمسك بها وهو يتمسك بهذه الأوجه باسمه هو لا باسم المدين، ولهذا لا يستطيع المدين أن يحرمه من التمسك بوجه من هذه الأوجه.
اعادة نشر بواسطة محاماة نت .
اترك تعليقاً