انعدام الجنسية مشكلة قانونية وليست قبلية
إن المقصود من انعدام الجنسية هي حالة الفرد الذي لا يعتبر مواطنا لأي دولة في العالم، وعلى ذلك يكون معدوم الجنسية مسلوبا صفة المواطنة في الدولة التي ولد فيها وترعرع على أرضها، كما أن هنالك نحو 12 مليون شخص في العالم عديمي الجنسية، مما شكل أزمة إنسانية لهذه الفئة من البشر في العالم، ووضعهم تحت ركام العنصرية، وتعقيد الإجراءات، وعدم تمتعهم ببعض الحقوق في بعض الدول التي يقيمون فيها أو ولدوا على إقليمها.
والمجتمع الدولي سعى إلى مكافحة هذه الظاهرة القانونية والإنسانية من خلال عدة محافل، مثل اتفاقية لاهاي المبرمة في 12 أبريل 1930، وكذلك اتفاقيات الأمم المتحدة الخاصة بحالات انعدام الجنسية عام 1954، وأيضا اتفاقية 1961 التي سعت إلى خفض حالات انعدام الجنسية وحماية الأشخاص عديمي الجنسية حول العالم.
ومن جانب آخر بذلت الدول العربية جهودا لمعالجة انعدام الجنسية من خلال جامعة الدول العربية، بالسعي إلى مكافحة انعدام الجنسية في إبرام اتفاقيتين في عام 1952، والاتفاقية الثانية في عام 1954.
وإضافة لما سبق فموضوع «البدون» هو موضوع قانوني وليس قبليا، والكثير ممن يسعى إلى حل هذه المشكلة يسعى لحلها بالطريقة (التقليدية)، وهذا غير صحيح من الناحية القانونية، باعتبار أن منح الجنسية أو استعادتها يخضعان إلى نص القانون أو الأداة التي يولد بها النص الذي يعالج الظاهرة القانونية.
وعلى ذلك حينما تعالج مثل هذه الظاهرة في أي مجتمع كان، إنما تكون بالأدوات القانونية التي كفلتها العدالة وكافة القوانين الدولية. وموضوع منح الجنسية بالنظام السعودي ليس وليد الساعة، فالمنظم السعودي أخذ بهذه الآلية منذ نظام التابعية الحجازية النجدية، ولم يخرج المنظم السعودي عن التنظيم الدولي للجنسية، بالإضافة إلى أن معدومي الجنسية من أبناء القبائل العربية صدرت في حقهم أوامر ملكية تعبر أن أبناء القبائل التي أصلها ومنشؤها المملكة العربية السعودية وهاجرت ثم عادت إلى الوطن تعاد لهم الجنسية السعودية، ومنهم من اتخذ معه هذا الإجراء، ولكن بقيت فئة معينة منهم في الشمال والجنوب لم تحسن أوضاعهم، مما ترتب على ذلك أزمة إنسانية تستحق المسارعة إلى النظر في وضعهم.
وفي تقديري أن معالجة هذه المشكلة القانونية والإنسانية تكون بعقد اجتماعات أشبه ما تكون بورش عمل بين شيوخ قبائل هذه الفئة وبين الجهات المعنية لتكييف هذه الواقعة، وفق ما تنص عليه الأنظمة المرعية في الدولة، والخلوص بنتائج تعالج إشكالهم القانوني. ونؤكد أن انعدام الجنسية سعت الدول إلى مكافحته من خلال منح من ولد على إقليمها أو المتوطن على إقليمها فترة طويلة من الزمن بشروط ينص عليها قانون الجنسية في تلك الدولة، والمنظم السعودي يأخذ بحق الدم وحق الإقليم، وهذه الفئة لا بد أن تعالج بالطرق التي حددها النظام، وأن التأخر في معالجة وضعها يؤدي إلى انعكاسات سلبية وأزمة إنسانية ستقاسمها مشاكل أمنية واجتماعية في المستقبل.
عبدالله قاسم العنزي
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً